لمحة عن النظام السياسي الإسلامي

منذ 2024-11-01

نعرض في هذه الأسطر موجز لطيف يبين محاسن الإسلام وكماله وعدله وحكمته،وصلاحه لكل زمان ومكان، فالحمد لله على ذلك.

المقدمة : 
بسم الله والحمد لله وبعد، فإن قوام الدول يكون على سياسية خارجية وسياسية داخلية،وأفضل وخير من رسم ذلك منهج القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين.

نعرض في هذه الأسطر موجز لطيف يبين محاسن الإسلام وكماله وعدله وحكمته،وصلاحه لكل زمان ومكان، فالحمد لله على ذلك.

وكما هو معروف أن السياسية الداخلية  تكون داخل حدود الدولة والسياسة الخارجية تكون خارج حدود الدولة،
ونذكر الأهم من ذلك تنبيهاً على غيره .

أولاً - السياسة الخارجية و بعض صورها:
وهي تقوم على  حماية الدولة و المجتمع من العدو الخارجي والإعداد لذلك.

قال تعالى:
{وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ}
[سورة الأنفال ٦٠].

وقد تكلم على معنى هذه الآية المفسرون ومن أحسن الكلام في تفسيرها ما قاله العلامة الفقيه المفسر الأصولي عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره على هذه الآية:
أي ‏ {﴿‏وَأَعِدُّوا‏﴾ ‏ لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم‏.‏ ‏﴿‏مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ‏﴾‏} أي‏:‏ كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي‏:‏ والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير‏.‏ ولهذا قال النبي ﷺ ‏:‏ «(‏ألا إن القوة الرَّمْيُ‏)‏» ومن ذلك‏:‏ الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال،ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏﴿‏وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ‏﴾ ‏ وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته‏.‏ فإذا كان شيء موجود أكثر إرهابا منها، كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها،حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلُّم الصناعة، وجب ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب وقوله‏:‏ ‏ {﴿‏تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْْ‏﴾‏ } ممن تعلمون أنهم أعداؤكم‏.‏ ْ‏ {﴿‏وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ‏﴾‏ } ممن سيقاتلونكم بعد هذا الوقت الذي يخاطبهم الله به { ْ‏﴿‏اللَّهُ يَعْلَمُهُم‏﴾ ‏ْ فلذلك أمرهم بالاستعداد لهم،ومن أعظم ما يعين على قتالهم بذلك النفقات المالية في جهاد الكفار‏.‏ ولهذا قال تعالى مرغبًا في ذلك‏:‏ ‏ {﴿‏وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّه‏﴾ ‏ِ قليلا كان أو كثيرًا ‏﴿‏يُوَفَّ إِلَيْكُمْ‏﴾‏} أجره يوم القيامة مضاعفًا أضعافًا كثيرة، حتى إن النفقة في سبيل اللّه، تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة‏.‏‏ {﴿‏وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ‏﴾ ‏ أي‏:‏ لا تنقصون من أجرها وثوابها شيئًا‏.‏انتهى.

- ومما ينبغي أن يعلم أن الأسلحة التقليدية لم تعد مما يرهب الأعداء تمام الإرهاب فهم يبيعونها على أهل الإسلام.
فلا بد لأهل الإسلام من الاعتماد على أنفسهم وامتلاك أسلحة ترهب الأعداء،
والحكم يدور مع علته وهي إرهاب الأعداء .
قال تعالى: {وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ} .

- ومن ذلك أنه تعالى أمر بأخذ الحذر والاستعداد ،قال تعالى: {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ خُذُوا۟ حِذۡرَكُمۡ}
[سورة النساء ٧١].

وقال : {وَلۡیَأۡخُذُوا۟ حِذۡرَهُمۡ وَأَسۡلِحَتَهُمۡۗ وَدَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡ تَغۡفُلُونَ عَنۡ أَسۡلِحَتِكُمۡ وَأَمۡتِعَتِكُمۡ فَیَمِیلُونَ عَلَیۡكُم مَّیۡلَةࣰ وَ ٰ⁠حِدَةࣰۚ} [سورة النساء  ١٠٢].

ويتبع السياسة الخارجية من عقد المعاهدات والمواثيق وتبادل المصالح وغير ذلك،مما هو مفصل في كتب الفقه.

ثانياً- السياسة الداخلية في الإسلام وبعض صورها :
وأما السياسة الداخيلة فهي راجعة إلى بث الأمن داخل المجتمع والطمأنينة ورد الحقوق وكف المظالم، وحفظ الدين.
ومن أهم الأمور في السياسة الداخلية.

أولاً - حفظ الدين : وفيه اتخاذ كل ما فيه حفظ لدين الناس ،ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه» [رواه البخاري] .

ثانياً- حفظ النفس:لذلك شرع تعالى القصاص،قال تعالى: {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِی ٱلۡقَتۡلَىۖ}
[سورة البقرة ١٧٨].
وقال: {وَلَكُمۡ فِی ٱلۡقِصَاصِ حَیَوٰةࣱ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ}
[سورة البقرة ١٧٩].

ثالثاً- حفظ العقول: ،لذلك شرع الحد على شارب الخمر ،وقال تعالى : {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَیۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَـٰمُ رِجۡسࣱ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ}
[سورة المائدة ٩٠].
وقال النبي عليه الصلاة والسلام:(كل مسكر حرام ) متفق عليه.

رابعاً- حفظ الأنساب: ،لذلك شرع حد الزاني ورجم المحصن.
قال تعالى: {ٱلزَّانِیَةُ وَٱلزَّانِی فَٱجۡلِدُوا۟ كُلَّ وَ ٰ⁠حِدࣲ مِّنۡهُمَا مِا۟ئَةَ جَلۡدَةࣲۖ} [سورة النور ٢].

خامساً- حفظ الأعراض: لذلك شرع جلد القاذف، قال تعالى: {وَٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمۡ یَأۡتُوا۟ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَاۤءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَـٰنِینَ جَلۡدَة}
[سورة النور ٢].

سادساً- حفظ الأموال: وشرع لحفظ أموال الناس ،قطع يد السارق،قال تعالى: {وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوۤا۟ أَیۡدِیَهُمَا جَزَاۤءَۢ بِمَا كَسَبَا نَكَـٰلࣰا مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ} [سورة المائدة ٣٨].

وغيرها من السياسات والأحكام التي فيها مصالح العباد في الدارين وهي مبسوطة في كتب الفقه.

الخاتمة:
من ذلك نعلم أن الإسلام كفيل بجميع المصالح الداخلية والخارجية للمجتمعات بأحسن نظام، وأن الإسلام جاء لصلاح الدين والدنيا، فمن قصره على الدين أفسد الدنيا ومن قصره على الدنيا أفسد الدين والآخرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
_____________________________________________________
الكاتب: يزن الغانم أبو قتيبة.

 

  • 2
  • 0
  • 154
  • عبدالسلام الفرحان

      منذ
    طوبى لكم أيها الغرباء • إن القابض على دينه في زمان تشتد فيه غربة الإسلام كالقابض على الجمر، كما جاء في الحديث النبوي الشريف، وهؤلاء القابضون على دينهم اليوم يعيشون الغربة كما عاشها المسلمون الأوائل، وكيف لا يعيشون الغربة وهم يعيشون زمانا ابتعد أهله عن نور الوحيين، واستطالت فيه أعناق أهل الباطل وانقلبت الموازين وظهرت فيه السنوات الخدّاعات التي أخبرنا بها النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (سيأتي على الناس سنوات خدّاعات يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن، ويُخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة) [أحمد]. وفي الحديث عن الغربة في الدّين سلوى وبلسم وتثبيت لأهلها، الذين يواجهون أشد البلاء، فلعل حديثنا اليوم في هذا المقال يكون مؤنسا لهم ومذكرا، وقد قال ربنا سبحانه: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات]. ◾️ من الغرباء وما صفتهم؟ وردت أوصاف هؤلاء الغرباء في عدة أحاديث عن رسول الله - ﷺ -، فعن أبي هريرة عنه - ﷺ - أنه قال: (بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء) [مسلم]، وفي رواية أخرى قيل: "يا رسول الله، من الغرباء؟" قال: (الذين يصلحون إذا فسد الناس)، وفي لفظ آخر: (يصلحون ما أفسد الناس من سنتي)، وفي لفظ آخر: (هم النزّاع من القبائل)، وفي لفظ: (هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير). قال ابن القيم - رحمه الله -: "ومن صفات هؤلاء الغرباء الّذين غبطهم النّبيّ - ﷺ - التّمسّك بالسّنّة، إذا رغب عنها النّاس، وترك ما أحدثوه، وإن كان هو المعروف عندهم وتجريد التّوحيد، وإن أنكر ذلك أكثر النّاس، وترك الانتساب إلى أحد غير اللّه ورسوله، لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة، بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى اللّه بالعبوديّة له وحده، وإلى رسوله بالاتّباع لما جاء به وحده، وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقّا، وأكثر النّاس بل كلّهم لائم لهم، فلغربتهم بين هذا الخلق: يعدّونهم أهل شذوذ وبدعة، ومفارقة للسّواد الأعظمِ". [مدارج السالكين] ◾️ غربة الإسلام أول نشأته قال ابن رجب - رحمه الله -: "فلما بعث النبي - ﷺ - ودعا إلى الإسلام لم يستجب له في أول الأمر إلا الواحد بعد الواحد من كل قبيلة، وكان المستجيب له خائفًا من عشيرته وقبيلته، يؤذى غاية الأذى، وينال منه وهو صابر على ذلك في الله عز وجل، وكان المسلمون إذ ذاك مستضعفين يشردون كل مشرد ويهربون بدينهم إلى البلاد النائية كما هاجروا إلى الحبشة مرتين ثم هاجروا إلى المدينة، وكان منهم من يعذب في الله ومنهم من يقتل، فكان الداخلون في الإسلام حينئذ غرباء، ثم ظهر الإسلام بعد الهجرة إلى المدينة وعز وصار أهله ظاهرين كل الظهور، ودخل الناس بعد ذلك في دين الله أفواجا، وأكمل الله لهم الدين وأتم عليهم النعمة. وتوفي رسول الله - ﷺ - والأمر على ذلك، وأهل الإسلام على غاية من الاستقامة في دينهم، وهم متعاضدون متناصرون، وكانوا على ذلك في زمن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -" [كشف الكربة في وصف أهل الغربة]. ■ الإسلام اليوم أشد غربة! قال ابن القيم - رحمه الله -: "الإسلام الحقّ الّذي كان عليه رسول اللّه - ﷺ - وأصحابه هو اليوم أشدّ غربة منه في أوّل ظهوره، وإن كانت أعلامه ورسومه الظّاهرة مشهورة معروفة، فالإسلام الحقيقيّ غريب جدّا، وأهله غرباء أشدّ الغربة بين النّاس" [مدارج السالكين]. وقال ابن عقيل الحنبلي - رحمه الله - واصفاً حال أهل زمانه: "من عجيب ما نقدت أحوال الناس كثرة ما ناحوا على خراب الديار وموت الأقارب والأسلاف والتحسر على الأرزاق بذم الزمان وأهله، وذكر نكد العيش فيه، وقد رأوا من انهدام الإسلام، وتشعث الأديان، وموت السنن، وظهور البدع، وارتكاب المعاصي، وتقضي العمر في الفارغ الذي لا يجدي، فلا أحد منهم ناح على دينه ولا بكى على فارط عمره ولا تأسى على فائت دهره، ولا أرى لذلك سببا إلا قلة مبالاتهم بالأديان وعظم الدنيا في عيونهم ضد ما كان عليه السلف الصالح يرضون بالبلاغ وينوحون على الدين" [الآداب الشرعية]. فهذا حال أهل زمانهم وقد مضت قرون على مقالهم هذا، فكيف لو رأوا حال أهل زماننا؟! ماذا عساهم أن يقولوا؟! فالله المستعان. • مقتطف من مقال صحيفة النبأ العدد "455" الخميس 4 صفر 1446 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً