كفى بالموت واعظا !

منذ 2024-10-30

إن على المسلم أن يكثر من ذكر الموت حتى تستقيم حياته، وحتى لا ينسى مصيره ومآبه، وحتى لا يطغى في الأرض وينسى لقاء ربه يوم العرض

أيها المؤمنون، عبـاد الله، في صخب هذه الحياة وكثرة مشاكلها وصراعاتها وأحداثها المتتالية والمتسارعة ومخترعاتها ووسائل الترفيه وتقارب الزمان والمكان بين الدول والشعوب والحضارات بسبب تقنية العصر أصبح الكثير من الناس مندهشًا بهذه الحياة، متعلقًا بها، منبهرًا بتقلُّباتها وتحوُّلاتها وإغراءاتها إلى درجة قد تفسد عندها القيم، ويضعف الدين، وتترك العبادات والطاعات، وينسى الإنسان الهدف من خلقه ووجوده في هذه الحياة ومصيره بعد ذلك ولقاءه بربِّه، وهذا ما أصبح واقعًا في حياة الكثير من أبناء أمة الإسلام، وأصبحت المادة هي التي تتحكَّم في حياة البشر، وأصبح الدينار والدرهم والمصلحة الشخصية الضيقة غايتهم سواء كانوا أفرادًا، أو حكَّامًا ومحكومين، أو أحزابًا وجماعات وحتى الدول... عندها تضعف القيم، وتختفي المبادئ، وتفسد العلاقات، وتضيع الحقوق، وتهمل الواجبات، ويظهر الكبر، وينتشر الظلم، ويفتقد المعروف من حياة الناس، ويقل العظماء، ويزداد السفهاء، وعندها لن يكون إلا الشقاء في الدنيا والآخرة ومقت الله وغضبه وسخطه، وهذه هي الغفلة التي حذر الله منها، قال تعالى:  {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} [يونس: 7].

 

لذلك كان من وسائل الإسلام في تربية النفس وتزكيتها وتقويم اعوجاجها ووعظها وإصلاح الخلل الذي قد يعتريها تذكيرها بالموت والرحيل من الدنيا ولقاء المولى سبحانه وتعالى والاستعداد للحساب؛ فالموت ما ذكر في قليل إلا كثَّره، ولا كثير إلا قلَّله، ولا في صغير إلا عظَّمه، ولا في عظيم إلا حقَّره، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بمجلس وهم يضحكون فقال: أكثروا من ذكر هاذم اللذَّات- أحسبه قال:- فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسَّعه، ولا في سعة إلَّا ضيَّقه عليه؛ (حسن لغيره/ صحيح الترغيب للألباني/ 3335).

 

الموت سر الله في خلقه يسلطه على جميع خلقه  {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]، وعقيدة المسلم في الموت أنه أجل الله وسنته في خلقه، وقدره في أرضه وسمائه، وأنه لا يعلم موعده ومتى يأتي ويطرق أبواب العباد وينزع الروح من الأجساد إلا الله، وأن الموت بيد الله، وأنه لا يتدخَّل أحد في تعجيل موت إمرئ أو تأخيره ما لم يأتِ أجله، قال تعالى:  {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]، يروى أن ملكًا من الملوك بنى قصرًا وشيَّده وزيَّنه، ثم إنه دعا الناس لزيارته، وقال لجنوده: من عاب منه شيئًا فأصلحوه، وأعطوه درهمين، فكان الناس يطوفون في هذا القصر وينظرون إلى غرفاته وشرفاته فلم يجدوا عيبًا، فجاء رجل فقير ضعيف في آخر الناس ولمَّا هَمَّ بالخروج من ذلك القصر، سأله الجنود: هل وجدت فيه عيبًا؟ فقال: هذا القصر فيه عيبان، قالوا: ما هما؟ قال: إن هذا القصر لا بد وأن يأتي عليه يوم ويتهدم، وأن صاحبه سوف يموت، فأتوا للملك وأخبروه، فبكى الملك، وذكر حاله، وخرج من هذه الدنيا وقال لهم: دلوني على قصر لا يهدم ولا يموت صاحبه، قالوا: إن هذا أيها الملك لا يكون إلا في الجنة.

 

وهذا هو حال الإنسان في هذه الحياة الدنيا مهما تعمر وتجبر، مهما بنى وأعلى، مهما ملك الدور والقصور، مهما كان عنده من الذرية والأبناء والمنصب والجاه والسلطان، لا بد أن يأتي يوم يرحل عن هذه الحياة الدنيا وينتقل إلى الحياة الآخرة، وهذا هو أمر الله ووعده من أول يوم عاش فيه الإنسان على هذه الأرض، فعندما أهبط الله أبانا آدم وأُمَّنا حواء إلى الأرض قال لهما:  {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36].

 

عبـاد الله، إن على المسلم أن يكثر من ذكر الموت حتى تستقيم حياته، وحتى لا ينسى مصيره ومآبه، وحتى لا يطغى في الأرض وينسى لقاء ربه يوم العرض، والله عز وجل يقول:  {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1، 2]، لقد وقف نبيُّكم محمد صلى الله عليه وسلم على شفير قبر فبكى حتى بَلَّ الثرى، ثم قال: يا إخواني، لمثل هذا فأعدُّوا؛ (السلسلة الصحيحة (1751)، وسأله عليه الصلاة والسلام رجل فقال: من أكيس الناس يا رسول الله؟ فقال: «أكثرهم ذكرًا للموت، وأشدهم استعدادًا له، أولئك هم الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة»؛ (السلسلة الصحيحة (1384).

 

وليحذر المسلم من طول الأمل والتسويف في العمل في هذه الحياة، قال تعالى:  {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: 205-207]، وعلى المسلم أن يحسن الظن بالله وبرحمته مع إحسانه بالقيام بالأعمال والتكاليف الشرعية، حينما أتى بلالَ بن رباح الموتُ قالت زوجته: واحزناه! فكشف الغطاء عن وجهه وهو في سكرات الموت وقال: لا تقولي: واحزناه، وقولي: وافرحتاه؛ غدًا نلقى الأحِبَّة محمدًا وصَحْبَه... ودخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه فقال له: كيف أصبحت يا أبا عبدالله؟ فقال الشافعي: أصبحت من الدنيا راحلًا، وللإخوان مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، ولكأس المنية شاربًا، وعلى الله واردًا، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأُعزِّيها، ثم أنشأ يقول:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي  **  جعلتُ رجائي نَحْوَ عفوِك سُلَّمـــا 

تعاظمني ذنبي فلما قرنتـــــــــهُ  **  بعفوكَ ربِّي كان عفوُك أعظمــــــا 

فما زلتَ ذا عَفْوٍ عن الذنــــــــبِ  **  ولم تزل تجود وتعفو منَّةً وتكرُّما 

 

عبــاد الله، والمسلمون اليوم موقفهم من الموت والاستعداد له على صنفين اثنين: فالصنف الأول هم أهل الغفلة، وهم أكثر الناس، قال تعالى عنهم:  {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: 1، 2]، فنتج عن ذلك فساد الحياة، وظهور الصراعات بين البشر، وضعفت القيم النبيلة، وساءت الأخلاق في النفوس، وارتكبت المحرمات، وسُفِكت الدماء، واستطال الإنسان في عرض أخيه وماله، وقلَّت الأُلْفة والمحبة، وحل محل ذلك التقاطع والهجران، ورد في الصحيحين عن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بمال من البحرين -جزية جاءته من البحرين- فعلم بذلك الأنصار، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلوا معه صلاة الفجر، جاءوا فسلموا عليه، فتبسَّم النبي صلى الله عليه وسلم حين رآهم، وقال: «أظنكم سمعتم بالمال الذي قدم من البحرين» ، قالوا: نعم يا رسول الله، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «أبشروا وأملوا ما يسرُّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم»؛ إذن بسط الدنيا يتبعه غالبًا التنافس عليها ثم الهلاك من أجلها، ويذهب الإنسان صريع الدنيا، وشهيد الهوى.. بل رأينا جرأة عجيبة على حدود الله وسَيْرًا في طريق المعاصي والشهوات، وتهاونًا بالفرائض والواجبات، وظهر الاستكبار في الأرض والظلم والعدوان، فترى المسلم يظلم أخيه المسلم ويعتدي على ماله، والجار لا يأمن جاره، والمسؤول لا يؤدي واجبه، والمؤتمن يخون في أمانته، وظهر الجبن والخوف والنفاق وموالاة الأعداء ظنًّا من هؤلاء أن هذا العمل سيكون سببًا في نجاتهم وبقاء ملكهم وسلطانهم.

 

يأتي هارون الرشيد الخليفة العباسي الذي يتحدَّى السحاب، أرأيت السحاب يتحدَّاها هارون من على شرفات قصره! يقول للسحابة: أمطري حيث شئت فإن خراجك سوف يأتيني، يصرع في مصرع الموت وينظر إلى جيشه ويبكي وهو يقلب وجهه في التراب ويقول: يا من لا يزول ملكه! ارحم من قد زال ملكه. والله عز وجل يقول محذرًا:  {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 115، 116].

 

أيها المؤمنون، عبـاد الله، والصنف الثاني هم أناس أدركوا حقيقة الموت وأنه قدر الله النافذ، فاستعدوا له بالعمل الصالح في الدين والدنيا، فما فرَّطوا في العبادات، وما تهاونوا في الواجبات، وما تجرءوا على انتهاك المُحرَّمات، وإن وقعوا في ذلك فلا ترى منهم إلا توبةً وندمًا واستغفارًا، لم يرهبهم الموت لذاته، ولا لقسوته وكربته، ولا لمفارقة الأهل والأولاد والأموال، ولكنهم خافوا من التقصير والتفريط في حق الله، وفي واجباتهم ومسئولياتهم، ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق: أن أبا مسلم الخولاني المشهور بورعه وزهده وعبادته قد انصرف يومًا إلى منزله فإذا جاريته تبكي، فقال لها: يا بنيَّة، ما يبكيك؟ فقالت: ضربني سيدي ابنك، فدعا ابنه فقال: كيف ضربكِ؟ قالت: لطمني، قال لابنه: اجلس فجلس، فقال لها: الطميه كما لطمكِ، فقالت: لا ألطم سيدي، فقال لها: عفوتِ عنه؟ قالت: نعم، قال: لا تطلبينه في الدنيا ولا في الآخرة؟ قالت: نعم، قال: اذهبي حتى تشهدي على ما تقولين، فدعت رجالًا، فقال لهم أبو مسلم: إن ابني لطمها لطمة، فدعوتها لتقتصَّ من ابني، فأبَتْ أن تقتصَّ، فزعمت أنها قد عفتْ عنه، لا تطلبه لا في الدنيا، ولا في الآخرة، فكذلك؟ قالت: نعم، قال: أشهدكم أنها حرة لوجه الله، فأقبل عليه بعض القوم، فقال: أعتقتها من أجل أن لطمها ابنك، وليس لك خادم غيرها؟ قال: دعونا منكم أيها القوم، ليتنا نفلت كفافًا، لا لنا ولا علينا؛ (تاريخ دمشق 12: 62 63).

 

ولم يلههم ذكر الموت والاستعداد له عن واجبهم ودورهم في تعمير الأرض وبناء الحضارات، والسعي وراء الرزق وطلب العلم، والبحث عن كل جديد، والتأليف والاختراعات وتربية الأبناء والتمتُّع بنِعَم الله في هذه الحياة بالمباح وبما شرع الله.

 

هذا عبدالله بن المبارك العالم العابد الزاهد المجاهد عبدالله بن المبارك، حينما جاءته الوفاة اشتدَّت عليه سكرات الموت ثم أفاق، ورفع الغطاء عن وجهه وابتسم قائلًا: لمثل هذا فليعمل العاملون، لا إله إلا الله، ثم فاضت روحه.

 

وهذا عمر بن عبدالعزيز الحاكم العادل الذي أسَّس دولة عظيمة امتدَّت من الصين شرقًا إلى بلاد الأندلس غربًا، نشر العدل والعلم، وراسل ملوك الأرض، وجيَّش الجيوش، وامتلأت خزائنه بالأموال حتى لم يجدوا من يأخذها وينتفع بها؛ لكثرتها، ومع ذلك ما غفل عن الموت لحظةً، فقد كان غزير الدمع، خائفًا من تقصيره وتفريطه، لما حضرته الوفاة قال لبنيه: يا بني، إني قد تركت لكم خيرًا كثيرًا، لا تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقًّا، يا بني، إني قد خيرت بين أمرين، إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إليَّ، قوموا عصمكم الله، قوموا رزقكم الله، قوموا عني، فإني أرى خلقًا ما يزدادون إلا كثرة، ما هم بجنٍّ ولا إنس، قال مسلمة: فقمنا وتركناه، وتنحينا عنه، وسمعنا قائلًا يقول:  {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83]، ثم خفت الصوت، فقمنا فدخلنا، فإذا هو ميت مغمض مسجى..؛ لذلك ينبغي الاستعداد للموت بالعمل الصالح، وإقامة شرع الله، والاستخلاف في الأرض كما أمر الله:  {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41].

 

فأكثروا - رحمكم الله - من ذكر الموت تستقِم حياتكم، وتوبوا إلى الله توبة نصوحًا قبل نزول الأجل، وأحسنوا العمل، وزوروا المقابر، واعتبروا بحياة أهلها؛ فإنها تُذكِّركم بالآخرة.

 

اللهم ارحم في الدنيا غربتنا، وفي القبور وحشتنا، وارحم موقفنا غدًا بين يديك، واجعلنا من عبادك الذين يستمعون القول فيتَّبِعون أحسنه، هـــذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ:  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

  • 2
  • 0
  • 221
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    ◾اقتباس من افتتاحية العدد 456 في زمن المجزرة • في زمن المجزرة على المسلم أنْ يوقن أنه لا يحدث شيء في أرض الله إلا بعلمه ومشيئته سبحانه، فما يصيب المسلم من محن وجراح مقدّر عليه تماما كما يناله من منح وأفراح، وأنّ المؤمن كما يسعد بالقدر خيره ويشكره، عليه أنْ يرضى بالقدر شره ويصبر عليه وتطيب نفسه به، وقد كشفت الحروب والكروب أنّ لدى الناس مشكلة عميقة في باب الإيمان بالقضاء والقدر، وأنّ المؤمنين بذلك - على وجه اليقين والتسليم - قلة مقارنة بمن يوغلون في الاعتراض على الخالق سبحانه!، قولا وفعلا، بالجنان واللسان والأركان وهذا بحد ذاته مجزرة تفوق المجزرة! إذْ الواجب على المسلم أن يستقبل أقدار المولى سبحانه بالصبر والتسليم والرضى، فنحن خلق الله نتقلب في أرضه وملكه، فالأرض أرضه والملك ملكه، والخلق خلقه، ونحن عبيده، وهذه هي العلاقة بين البشر والخالق، عبودية محضة، من رضي فله الرضى ومن سخط فعليه سخطه.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً