(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)

منذ 2024-11-09

"موالاةُ المؤمن للمؤمنين جميعا أيا كان مكانهم، من أعظم مُحكمات الإسلام".

موالاةُ المؤمن للمؤمنين جميعا أيا كان مكانهم، من أعظم مُحكمات الإسلام


والموالاةُ: الحُب والنُصرة، والاهتمام بشأنهم، والفرح بما يُصيبهم من خير، والحزن لما يُصيبهم من شر، وإعانتُهم بالدعاء وما يُمكن من دعم، تلك أمورٌ لا ينبغي أن تحتاج تنبيهًا، بل يجب أن يجدها المؤمن الصادق في قلبه تلقائيا، ويظهرُ أثرُها على جوارحه: على لسانه وعينيه، ويتحرك لها.


والمؤمنون جسدٌ واحد، ومن لُطف الله بعباده في المصائب الكبرى النازلة بأُمّة من المسلمين سواء في فلسطين أو سوريا أو تركيا أو الصين أو مصر أو أوروبا أو الصومال أو بورما أو غيرها، أن تجد المؤمنين الصادقين مجتمعين على الموالاة يتجهون بقلوبهم تلقائيا للاهتمام بأمر إخوانهم ورجاء الخير لهم والدعاء لهم والحرص على مساعدتهم.

كلُّ هذا يفعلونه دون تنبيه، ويبذلون ما يستطيعون ثم يرون أنفسهم مُقصرين غاية التقصير، ولا يهنؤون بطعام أو شراب أو راحة وهم يرون إخوانهم في بلاء، يودُّون التخفيف عنهم بأي وسيلة

ولا تعجب وأنت في شدة حرارة تلك المواقف أن تجد أُناسًا من جلدتنا حمقى سفهاء قد حازوا من البرود ما يحول بينهم وبين أن يشعروا بإخوانهم فضلا عن أن يبذلوا لهم شيئا، بل ربما اتخذوا تلك الأمور بسخرية ونُكت، أو استغلّوها لتحقيق مصلحة شخصية، أو تجاهلوها تماما، وودُّوا لو تمُرّ سريعا أو تُنسى، لا يُريدون ما يُعكر صفوهم.. ولو برؤية منشورات وصور! 

وأولئك لو نُوزع أحدُهم شيئا من رفاهيته لحارَب دونه، وهم أشد الناس سخطًا إذا نزل بهم بلاءٌ لكنهم لا يكترثون أبدا لما يُصيبُ إخوانهم. 
 فلا تبتئس بما كانوا يعملون...ولا ترجُ من أولئك خيرا في مثل تلك النوازل، تدري لماذا؟ لأنهم أمواتٌ غيرُ أحياء! 

فاحمدِ الله أنت على حياة قلبك، وسل الله العافية لك وللمؤمنين والمؤمنات
اللهم نج المؤمنين والمؤمنات وأنت أرحم الراحمين
ولا تجعلنا ظهيرا للمجرمين

  • 3
  • 0
  • 120
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    الجهاد على بصيرة - إلّا ليعبدون (3) • كانت بيعة العقبة من أهم العتبات التي عبر بها الرسول عليه الصلاة والسلام إلى مرحلة تكوين الدّولة الإںںںلاميّة بهجرته بعدها من دار الاستضعاف (مكة) إلى دار النصرة ثم التمكين (يثرب)، حيث كان عليه الصلاة والسلام يبحث عن هذه النصرة فيدور في المواسم يقول: (من يؤويني وينصرني حتى أبلّغ رسالات ربي) [صحيح ابن حبّان]، ولكن تلك القبائل كانت تخشى على نفسها ما خشيته قريش من قبولها دعوة هذا النبي عليه الصلاة والسلام (وَقَالُوا إِنْ نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا)، ولم يكن عند هذا النبي عليه الصلاة والسلام ومن معه من المستضعفين في مكّة من المكاسب المتوقّعة ما يغري القبائل لأن تحتمل في سبيل نصرته الخسائر المؤكّدة من عداوة العرب والعجم لها، هذه الخسائر أدركها أصغر نقباء يثرب وهو أسعد بن زرارة رضي الله عنه، فبيّن لهم نتيجة قرارهم في خروج النبي عليه الصلاة والسلام إليهم أن (إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن يعضّكم السيف)، فاستبانت لمن يريد أن يسلك هذا الطريق مكارهه، فلما أرادوا أن يعرفوا ثمرات هذا الطريق الشاق إن هم سلكوه، لم يزد عليه الصلاة والسلام على أن وعدهم بالجنة، فكان عقد البيعة بينهم (تؤووني وتمنعوني قالوا: نعم، فما لنا؟ قال: الجنة)، وبالأسلوب ذاته حذّر أسعد بن زرارة قومه بعد أن بين لهم حقيقة النصرة (فإما أن تصبروا على ذلك وأجركم على الله وإما أنتم تخافون من أنفسكم جبناً فبيّنوا ذلك، فهو أعذر لكم، فقالوا: أمط عنا، فوالله لا ندع هذه البيعة أبداً فقمنا إليه فبايعناه فأخذ علينا وشرط أن يعطينا على ذلك الجنة). فعلى هذه الصفقة الواضحة التي لا غشّ فيها ولا غبن ولا تدليس قامت الدولة الإسلاميّة الأولى، على أن يقدّم المسلمون كل ما لديهم لنصرة دينهم، ولا يطلبوا مقابل ذلك غير الجنّة، مهما كان حجم التضحيات والنفقات التي سيقدمونها. إن قصّة هذه البيعة يجب أن تكون من أهم المنارات للسائر في طريق العبوديّة لله، حتى يتّضح له المقصد، وتستبين له الرؤية، ويستقيم لديه المنهج، فيمشي سويّاً على الصراط المستقيم الذي يؤدّي به إلى الغاية الوحيدة له من كل أعماله في الدنيا وهي الجنّة، ولا يلتفت إلى السبل التي على رأس كلٍّ منها شيطانٌ يدعوه إلى النار. فوضوح الغاية وهي الجنّة والعلم بقيمتها (ألا إنّ سلعة الله غالية، ألا إنّ سلعة الله الجنّة)، ومعرفة السبيل إليها وهو اتباع النبي عليه الصلاة والسلام، هما الضمانة للمسافر في طريق العبوديّة لله ألّا ينحرف في الطريق فينتقل من تيه إلى تيه، وهو يحسب أنّه يحسن صنعاً، وبمقدار التزام العبد بذلك يسهل عليه تجاوز العقبات التي في طريقه (حُفّت الجنّة بالمكاره)، وتجنّب أسباب الانحراف عن هذا الطريق المتمثّلة بالشهوات والشبهات، فمن حصر همّه ببلوغ المراد، اجتهد في البحث عن الطريق الذي يبلغه به، ولم يلتفت لبنيّات الطريق. ويستوي للعابد في ذلك كلّ عمل، من إماطة الأذى عن الطريق حتّى إقامة (لا إله إلا الله)، إذ كلّها درجات يسمو بها في طريق بلوغه الجنّة، وعلى هذا الأساس أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام. فبعد سنوات من العمل في مكّة الذي تركّز على توحيد الله وترسيخه في النفوس، وإعلان البراء من المشركين وفعالهم التي أخرجتهم عن التوحيد، حان الوقت لإقامة دار الإسلام التي سيكون فيها الدين كلّه لله عزّ وجلّ، ولما كانت إقامة هذه الدار ستزيد من حدّة عداء المشركين لهذا الدين ومن رغبتهم في استئصاله، كان من الضروري الانتقال بالمؤمنين من مرحلة إقامة هذا الدين في أنفسهم إلى الاستعداد للدفاع عنه بأنفسهم وأموالهم. • | مقتطف من افتتاحية النبأ العدد (1) السنة السابعة - السبت 3 محرم 1437 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً