أكبر مشكلة في الحياة السياسية العربية المعاصرة

عبد المنعم منيب

يقيمون أي قائد من طرف لسانه وليس من واقع نتائج أفعاله، فلو أجاد إطلاق الشعارات الملتهبة والخطابات الحماسية فهو الزعيم الملهم الخالد الذي لا مثيل له حتى لو كان بلا قدرة على تحقيق شيء

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

 

هناك اشكالية لدى الساسة والجمهور في العالم العربي وهي أنهم يقيمون أي قائد من طرف لسانه وليس من واقع نتائج أفعاله، فلو أجاد إطلاق الشعارات الملتهبة والخطابات الحماسية فهو الزعيم الملهم الخالد الذي لا مثيل له حتى لو كان بلا قدرة على تحقيق شيء منها.

ونحن على هذه الحالة منذ الزعيم أحمد عرابي الذي تسببت قراراته وخططه وأعماله في احتلال الانجليز لمصر منذ 1882 حتى 1954، مرورا بالزعيم مصطفى كامل الذي لم يستطع ان يحرر مصر من الانجليز عبر خطاباته الحماسية ومقالاته الصحفية داخل وخارج مصر ومؤتمراته ومظاهراته الحاشدة على أرض المحروسة.
ثم جاء زعيم الأمة سعد زغلول ليشتهر في 1919 وهو الذي لم يفعل أي شيء أيضا سوى شوية عروض مسرحية وخطب بلاغية تافهة ظلت مصر رازحة تحت الاحتلال الانجليزي معها وبعدها حتى 1954.
وبعده جاء الزعيم الخالد الملهم جمال عبد الناصر صنيعة المذياع والتلفاز وبفضل زعامته فقدت مصر التالي:
-غزة
-سيناء
-السودان
-الغطاء الذهب للجنيه المصري
-80 % من الجيش المصري في 1967.
-العزة والكرامة التي لقت حتفها بعد نزيف حاد في اليمن وسيناء والقدس والضفة الغربية وسيناء وقبلها في السجون والمعتقلات داخل مصر.
وبفضل زعامة جمال عبد الناصر القومية للأمة العربية فقد العرب:
-القدس
-الضفة الغربية
-الجولان السوري
ثم جاء الزعماء بعده تترى كلما جاء زعيم لعن من قبله وادعى أنه الوحيد الذي سيخرج الأمة من وهدتها التي أوقعها فيها الذي قبله، لكن انتهى عصر كل منهم بمزيد من الانسحاق لشعوب العرب والمسلمين حيث ازداد مع كل منهم انحطاط مكانة الشعوب وحالتهم الاقتصادية والاجتماعية وتردوا في هاوية أسحق مما قبله.
 ورغم كل هذا التردي والبؤس فمازال الأغلبية تقيم أي قائد حاكم أو معارض أو داعية او شيخ او رئيس او زعيم او إعلامي أو متصدر في المشهد العام من طرف لسانه، دون أن يضعوا نتائج أعماله في ميزان عدل بمعايير العلمية والموضوعية والواقع المشاهد بالعين، بل حتى الكلام الذي جعلوه معيارهم الوحيد لم يزنوه بميزان الكلام من حيث الصدق والكذب والأمانة والخيانة والعلم والجهل.
فهذا الكلام نفسه الذي ارتكنوا له وارتاحوا لجعله معيارا وحيدا.. حتى هذا الكلام يمتنعون عن وزنه وتقييمه ومقارنته بنظيره وما من بابه بل يعارضون ويهاجمون من يرد تأمله بعين التقييم وميزان العدل.
هل هذه سذاجة أم تقصير أم ركون للراحة بلا عمل حتى لو كان مجرد إعمال للعقل دون حركة الجوارح أم ركون للمعتاد أم نوع من التخدير أم مس من الشيطان أم ماذا؟؟