شرح النووي لحديث: أتدرون ما الغيبة
أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسمعيل عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته» .
شرح النووي:
قوله صلى الله عليه وسلم : «( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فقد بهته )» يقال : بهته بفتح الهاء مخففة قلت فيه البهتان ، وهو الباطل . و ( الغيبة ) ذكر الإنسان في غيبته بما يكره . وأصل البهت أن يقال له الباطل في وجهه ، وهما حرامان . ( لكن ) تباح الغيبة لغرض شرعي ، وذلك لستة أسباب : أحدها التظلم ; فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه ، فيقول : ظلمني فلان ، أو فعل بي كذا . الثاني الاستغاثة على تغيير المنكر ، ورد العاصي إلى الصواب ، فيقول لمن يرجو قدرته : فلان يعمل كذا فازجره عنه ونحو ذلك . الثالث الاستفتاء بأن يقول للمفتي : ظلمني فلان أو أبي أو أخي أو زوجي بكذا فهل له ذلك ؟ وما طريقي في الخلاص منه ودفع ظلمه عني ؟ ونحو ذلك ، فهذا جائز للحاجة ، والأجود أن يقول في رجل أو زوج أو والد وولد : كان من أمره كذا ، ومع ذلك فالتعيين جائز لحديث هند وقولها : إن أبا سفيان رجل شحيح . الرابع تحذير المسلمين من الشر ، وذلك من وجوه : منها جرح المجروحين من الرواة ، والشهود ، والمصنفين ، وذلك جائز بالإجماع ، بل واجب صونا للشريعة ، ومنها الإخبار بعيبه عند المشاورة في مواصلته ، ومنها إذا رأيت من يشتري شيئا معيبا أو عبدا سارقا أو زانيا أو شاربا أو نحو ذلك تذكره للمشتري إذا لم يعلمه نصيحة ، لا بقصد الإيذاء والإفساد ، ومنها إذا رأيت متفقها يتردد إلى فاسق أو مبتدع يأخذ عنه علما ، وخفت عليه ضرره ، فعليك نصيحته ببيان حاله قاصدا النصيحة ، ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها لعدم أهليته أو لفسقه ، فيذكره لمن له عليه ولاية ليستدل به على حاله ، فلا يغتر به ، ويلزم الاستقامة . الخامس أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته كالخمر ومصادرة الناس وجباية المكوس وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به ، ولا يجوز بغيره إلا بسبب آخر . السادس التعريف فإذا كان معروفا بلقب كالأعمش والأعرج والأزرق والقصير والأعمى والأقطع ونحوها جاز تعريفه به ، ويحرم ذكره به تنقصا ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى . والله أعلم .
- التصنيف:
- المصدر:
عبد الرحمن محمد
منذ