فتح الباري: الصلاة بعد الجمعة وقبلها

منذ 2024-12-13

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين

قال الإمام البخاري رحمه الله :

باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها

حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين»

شرح الإمام بن حجر العسقلاني:

قوله : ( باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها ) أورد فيه حديث ابن عمر في التطوع بالرواتب وفيه " وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين " ولم يذكر شيئا في الصلاة قبلها . قال ابن المنير في الحاشية : كأنه يقول : الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه ، لأن الجمعة بدل الظهر . قال : وكانت عنايته بحكم الصلاة بعدها أكثر ، ولذلك قدمه في الترجمة على خلاف العادة في تقديم القبل على البعد انتهى .

ووجه العناية المذكورة ورود الخبر في البعد صريحا دون القبل . وقال ابن بطال : إنما أعاد ابن عمر ذكر الجمعة بعد الظهر من أجل أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي سنة الجمعة في بيته بخلاف الظهر ، قال : والحكمة فيه أن الجمعة لما كانت بدل الظهر واقتصر فيها على ركعتين ترك التنفل بعدها في المسجد خشية أن يظن أنها التي حذفت . انتهى .

وعلى هذا فينبغي أن لا يتنفل قبلها ركعتين متصلتين بها في المسجد [ ص: 494 ] لهذا المعنى . وقال ابن التين : لم يقع ذكر الصلاة قبل الجمعة في هذا الحديث ، فلعل البخاري أراد إثباتها قياسا على الظهر . انتهى .

وقواه الزين بن المنير بأنه قصد التسوية بين الجمعة والظهر في حكم التنفل كما قصد التسوية بين الإمام والمأموم في الحكم ، وذلك يقتضي أن النافلة لهما سواء . انتهى . والذي يظهر أن البخاري أشار إلى ما وقع في بعض طرق حديث الباب ، وهو ما رواه أبو داود وابن حبان من طريق أيوب عن نافع قال " كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك " احتج به النووي في الخلاصة على إثبات سنة الجمعة التي قبلها ، وتعقب بأن قوله : " وكان يفعل ذلك " عائد على قوله " ويصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته " ويدل عليه رواية الليث عن نافع عن عبد الله أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته ثم قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك " أخرجه مسلم . وأما قوله : " كان يطيل الصلاة قبل الجمعة " فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعا لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج إذا زالت الشمس فيشتغل بالخطبة ثم بصلاة الجمعة ، وإن كان المراد قبل دخول الوقت فذلك مطلق نافلة لا صلاة راتبة فلا حجة فيه لسنة الجمعة التي قبلها بل هو تنفل مطلق ، وقد ورد الترغيب فيه كما تقدم في حديث سلمان وغيره حيث قال فيه : " ثم صلى ما كتب له " .

وورد في سنة الجمعة التي قبلها أحاديث أخرى ضعيفة منها عن أبي هريرة رواه البزار بلفظ " كان يصلي قبل الجمعة ركعتين وبعدها أربعا " وفي إسناده ضعف ، وعن علي مثله رواه الأثرم والطبراني في الأوسط بلفظ " كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا " وفيه محمد بن عبد الرحمن السهمي وهو ضعيف عند البخاري وغيره ، وقال الأثرم إنه حديث واه . ومنها عن ابن عباس مثله وزاد " لا يفصل في شيء منهن " أخرجه ابن ماجه بسند واه ، قال النووي في الخلاصة : إنه حديث باطل . وعن ابن مسعود عند الطبراني أيضا مثله وفي إسناده ضعف وانقطاع . ورواه عبد الرزاق عن ابن مسعود موقوفا وهو الصواب . وروى ابن سعد عن صفية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - موقوفا نحو حديث أبي هريرة ، وقد تقدم في أثناء الكلام على حديث جابر في قصة سليك قبل سبعة أبواب قول من قال : إن المراد بالركعتين اللتين أمره بهما النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة الجمعة ، والجواب عنه ، وقد تقدم نقل المذاهب في كراهة التطوع نصف النهار ومن استثنى يوم الجمعة دون بقية الأيام في " باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر " في أواخر المواقيت .

وأقوى ما يتمسك به في مشروعية ركعتين قبل الجمعة عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير مرفوعا 
«ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان»  ومثله حديث عبد الله بن مغفل الماضي في وقت المغرب بين كل أذانين صلاة ، وسيأتي الكلام على بقية حديث ابن عمر في أبواب التطوع إن شاء الله تعالى
  • 3
  • 0
  • 103
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    ابن تاشفين.. يقضي على الطوائف ويبايع الخليفة القرشي • قبل أن يرجع ابن تاشفين إلى المغرب، اجتمع مرة أخرى بملوك الطوائف، ونصحهم ووعظهم وقال كلمته المشهورة: "أصلحوا نياتكم، تُكفَوا عدوكم"، إلا أنهم أصموا آذانهم عن كل نصيحة، وعادوا لسابق عهدهم، فهاجمهم ألفونسو من جديد، وطالبهم بدفع الجزية له، فساءت أحوال الأندلس، وعادت مثلما كانت قبل معركة الزلّاقة. تواردت الأخبار إلى ابن تاشفين عن وضع الأندلس وخضوع أمراء الطوائف للصليبيين، فقرر اجتياز البحر للمرة الثالثة، وخلال عام 483 هـ، سار ابن تاشفين بجيشه إلى أن وصل طليطلة (عاصمة ألفونسو) وحاصرها، لم يشارك أمراء الطوائف -هذه المرة- في جيش المرابطين كما في معركتي الزلاقة وحصن لييط، ولم يساندوه ولم يقدموا له المؤن وما يحتاجه، فاضطر ابن تاشفين لرفع الحصار عن طليطلة لنقص مؤونة جيشه، فنقم على ملوك الطوائف، وأحس بخيانتهم، وتأكد أن بعض ملوك الطوائف أحجموا عن جهاد الصليبيين مجاملة لهم، فقرر وضع حد لمهزلة التفرق والتشرذم، وكثرة الطوائف والفصائل، ولم يكن من دافع يدفعه لجهاد هؤلاء بعد أن ظهرت خيانتهم إلا طاعة لله وغيرة على دينه، وشفقة على المسلمين أهالي الأندلس. ففتح المرابطون -بفضل الله- مدينة غرناطة بعد حصارها شهرين، وأسر المرابطون ملك غرناطة عميل الصليبيين ابن بلقين، واعتقل المرابطون بعدها تميم بن بلقين أمير مالقة. رجع ابن تاشفين إلى المغرب، وأرسل أربعة جيوش إلى الأندلس في الوقت نفسه للقضاء على من تبقى من ملوك الطوائف، فتمكنت الجيوش الأربع -بفضل الله- من الاستيلاء على قرطبة، ووصلوا إلى ضواحي طليطلة، واستولوا على قلعة رباح وقرمونة، فقرر المعتمد بن عباد الاستعانة بألفونسو لقتال المرابطين، فبعث ألفونسو مؤازراته بقيادة الكونت جوميز معه أربعون ألفا من المشاة وعشرون ألف فارس، فدارت بريف قرطبة معركة كبيرة بين الطرفين، كانت نتيجتها فتح إشبيلية عام 484 هـ، أما ابن عباد، فقد وقع أسيرا حقيرا بيد المجاهدين المرابطين، ولم تغن عنه شيئا جيوش الصليب المجيشة التي استعان بها لقتال المسلمين، وهو القائل بالأمس "لأن أكون راعي إبل بصحراء المغرب عند ابن تاشفين، خير من أن أكون راعي خنازير عند ألفونسو"، قال حكمة كتبت بماء الذهب وعمل بنقيضها، بل ووقع في ناقض من نواقض الإسلام، وظاهر المشركين على المسلمين، فكان مصيره أسيرا ذليلا في أيدي المجاهدين. وخلال ثمانية عشر شهرا افتتح ابن تاشفين -بفضل الله- مدن الأندلس كلها: غرناطة، مالقة، جيّان، قرطبة، إشبيلية، ألمرية، بلنسية، بطليوس وجزر البليار، وتمكن ابن تاشفين من القضاء على ملوك الطوائف المتناحرة، وتوحيد الأندلس والغرب الإسلامي. بعد أن قضى ابن تاشفين على ملوك الطوائف أرسل رسالة إلى الخليفة العباسي ببيعته له ذكر ابن الأثير في الكامل، وابن خلدون في تاريخه، والمقري في نفح الطيب وغيرهم، أن ابن تاشفين بعد أن عزم على القضاء على ملوك الطوائف وتخليص الأمة من شرهم، بعث رسائل إلى الخليفة العباسي في بغداد المستظهر بالله، لإبلاغه ببيعته له، واطلاعه على أحوال الأندلس والمغرب الإسلامي، فعُيّن سلطانا على الغرب الإسلامي من الخليفة المستظهر بالله، وكان يُدعى للخليفة العباسي من على منابر الدولة المرابطية. وهكذا، يكون ابن تاشفين قد حطم دويلات الطوائف والفصائل، لأنه أدرك ألّا شوكة للمسلمين إلا بالوحدة تحت راية واحدة، وأن سبب ضعف وهوان الأمة وتكالب الصليبيين عليها تفرقهم وتشتتهم، ولهذا السبب وغيره، سارع ابن تاشفين إلى بيعة الخليفة القرشي، مع كونه ليس محتاجا إليه، إلا أنه استجاب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن الإمامة في قريش، فرحم الله الأمير يوسف بن تاشفين، كاسر الصليبيين وقاهر المرتدين ومقيم دولة المرابطين. ■ المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 19 السنة السابعة - الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1437 هـ من التاريخ: ابن تاشفين.. يقضي على الطوائف ويبايع الخليفة القرشي

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً