زاد الداعية

منذ 2024-11-01

الدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أُمَمِهم، والناسُ تَبَعٌ لهم...

اعلم - وفَّقك الله إلى ما يحب - أن أعظم وظيفة في الدنيا هي الدعوة إلى الله على بصيرة؛ وذلك لأنها وظيفةُ أشرفِ خَلْقِ الله؛ وهم أنبياؤه ورسله؛ قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]؛ قال الحسن: "هذا حبيب الله، هذا وليُّ الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحبُّ الخَلْقِ إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمِل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، فهذا خليفة الله"، وقال قتادة: "هذا عبدٌ صَدَّقَ قولَه عملُه، ومَولِجَه مَخْرَجُه، وسرَّه علانيتُه، وشاهده مَغيبه، وإن المنافق عبدٌ خالف قوله عمله، ومولجه مخرجه، وسره علانيته، وشاهده مغيبه"؛ (الطبري).

 

قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]؛ قال الإمام ابن القيم: "فلا يكون الرجل من أتباعه حقًّا حتى يدعو إلى ما دعا إليه ويكون على بصيرة...ولأن من دعا إلى الله على بصيرة، فقد دعا إلى الحق عالمًا به...

فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أُمَمِهم، والناسُ تَبَعٌ لهم، والله سبحانه قد أمر رسوله أن يبلِّغ ما أُنزل إليه، وضمِن له حفظه وعصمته من الناس، وهكذا المبلِّغون عنه من أُمَّته لهم من حفظ الله وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم لهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آيةً، ودعا لمن بلَّغ عنه ولو حديثًا، وتبليغ سُنَّتِهِ إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو؛ لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا تقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أُمَمِهم، جعلنا الله تعالى منهم بمنِّه وكرمه، وهم كما قال فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب (الحوادث والبدع) له قال:

الحمد لله الذي امتنَّ على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل؛ بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحْيَوه، وضالٍّ تائه قد هَدَوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هَلَكَةِ العباد! فما أحسن أثرَهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم! يقبلونهم في سالف الدهر، وإلى يومنا هذا، فما نسِيَهم ربك؛ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]، وجعل قصصهم هدًى، وأخبر عن حسن مقالتهم، فلا تقصر عنهم؛ فإنهم في منزلة رفيعة، وإن أصابتهم الوضيعة، وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إن لله عند كل بدعة كِيد بها الإسلام وليًّا من أوليائه، يذُبُّ عنها، وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضورَ تلك المواطن، وتوكلوا على الله"؛ (التفسير القيم).

 

فإذا تبين لك ذلك، فاعلم - يا رعاك الله - أن الداعية يتحمل مسؤولية عظيمة، لا يستطيع النهوض بها إلا بزادٍ، أُشير إلى شيء منه، لعل الله أن ينفعَ به.

__________________________________________________
الكابت: صلاح صبري الشرقاوي

  • 1
  • 0
  • 85
  • عبدالسلام الفرحان

      منذ
    "جهاد" الإخوان والسرورية في سبيل الديموقراطية إن أغلب الفصائل المسلحة الموجودة في ساحة الشام اليوم، ومثلها ما كان موجودا في ساحة العراق سابقا إنما تستقي فكرها ومنهجها بطريقة أو بأخرى من حركة "الإخوان المسلمين"، أو من تيار "السرورية" بوصفه النسخة السعودية المعدلة من الحركة، مهما حاولت هذه الفصائل أن تزعم الابتعاد عنها، وقامت بانتقاد منهجها. وبالرجوع إلى فكر تلك الحركة المنحرفة ومعرفة منهجها، يمكننا تفسير الانحرافات في مناهج الكثير من الفصائل، والتي يعجز حتى أنصارها عن فهم سبب انتكاساتها المفاجئة بالنسبة لهم، ولعل في الانحرافات التي ظهرت من الفصائل خلال "مؤتمر الرياض" وعلى رأسها إقرارهم بالديمو٫قراطية، والدولة المدنية، وغيرها من الكفريات، بعد سنوات من الزعم بأن غاية "جهادهم" هو تطبيق الشريعة الإسلامية مثالًا مناسبًا للبحث. "منهج (حسن البنا) و(سعيد حوى) لا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم" يعتبر (سعيد حوى) واحدا من رموز "الإخوان المسلمين" في العالم كله، لا لكونه كان "المراقب العام للإخوان في سوريا" فحسب، بل لكونه أهم منظريهم خلال ربع القرن الماضي، وواضعا لبعض المناهج التي تدرس في حلقاتهم وأُسرهم على مستوى العالم، ومن خلال كتاباته يمكننا استخلاص البعض من أهم أسس النظرية السياسية عند "الإخوان المسلمين"، وهذه الأسس هي: 3- استبعاد قتال الطواغيت إلا في حال سعيهم لاستئصال الحركة: الأساس الثالث الذي يبني عليه "الإخوان المسلمون"، ومن نهل من فكرهم وعقائدهم وخططهم، هو أن القتال لا يكون إلا إذا أُجبروا عليه من قبل الطواغيت المرتدين أو الكفار الأصليين، وفي ذلك يقول (سعيد حوى): "سرى مفهوم خاطئ أن الجماعات الإسلامية تعد العدة للقتال في كل مكان وهذا ليس صحيحا، إن الحركة الإسلامية الحديثة لا تفكر في القتال إلا في أماكن محدودة لا يكون أمامها من خيار إلا أن تقاتل" [جند الله - تخطيطا، ص33]. وما جرى من محاولات فاشلة لهم للمشاركة في قتال الطواغيت ، كما حدث في الشام، بتطفل قيادة تنظيمهم على الجهاد ضد الطاغوت (حافظ الأسد)، وتقديم أنفسهم أنهم قادة هذا الجهاد، وما حدث في الجزائر بتطفلهم على الجهاد وتشكيلهم "جيش الإنقاذ" وغيره، وادعائهم أيضا قيادة الجهاد في الجزائر، لم يلبثوا أن تراجعوا عنها، ودعوا إلى التصالح مع النظام بشرط فتح المجال أمام عملهم، والعودة إلى الديموقراطية، ومن ثم إلقائهم السلاح إلى الأبد، دون أن يجنوا من محاولاتهم على شيء، بل لم يتحصلوا من الطواغيت حتى على قانون يسهل لهم العودة للنشاط ولو من نقطة الصفر. ▫️ المصدر: صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 11

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً