وقفة مع قول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}

منذ 2024-10-20

موعظة الله تكمن في القرآن، هذه الموعظة التي تُحسِّن للإنسان حياته في الدنيا، وتجعله من أهل الجنة في الآخرة.

يقول الله -عز وجل-: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

الفرح في القرآن محمود أحيانًا، ومذموم أحيانًا؛ يكون محمودًا عندما يفرح الإنسان بما أعطاه الله له من فضل، فيقترن الفرح بذِكْر الله -عز وجل-.

فالذي يفرح بشيء دون شكر الله، يخرج عن حبّ الله له؛  {إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76]. وهذا الكلام مخصّص لمن يفرح طغيانًا بالنعمة، وهو ما يمكن أن أسمّيه بالفرح السلبي الذي ينجم عن البَّطر.

لندخل إلى أجواء الآية كاملةً؛  {إنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي الْقُوَّةِ إذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76] ؛ فهم الذين لا يشكرون الله عند حصولهم على منافع، ولا ينسبون أصل هذه المنافع إلى فضل الله عليهم.  {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود: 10]،  {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإذَا هُم مُّبْلِسُونَ} [الأنعام: ٤٤].

وبذات الوقت فإن الله -سبحانه وتعالى- يدعو إلى الفرح، والفرح هنا يكون عبادةً؛ لأنه استجابة لأمر الله: {فليفرحوا}، لكن ما هو سبب هذا الأمر بالفرح؟

السبب هو:  {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}؛ إذن:  {فَبِذَلِكَ}؛ أي:  {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ} عليهم من خلال دين الإسلام، ومن خلال القرآن.

وجاء عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: «قلت: يا رسول الله أوصني. قال صلى الله عليه وسلم : «عليك بتقوى الله؛ فإنها رأس الأمر كله».

 قلت: يا رسول الله زدني.

قال: «عليك بتلاوة القرآن، فإنه نور لك في الأرض، وذخر لك في السماء» «»[1].

فأنت تفرح لأنك مسلم، وتفرح لأن الله مَنَّ على الإنسان بنزول القرآن الذي يُصلح له حياته. فتحتفي بالقرآن وتُسَرّ به، وينشرح صدرك بالقرآن، تُحِبّ القرآن، وتُحِبّ مَن يُحبّ القرآن. تحمل المصحف بيديك بفرح، تُقبِّله بفرح، تقرأه ووجهك فَرِح، فهو بالنسبة لك أثمن من أثمن كنز في الأرض، وقد أظفَرك الله به بفضلٍ منه، وكان يمكن لك أن تكون محرومًا من ملَّة الإسلام، ومحرومًا من قراءة القرآن؛ فتذكَّر قول ربك:  {فَبِذَلِكَ}؛ بالإسلام والقرآن. والإسلام اكتمل بالقرآن، والقرآن هو كمال الإسلام، وتمَّت به نعمة الله على الإنسان؛  {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

إذن  {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}؛ الفرح هو شعور بالمسرة ينتعش به الإنسان، والفرح ذاته هو فضل من الله على الإنسان، لكن عليه أن يُوظّفه التوظيف القرآني السليم، وذلك هو الفرح الحقيقي الذي يستمتع به ويعيشه الإنسان المؤمن؛ لأنه فرح محمود، إضافةً إلى أنه يكون عبادةً من الإنسان لربه. فيفرح وفي الوقت ذاته يُثيبه الله على فرحه. الفرح هنا هو مشاعر الشكر الإيمانية الصادقة لله -عز وجل-، وهذا الإنسان الذي يفرح في الدنيا  {بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ}؛ فإنه كذلك يفرح في الآخرة عندما يُثيبه الله، ويغفر له خطاياه، ويجعل الجنة من نصيبه؛  {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [آل عمران: 170].

وهذا كله يتحقق للإنسان  {بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ}.

رحمة الله هنا تشمل كل ما يُجنِّب الإنسان العقاب الذي يستحقه نتيجة ارتكابه الذنوب، فبرحمة الله تُغفَر لك ذنوبك التي اقترفتها، وتُمحَى من صحيفتك كما لو أنك لم تقترفها، وبرحمة الله تنجو من مخاطر سبَّبتها لنفسك. فيُمْهِل الله برحمته، ولا يُعاجِل العقاب؛  {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61].

وعن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «إن الله -عز وجل- يبسط يده بالليل ليتوب مُسِيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسِيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها»[2].

 فالمؤمن يغتنم المُهْلة ليُصْلِح، فكم من مذنب ستره الله برحمة الستر، فتاب وأصلح، ومُحِيت عنه ذنوبه، بل إن الله حوَّل ذنوبه إلى حسنات؛ لأن التوبة صادقة، والإصلاح صادق.

ثم اختتمت الآية الكريمة بقوله تعالى:  {هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}؛ {هُوَ}؛ أي: مضمون  {فَبِذَلِكَ}،  {هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} من أموال لا تَستحق أن يفرحوا بها؛ لأن الإنسان حقيقةً لا يعرف إن كان هذا المال ينفعه أو يؤذيه. فكم من ثروة طائلة أدت إلى هلاك صاحبها! ففرحك بالمال يجعلك متمسكًا به، ومتجاوزًا في سبيله حدود الله. أما فرحك بالإسلام والقرآن، فهو فرح جميل؛ لأن الإسلام هو الدين، والقرآن هو الهداية إليه. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه، غير أنه لا يُوحَى إليه. لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجهل مع مَن جهل وفي جوفه كلام الله تعالى»[3].

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن لله أهلين من الناس». قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته»[4].

والآية الكريمة متكاملة مع الآية السابقة لها، وهي: { «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّـمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ» } [يونس: 57].

موعظة الله تكمن في القرآن، هذه الموعظة التي تُحسِّن للإنسان حياته في الدنيا، وتجعله من أهل الجنة في الآخرة.

الموعظة هي تذكير بجمال الخير والحثّ عليه، والإنسان يكون واعظًا عندما تصدر منه الموعظة السليمة.

وخير الوعظ هو وعظ الله، وخير واعظ هو مَن يرشد الناس إلى موعظة الله في القرآن؛  {هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 138] .

فالذي يُصْغِي إلى هذا الوعظ بتعقل ينتفع منه، لكن الذي يستكبر عليه، ويكذّبه يكون خاسرًا؛  {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِـمِينَ إلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82]؛ خسارة عدم الإصغاء الجيد له وعدم الانتفاع به.

والواعظ عليه أن يَعِظ حتى المستكبرين، ثم يدعهم؛  {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: 63].

وإذا سئل الواعظ أسئلةً يجيب عنها بشكل حَسن، ثم ينصرف؛  {ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْـمُهْتَدِينَ} [النحل: 125] .

ورُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها»[5].

إذن، الموعظة هي الإرشاد السليم لتحقيق السلام الداخلي للإنسان أولًا، ثم يكون مسالمًا مع الآخرين، ثم يسلم من العقاب والذل سواء في الدنيا أو الآخرة.

فالذي يتبع موعظة الله -سبحانه وتعالى-، يسلم تمامًا، وتتحسَّن حياته، ويعيش براحة نفس، وهدوء أعصاب، وصفاء ذهن. لا يمرّ عليه يوم واحد إلا ويُقدّم فيه نفعًا لنفسه ولغيره. وكما جاء في الأثر: «المؤمن كالغيث أينما وقع نفع».

فهذه الموعظة الربانية الثمينة، تكمن في القرآن الحكيم، وقد تفضَّل به رب العالمين على عباده؛ فجعله هداية ورحمة وشفاء؛  {وَشِفَاءٌ لِّـمَا فِي الصُّدُورِ}؛ الشفاء هنا هو طرد الوساوس والأدواء النفسية من صدر الإنسان، فيحقق القرآن المجيد راحةً نفسيةً عظيمةً للمؤمن، فينشرح صدره. وإذا كان صدر الإنسان منشرحًا، كان بخير، وانشراح الصدر فضل كبير من الله على الإنسان؛  {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ 1 وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ 2 الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ 3 وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ١ - ٤]. وقد تحقق ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم  بالقرآن الذي أنزله الله على قلبه. ويتحقق للمؤمن الذي يتبع موعظة الله -عز وجل- في القرآن ويتخذها منهاجًا لحياته في كل زمان ومكان.

فالإنسان عندما يقرأ القرآن، أو يستمع إليه، تُشفَى نفسه من الأدواء، كما أخبر الله -عز وجل- في الآية الكريمة؛ فهذا الذكر الحكيم هو  {شِفَاءٌ لِّـمَا فِي الصُّدُورِ}، وطمأنينة للقلوب؛  {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]؛ فاحمل المصحف، وقَبِّله، افتحه، واقرأ، وكل قراءة تَشْفي من وباء نفسي في صدرك، سواء كنت تعلمه أم لا تعلمه.

كل قراءة تحقق طمأنينةً لقلبك، سواء علمتها أو لم تعلمها.

والشفاء هنا بمعنى زوال الكرب النفسي والضيق عنك، لكن إذا ابتعدتَ عن القرآن، عاد إليك؛ لأنه وجد مَنْفَذه إليك بسبب بُعدك عن القرآن، وقُربك من القرآن صرَفه عنك، فإن عدتَ إلى الابتعاد عن القرآن، وجد الكرب النفسي منفذًا إليك كرةً أخرى.

{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: ٤٤]؛ يُرْوَى أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: إني أشتكي صدري. فقال له: «اقرأ القرآن؛ يقول الله تعالى» {وَشِفَاءٌ لِّـمَا فِي الصُّدُورِ}».

هنا يتبين بأن الحالة النفسية الهادئة التي يحققها القرآن، تفيد حتى المصاب بأمراض عضوية. فالتهدئة النفسية تساعد على الشفاء والتقليل من آلام المرض العضوي، كما أن الاضطراب النفسي يبطئ الشفاء، ويفاقم من آلام المرض العضوي، وبالتالي يُتيح له كي يستفحل أكثر وأكثر.

فمريض بأيّ مرض عضوي، يقرأ القرآن، يختلف عن مريض لا يقرأ القرآن، رغم أن الاثنين يتناولان ذات العقاقير الطبية؛ فالأول يكون منشرح الصدر، يدرك بأن الله يمتحنه بالمرض، كما أنه يمتحنه بالعافية، وقد متَّعه كذا سنة بالعافية، فيراجع نفسه عما بدر منه من تقصير عندما كان بعافيته، ويستغفر ربه ويتوب إليه.

يتعلم المؤمن الدروس من المِحَن، فيزداد صلاحًا، يزداد في درجات قُربه من الله -عز وجل-. فكل هذه المزايا تحقَّقت له بفضل الله عليه؛ من خلال تلك المحنة التي اختبره بها، وإضافةً إلى ذلك كله فإن تلك المحنة حملت له ثوابًا.

فقد كانت المحنة في حقيقتها آية حب من الله -سبحانه وتعالى-، له، فيشكر الله على البلاء، كما يشكره على النعماء.

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يقول الرب -عز وجل-: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه»[6].

ربما السائل ينسى أشياء، أو لا يعلم بها حتى يسأل الله، فالإنسان لا يعلم أين يكون خيره، لكن هنا فالله -عز وجل- الذي يعرف خير الإنسان، فإنه -سبحانه وتعالى- يعطي له ما ينفعه، ويصرف عنه ما يؤذيه؛ لأنه منشغل بالقرآن وبذِكْر الله -عز وجل-، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلِّه؛ فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زِدْه؛ فيُلْبَس حلَّة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارْضَ عنه؛ فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ وارق وتُزَاد بكل آية حسنةً»[7].


[1] رواه ابن حبان، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (١٤٢٢).

[2] صحيح مسلم (٢٧٥٩).

[3] رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (٢٠٥٤)، وقال: صحيح الإسناد.

[4] رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (١٤٣٢).

[5] رواه الطبراني في المعجم الأوسط (٣/١٨٠)، وفي سنده مقال.

[6] رواه الترمذي (٢٩٢٦)، وقال: حسن غريب.

[7] رواه الترمذي (٢٩١٥) وقال: حسن صحيح.

__________________________________________________________
 الكاتب: عبدالباقي يوسف

  • 0
  • 0
  • 200
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    هيئة (الأمم المتحدة) في عصر الخلافة - دولة الخلافة تنقض أصول (الأمم المتحدة): • إن (الأمم المتحدة) في حقيقتها ليست أكثر من كائن طاغوتي عاجز، لا حاجة للعالم به، أكثر ما يمكنه تقديمه هو تلبية احتياجات الدول المتجبرة التي يسمونها "كبرى" في نصبها وثنا تجبر الأمم كلها على عبادته وطاعته باسم "الشرعية الدولية"، وفي الوقت نفسه فإنها لا تقيم لهذا الوثن أي اعتبار، كما كان قدامى الطواغيت يفرضون على شعوبهم عبادة أوثان وأصنام لا يلتزمون هم بعبادتها، وذلك بمنحهم أنفسهم ألقابا تربطهم بهذه الآلهة المزعومة، كأخ الإله، أو ابن الإله، أو غير ذلك من الأكاذيب التي اخترعها الطواغيت لتأليه أنفسهم. فهذه الهيئة المعاقة لم تقم -كما رأينا- على أساس الديموقراطية الكفرية التي يراد فرضها على العالم باسم "ميثاق الأمم المتحدة"، بل تقوم على أن الحكم للقوي الذي يعطى له "حق الفيتو" دون سواه فيمنع أي قانون أو قرار يمس مصالحه، أو مصالح حلفائه، كما أن شريعتها الشركية لا تطبَّق إلا على الدول والأمم الصغيرة التي تخرج عن النظام الدولي الجديد الذي صاغه أئمة الكفر، فتلتقي إرادات الدول الطاغوتية الكبرى على اعتبارها "مارقة"، كما حدث مع الطاغوت (صدام حسين) بعد غزوه للكويت. وفي نفس الوقت ليست الأمم التي تمثل أعضاء "الهيئة الدولية" متحدة أبدا، إنما هي أمم متصارعة متنازعة متحاربة، إلا أنها تجعل ميدان نزاعها خارج أراضيها وأراضي منافساتها عادة، حتى إذا ضاقت الأرض بالمنافسة لم يكن هناك بدٌ من انتقال الصراع إلى داخل أراضيهم، وبالتالي نشوب الحرب المدمرة بينهم، حتى إذا ما أعياها تحصيل رغباتها بطريق الحرب جاءت هيئة الأمم لتصدر قرارا بإنهاء الحرب، حفظا لماء وجه هذه الأمم المتحاربة، فيخرجوا من الحرب، دون أن يلحق بهم عار الهزيمة، وتستدعي جنود الأمم المتحدة ذوي القبعات الزرق ليفصلوا بين قواتهم. وإن أكبر أمثلة الفشل الذي تمثله هيئة (الأمم المتحدة) اليوم هو عجزها -والفضل لله- عن توحيد أمم الكفر المنتسبة إليها لقتال الدولة الإسلامية التي تكفر بشريعتها الجاهلية، وميثاقها الوضعي، وقراراتها الطاغوتية، بل وتخرق قوانينها بشكل دائم بهجومها المستمر على أعضاء المنظومة من دول الكفر، وتزيل الحدود التي رسمها على الأرض أئمة الكفر، وكسوها بالقداسة من خلال اعتراف هيئتهم بها، وترفض احترام ما يسمونه استقلال الدول، وإصرارها على تقسيم العالم على أساس الكفر والإيمان، لا على أساس اللون والعرق واللسان والقومية، وفوق كل ذلك تطبّق شريعة وحكما يتناقض تماما مع ما تريد (الأمم المتحدة) بمجالسها وهيئاتها المختلفة أن تجعله شريعة للعالم، بل وتعلن الحرب على أي نظامِ حكمٍ بمجرد خضوعه لهذه الشريعة، ولو بموافقته عليها من خلال التوقيع على مواثيق (الأمم المتحدة)، فإن لم تكن (هيئة الأمم) هذه بقادرة على توحيد أعضائها من دول الكفر على هذا العدو الذي يهددهم جميعا هم وهيأتهم، فعلى أي شيء يمكنها توحيدهم؟! • المصدر: صحيفة النبأ – العدد 15 السنة السابعة - الثلاثاء 15 ربيع الآخر 1437 هـ مقتطف من مقال: هيئة (الأمم المتحدة) في عصر الخلافة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً