أمر الله مختلف

منذ 2024-12-11

أمر الله مختلف فهو يأتي في طرفة عين: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}.

فهو يأتي في طرفة عين: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}.

وهو يُقضى في السماء، فلا يخضع لقوانين أهل الأرض، بل هو فوق قدرتهم وتدبيرهم: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض} {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن * يتنزل الأمر بينهن}.

وهو بيد الله وحده، يدبره وحده بمشيئته وحكمته، لا يقضيه غيره: {إن الأمر كله لله} {بل لله الأمر جميعا} {ألا له الخلق والأمر} {يدبر الأمر} {وإليه يُرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه}..

وليس لأحد من الأمر شيئ، لا ملك مقرب ولا رسول مرسل، ولذلك قال الله لأفضل خلقه ﷺ: {ليس لك من الأمر شيء}، وقيل للخليل ﷺ: {يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك}.

وأمر الله إذا قُضي لا يرده أحد: {وكان أمر الله مفعولا} {وكان أمر الله قدرا مقدورا}
وأمره نافذ ولا بد {إن الله بالغ أمره} لا يغالبه أحد {والله غالب على أمره * ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

وكل المخلوقات داخلةٌ تحت أمره، مسخرةٌ به، مفتقرةٌ إلى دوام تدبير الله لها: {والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره}، بل السماء بأسرها والأرض بما فيها، خاضعتان لأمره، لا تقومان إلا به {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره}.

ولا تظهر أمةٌ وتنتصر إلا بأمره: {لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء}
ولا تهلك أمةٌ إلا بأمره: {تدمر كل شيء بأمر ربها} {إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود}.

وأخيرا، فأمر الله هو مما يُري الله به الخلق آثار صفاته، ليتعرفوا بها عليه عند مشاهدتهم تدبيره ذلك الأمر: {يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير  وأن الله قد أحاط بكل شيء علما}.


فالله أكبر! وأمره أكبر!

  • 1
  • 0
  • 167
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    فضائل الرباط في سبيل الله ■ (الأمر بالرباط) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]. قال ابن عباس (رضي الله عنهما): "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} على طاعة الله {وَصَابِرُوا} أعداء الله {وَرَابِطُوا} في سبيل الله" [تفسير ابن المنذر]. وكتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، يذكر له جموعا من الروم، وما يتخوف منهم، فكتب إليه عمر: "أما بعد، فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة، يجعل الله له بعده فرجا، وإنه لن يغلب عسرٌ يسرين، وأن الله يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]" [رواه مالك في الموطأ]. وقال الحسن البصري -رحمه الله- في تفسيرها: "أمَرَهم أن يصبروا على دينهم، ولا يدعوه لشدة ولا رخاء، ولا سراء ولا ضراء، وأمرهم أن يصابروا الكفار، وأن يرابطوا المشركين" [تفسير الطبري]. وقال زيد بن أسلم رحمه الله: "اصبروا على الجهاد، وصابروا عدوكم، ورابطوا على عدوكم" [تفسير الطبري]. وقال قتادة رحمه الله: "أي اصبروا على طاعة الله، وصابروا أهل الضلالة، ورابطوا في سبيل الله {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]" [تفسير الطبري]. وقال محمد بن كعب القرظي رحمه الله: " {اصْبِرُوا} على دينكم، {وَصَابِرُوا} الوعد الذي وعدتكم عليه، {وَرَابِطُوا} عدوي وعدوكم حتى يترك دينه لدينكم" [تفسير ابن المنذر]. في هذه الآية الكريمة أمر بالرباط المعروف في سبيل الله بالثغور كما فسرها عمر وابن عباس من الصحابة رضي الله عنهم، والحسن البصري وقتادة وزيد بن أسلم ومحمد بن كعب من التابعين رحمهم الله. أما الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط"، فالحديث مثل الأحاديث التي فيها "المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله"، و "المهاجر من هجر ما كره الله"، و "الإسلام طيب الكلام وإطعام الطعام"، فهو لا يقصر معنى الرباط على انتظار الصلاة بعد الصلاة ولا يفهم من لفظه أن الحديث تفسير للآية، ولذلك قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره، بعدما روى الحديث عن أبي هريرة: "قوله {وَرَابِطُوا} معناه: ورابطوا أعداءكم وأعداء دينكم من أهل الشرك، في سبيل الله، وأرى أن أصل الرباط: ارتباط الخيل للعدو، كما ارتبط عدوهم لهم خيلهم، ثم استعمل ذلك في كل مقيم في ثغر، يدفع عمن وراءه من أراده من أعدائهم بسوء، ويحمي عنهم من بينه وبينهم، ممن بغاهم بشر كان ذا خيل قد ارتبطها، أو ذا رجلة لا مركب له وإنما قلنا: معنى {وَرَابِطُوا} ورابطوا أعداءكم وأعداء دينكم، لأن ذلك هو المعنى المعروف من معاني الرباط، وإنما توجه الكلام إلى الأغلب المعروف في استعمال الناس من معانيه دون الخفي، حتى يأتي بخلاف ذلك ما يوجب صرفه إلى الخفي من معانيه حجة يجب التسليم لها من كتاب أو خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إجماع من أهل التأويل" [تفسير الطبري]. قال ابن قتيبة رحمه الله: "[أي] ورابطوا في سبيل الله، وأصل المرابطة الرباط: أن يربط هؤلاء خيولهم، ويربط هؤلاء خيولهم في الثغر، كلٌّ يعد لصاحبه، فسمي المقام بالثغور رباطا" [غريب القرآن]. وكثير من الناس لا يميزون بين الرباط والحراسة، فربما يكون المرء مرابطا ولا يكون حارسا، فالمرابط بالثغر ينام ويأكل ويمارس الرياضة ويتكلم مع أصحابه ويقرأ ويصلي قبل نوبة حراسته أو بعدها، وربما يكون مرابطا بالثغر يطبخ لغيره من المرابطين ويخدمهم وينتظر ويستعد لحماية الثغر ضد أي محاولة من الكفار للهجوم، لكن ليس له أي نوبة حراسة لاحتياج المجاهدين له في خدمة أخرى أثناء رباطه إن قرر ذلك أمراؤه، وهو مرابط حتى لو لم تأت نوبة حراسته أو لا تأتي لفترة بعيدة أو لن تأتي أبدا، ما دام ملتزما بها مخلصا فيها إذا جاءت، وهو مرابط حتى لو كان الثغر الذي يحميه هادئا، وإن كان الأجر لحماية الثغور الخطيرة أكبر، والحراسة درجة أعلى من الجهاد أكرمه الله تعالى بها أثناء رباطه، وتجب عليه إذا ما أمره أمراؤه بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" [حسن: رواه الترمذي عن ابن عباس]، ما أعظمه من شرف أن يتعب المرء عينيه في حماية المسلمين! ■ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 19 السنة السابعة - الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1437 هـ مقال: فضائل الرباط في سبيل الله

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً