أيها العرب أنقذوا أنفسكم بنصرة سوريا
ملفات متنوعة
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وتمكن إيران وعصاباتها الصفوية فيه، بدؤوا بعد مسرحية تفجير المرقدين في عملية تطهير ديني واسعة ضد أهل السنة، بالتعاون مع الاحتلال الأمريكي الذي كان يستفيد من هذا الأمر بضرب حاضنة المقاومة ضد احتلاله والمتمثلة في أهل السنة ومناطقهم، وكان فيما يبدو أن الاحتلال يدعم مشروع التمدد الصفوي بالعراق، ويشجع عليه في محاولة منه لإضعاف منطقة ما تسمى الشرق الأوسط حتى يسهل بقاء المنطقة تحت سيطرته، لذلك شجع على التطهير الديني الطائفي ضد أهل السنة؛ لخلق أحقاد طويلة بالمنطقة ولتقوية الدولة الصفوية الشيعية على حساب السنة؛ لذلك لم يكن لدى الغرب مشكلة في إعطاء العراق لمن ليس له عدو سوى أهل السنة (النواصب حسب الشيعة) ولا يشكل خطراً حقيقياً استراتيجياً على مصالح الغرب بالمنطقة.
ولكي تسيطر إيران على العراق سيطرة نهائية من دون أن يعكر صفوها شيء قامت بهذه المجازر ضد أهل السنة بيد عصاباتها وميليشاتها التابعة لها على مرأى ومسمع من المسلمين والعرب ولم تتدخل الدول العربية لدعم أهل السنة بالعراق؛ لمواجهة هذا التطهير المنظم من إيران، رغم أنه كان من البديهي أن تتدخل الدول العربية لا من أجل الضمير الإنساني والأخلاقي فقط، بل من أجل مصالحها الإستراتيجية على الأقل، لا سيما أن المجازر أخذت طابعاً غاية بالوحشية والفظاعة واستخدمت فيها أشد أساليب التعذيب والقتل فتكاً وهو ما يميز الصفويين في حقدهم المتوارث عبر الأجيال ويظهر عندما تكون لهم بعض القوة.
لقد تخلى العرب عن مصالحهم ومصالح شعوبهم ولم يحركوا ساكناً من أجل إيقاف المجازر ووقف السيطرة الإيرانية على العراق، وكان من نتيجة هذا الخذلان لإخوانهم وأهلهم وتركهم يلقوا ما لقوه من الصفويين أن ضاع العراق وتوسعت الدولة الفارسية الصفوية على حساب دولة تعتبر من أهم الدول العربية بعد قتل أكثر من مليون وتهجير أضعافهم من أهل السنة وهو ما جعل إيران وعصاباتها الحاكمة بالعراق يشعرون بالنشوة والقوة التي لم يتخيلوا أن يحصلوا عليها منذ قرون طويلة وما حصلوا عليها لولا الدعم الأمريكي لهم وتخاذل المسلمين والعرب عن نصرة أهل السنة.
وبما إن سوريا كانت تعتبر بالنسبة لإيران ولاية تابعة لها منذ سيطرة المجرم حافظ الأسد على الحكم في سوريا، فلم يعد هناك مشكلة تعترض طريقهم وحلم امبراطوريتهم بدءاً بالوجود على أرض الواقع والتوسع من إيران إلى العراق وسوريا فلبنان.. الخ، لكن الرياح جاءت بغير ما يشتهون وذلك باشتعال الثورة في سوريا، وهو ما أربك حساباتهم بعد أن ظنوا أنهم قد سيطروا على المنطقة لذلك قاوموا هذه الثورة بكل ما يستطيعون وأرسلوا عصاباتهم من العراق وإيران ولبنان؛ لدعم ونصرة النظام حتى لا تفشل خططهم ومشروعهم التوسعي الذي لم يكن لينتهي على الأقل إلا باحتلال دول الخليج وقد يتوسع باتجاه مصر أو الدول العربية الأخرى.
فهذا المشروع الصفوي الذي يستهدف السيطرة على المنطقة بأسرها وعلى رأسها الخليج، فهم يعتبرون أن هذه المنطقة هي رأس العالم الإسلامي بالسيطرة عليها تسيطر على العالم الإسلامي ككل، وهذا المشروع لا مشكلة لدول العالم الغربي به بما أنه لا يضر مصالحهم على الأقل بالفترة الراهنة، لذلك حسب مصالحهم ومشروعهم بالسيطرة على المنطقة لا غرابة من كل هذا التشبث الإيراني من أجل بقاء سوريا تحت سيطرتهم، ولكن الغريب فعلاً هو عدم إدراك الأنظمة العربية لهذا الأمر وعدم اهتمامها بدعم الثورة في سوريا بل تعدى إلى السعي لإفشالها من بعض الدول وهو ما ظهر بعدم حضور وزراء الخارجية العرب للاجتماع المخصص لمناقشة تقرير اللجنة إلا من قلة من الوزراء ولا ندري هل هو ضعف أم أنه النظر إلى مصالح وقتية على المصلحة الإستراتيجية أم أنه التواطؤ ضد الشعب السوري وثورته؟!
فمن الغريب جداً أن يصدر بيان الجامعة العربية بهذه الطريقة التي ساوت بين المجرم والضحية بطريقة لا يمكن قبولها ولا تبريرها أبداً وتنم عن عدم احترام لكل المعايير الإنسانية والأخلاقية الشرعية، فضلاً عن الكذب المتعمد بالتقرير فقد كان هذا التقرير داعماً للنظام السوري ومؤكداً على رواية النظام بوجود العصابات المسلحة والإرهاب وأنه النظام هو الضحية مع غض الطرف عن الحد الأدنى من الالتزام الأخلاقي والإنساني تجاه من يعيشون تحت القصف والمجازر المروعة والتعذيب الذي لا مثيل له فعشرات الآلاف من الضحايا بين شهيد وجريح وسجين لا قيمة لهم عند الجامعة العربية، كما أن التقرير ساوى بين انتشار الجيش بدباباته وصواريخه ومدفعيته وقتل الناس بالجوع والبرد والقصف والسجون من جهة، وبين دفاع بعض المنشقين عن الجيش الذين لا يمكلون سوى سلاحاً خفيفاً من أجل حماية أنفسهم من وضع الموت خير لهم من أن يعيشوا فيه.
ونحن إذ نشكر بعض الدول التي وقفت معنا، ولكننا في نفس الوقت نستغرب مواقف معظم الدول، فهم من أجل وقف الثورة في سوريا وخشية وصول رياح الثورة إليهم يضحون بمستقبل شعوبهم وبلادهم والمنطقة كلها بإعطائها لإيران قبل أن يكونوا قد تخلوا عن سوريا وشعبها، فمن الممكن لهذه الدول أن تقوم بإصلاحات جدية بدل محاولة إيقاف الثورة في سوريا وإفشالها في محاولة لوقف قطار الثورة حتى لا يصل إليهم فهم بذلك ينقذون بلادهم وشعوبهم من خطر داهم بدل اهتمامهم بالكراسي التي لا بد وأن تنتهي يوماً ما.
فمن الغريب فعلاً بعد أن تخلى العرب عن أهل السنة بالعراق وتركوا العراق فريسة سهلة لإيران تفعل فيه ما تريد، هم الآن يتركون أهل السنة في سوريا يتم ذبحهم وانتهاك أعراضهم وتعذيبهم وقتلهم بأبشع الطرق على يد عصابات إيران الصفوية من العراق إلى لبنان وهم يقفون موقف المتفرج على ما يصيب إخوانهم ويظنون أنفسهم بعيدين عنه وأن إيران سوف تكتفي بسوريا فقط.
يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّه فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ»، لذا هل تظنون أنكم بعيدين عما يصاب به أهل سوريا من قتل وجوع وانتهاك للأعراض على أيدي الصفويين الحاقدين؟! ألم تسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن خذلان من لا ينصر أخوه المسلم الذي يحتاج إلى نصرته؟! ألا تخشون أن يصيبكم ما أصابنا؟!
فها أنتم اليوم تتركون إخوانكم في سوريا فريسة للمجرمين الصفويين الذين والى بعضهم بعضاً واجتمعوا على أهل سوريا كما تركتم من قبل أهل العراق وتظنون أنفسكم بعيدين عما أصابهم؟ المشكلة الأكبر بالأنظمة العربية الذين يتعاملون مع الوضع في سوريا إما بنصرة النظام الذي يرتكب ما لا يخطر على بال الشيطان من جرائم بحق شعبه ويحاول مسخ عقيدة أهل سوريا وتحويلهم إلى دين الشيعة الصفويين، أو بصيغة الساكت الذي يحاول أن يكون على الحياد في مكان لا موضع فيه للحياد، نقول لمن يدعمون النظام السوري: تظنون أنكم بدعمكم للنظام سوف تكون الثورة بعيدة بلادكم، إنكم تضيعون شعوبكم وبلادكم من أجل مصلحة آنية من وجهة نظركم فقط وتغضون الطرف عن الخطر الإستراتيجي الذي سوف يصيب بلادكم لو فشلت الثورة في سوريا، ألا تنظرون إلى خطر إيران؟! ألا ترون ما فعلوا بأهل السنة بالعراق وسوريا ولبنان؟! فهل ترون أنفسكم بعيدين عما حصل؟! فوالله لتنتهك الأعراض في بلادكم وليصبين أرضكم ورجالكم ونسائكم وأطفالكم ما أصاب أهل سوريا لو تركتم سوريا بيد الصفويين، والله سوف تضيع بلادكم منكم ولكن هذه المرة لن تبقى بيد شعوبها بل سوف تكون بيد الصفويين وسوف يكون لشعوبكم دين غير الدين الذي هم عليه الآن.
ألا ترون أن النظام في سوريا رغم التقرير الذي هو في صالحه كيف يتعامل معكم باستعلاء ويصفكم بالمستعربين والمتآمرين؟! ماذا تنتظرون لتدعموا ثورة أهلكم في سوريا وهي مصلحة إستراتيجية لكم قبل أن تكون نصرتكم أخلاقية أو إنسانية لذلك على الجامعة العربية وخصوصا بعد هذه الإهانة التي تلقتها بعد خطاب الأسد أن تسحب مراقبيها فوراً ودون إبطاء لو كان عندها كرامة؟!
إسحبوا مراقبيكم وانصروا شعب سوريا من أجل دولكم ومن أجل شعوبكم قبل أن يكون من أجل أهل سوريا قبل أن تدور الدائرة عليكم ولن ينفع الندم بعدها فلن يقف الصفويين عند أبواب دمشق.
ونقول للشعوب العربية والمسلمة: ماذا دهاكم؟! ماذا تنتظرون؟! أين المليونيات في دعم أهلكم في سوريا؟! هل هانت عليكم هذه الدماء؟! أين شعب مصر؟! أين أهل تونس؟! أين أهل تركيا؟! أين المسلمين في كل مكان؟! هل دماؤنا أصبحت لا قيمة لها؟! هل أصبحت هذه الدماء ماءاً في نظركم؟! ماذا دهاكم؟! أنقذوا أنفسكم بنصرنا.
أيها العرب: إن نصرة الشعوب المسلمة والعربية لأهل سوريا إنما هو إنقاذ لأنفسهم وبلادهم من أن يصيبهم ما أصاب شعب سوريا فضلاً عن أنه واجب عليهم، فليس لأحد منة وفضل على أهل سوريا بهذه النصرة فلا تقفوا تنتظرون حتى تغرقوا بالدماء التي غرقنا بها.
انصروا أهل سوريا قبل الندم، لا تقولوا لا نستطيع فعل شيء بل تستطيعون فعل الكثير، انصروهم في كل مكان بكل ما تستطيعون بالإنترنت بنشر قضيتهم ونشر مقاطع الفيدو في كل مكان، بالمعارض الخاصة بالثورة وفي تحريض الرأي العام والكتابة بالصحافة، بالدعم المالي في كل ما تستطيعون، وبالمظاهرات والمليونيات الداعمة لشعب سوريا وأهم شيء بالدعاء أكثروا الدعاء لأهل سوريا بالنصر والتمكين.
إن نصرتكم لأهل سوريا هي نصرتكم لأنفسكم وإحياءا لضمائركم قبل أن تكون لشعب سوريا، فأنتم تنقذون أنفسكم وتنقذون دينكم ودنياكم قبل كل شيء وإلا فالله ناصرنا ومعيننا ولا مولى لنا ولا ناصر إلا الله فنحن عليه توكلنا وعليه اعتمدنا ولم نعد نريد نصراً من جامعة الخزي العربية أو من مجلس خوف يتغطى بالجامعة حتى لا يحرجه أحد بإسقاط نظام يحمي إسرائيل ولا نريد إلا أن تنقذوا أنفسكم مما سوف يصيبكم، ونسأل الله أن لا يصيبكم السوء كما أصاب أهل سوريا والحمد لله رب العالمين ناصر المستضعفين هو مولانا عليه نتوكل وإليه المصير.
الكـاتب: حسان العمر
المختار الإسلامي