غيري نظارتك

منذ 2024-12-19

اجعلي هدفًا ومعنى وغاية لكل عمل أو دور تقومين به واربطيه بالغاية الكبرى من حياتك، وهي رضا الله، وانتبهي لأفكارك وحديثك مع نفسك وغيِّريها، ستتغيَّر حياتك إن شاء الله.

ذهب أحد مديري الإنشاءات إلى أحد مواقع العمل حيث كان العُمَّال يقومون بتشييد مبنى ضخم واقترب من عامل وسأله: ماذا تفعل؟

 

ردَّ العامل بعصبية: "أقوم بتكسير الأحجار الصلبة بهذه الآلات البدائية ثم أرتِّبها كما أمرني رئيس العُمَّال، وأتصبَّب عَرَقًا في هذا الحر الشديد، إنه عمل مرهق للغاية ويُسبِّب لي الضيق من الحياة بأكملها".

 

تركه المدير وتوجَّه بذات السؤال لعامل آخر، فقال: "أنا أقوم بتشكيل هذه الأحجار إلى قطع يمكن استعمالها، ثم أجمعها حسب تخطيط المهندس المعماري، وهو عمل متعب، ومملٌّ حينًا، ولكني أكسب منه قوتي أنا وأسرتي، وهذا أفضل عندي من أن أظلَّ بلا عمل".

 

أما ثالث العُمَّال فردَّ قائلًا وهو يشير إلى الأعلى: "ألا تراني أقوم ببناء ناطحة سحاب؟".

 

كما هو واضح، فاختلاف نظرة كلٍّ منهما إلى عمله ودوره أثَّر في مشاعره نحو العمل؛ ومن ثمَّ أثَّر في سلوكه وأدائه وإنتاجيته؛ وذلك لأن سلوكياتنا مرآة لمشاعرنا وأفكارنا وتصوُّراتنا.

 

فرق كبير بين أنكِ تمارسين دورك كأمٍّ بحب وشغف واختيارًا منكِ؛ لأنك محتسبة الأجر وترك الأثر باعتبار أبنائك مشروعك واستثمارك الأكبر، وبين أن تمارسيه وأنت تشعرين أنك مغصوبة مجبرة عليه، ولستِ ملزمة به فهو-كما تظنين- يستنزفك ويقضي على طموحك الشخصي والمهني.

 

سيشعر الأولاد بالفرق في المعاملة بين الحالتين حتى لو لم تقل الأم هذه المشاعر لهم؛ بل لغة جسدها وانفعالها معهم سيكون فاضحًا لأفكارها، وسيظهر ذلك في فلتات لسانها.

 

وفرق كبير جدًّا بين أن تدخلي على الزواج بنية أن تتخلَّصي من ضغوط الوالدين وتتحرَّري منها، أو لكي تلبسي الفستان الأبيض، أو لأن كل الناس تتزوَّج لو وصلت لسِنِّ الزواج، وبين أن تنوي بزواجك بناء أسرة مسلمة تنفعك في الدنيا والآخرة.

 

سيكون تعاملُك مع الزوج والأسرة في الحالتين مختلفًا تمامًا.

 

فرق كبير بين أن تعملي مُحفِّظة قرآن للأطفال فقط؛ لأنك لم تجدي عملًا غيره تكسبين منه المال، وبين أن تحتسبي أن كل حرف تعلميهم إيَّاه سيكون لك أجْرًا ونورًا يوم القيامة.

 

سيظهر ذلك في أدائها مع هؤلاء الأطفال ولا بد.

 

وهكذا الكثير من الأعمال والسلوكيات التي نقوم بها لو غيَّرنا نظرتنا تجاهها للأحسن ستتغيَّر مشاعرنا؛ ومن ثم أداؤنا لها.

 

أي واقع أنتِ فيه وأنتِ غير راضية عنه، ولا تستطيعين تغييره في القريب العاجل؛ علاقة، زواج، عمل، مرض، ابتلاء، بلد، مسكن وغيرها، إذا حوَّلتِ نظرتك له ونظرتِ من زاوية أخرى ستجدين فيه جانبًا إيجابيًّا ما في ناحية ما، ركِّزي على هذا الإيجابي وحدِّثي نفسك عنه دائمًا واقنعي به، وتعاملي معه باختيار وليس باضطرار، بدل من أن تعتبريه مشكلة اعتبريه تحديًا لنفسك، وفرصة لتنمية قدراتك وتجربة جديدة تخوضينها. وهكذا ستكونين متصالحة مع نفسك ومتكيفة مع ظروفك.

 

وكما قيل في المثل المصري: "اللي يأتيك بالغصب خده بجميلة"؛ أي: إنه إذا كنت مجبرًا على أمر ما ولا تستطيع تغييره فاعتبره اختيارًا منك وطواعية.

 

أنتِ مسؤولة عما تحدثين به نفسك من كلام سلبي أو إيجابي.

 

أنت مسؤولة عن أن تشعري بالسعادة أو التعاسة فيما تقومين به، فتحَمَّلي مسؤولية اختيارك.

 

استمتعي بواقعك وحياتك كما هي، وعيشي اللحظة كما هي، وابحثي عن السعادة فيها ولا تتمني ما ليس عندك.

 

اجعلي هدفًا ومعنى وغاية لكل عمل أو دور تقومين به واربطيه بالغاية الكبرى من حياتك، وهي رضا الله، وانتبهي لأفكارك وحديثك مع نفسك وغيِّريها، ستتغيَّر حياتك إن شاء الله.

________________________________________________
الكاتب: سمر سمير

  • 1
  • 0
  • 113
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    صيدنايا والنفاق العالمي يغلب على السنوات الخدّاعات صبغتان متجذّرتان: صبغة "جاهلية" تصبغ المعتقدات، وصبغة "دجلية" تصبغ سلوك الأفراد والجماعات، ومن ذلك حالة الدجل والنفاق العالمي التي طغت على وسائل الإعلام في قضية سجن صيدنايا، الذي أدارته "الأقلية" النصيرية العلوية الكافرة لعقود، عذبت وقتلت فيه آلاف المسلمين. على مسرح الأحداث، وبغير سابق إنذار، صار الإعلاميون يمثلون دور المندهش والمصدوم من مآسي صيدنايا الجاثم على ثرى الشام لأكثر من ثلاثين عاما؛ وكأنّه كان غيبا كُشف حجابه للتو! وكأنّ جرائم النصيرية أمام الشاشات، أقل بشاعة من جرائمهم في أقبية المعتقلات! أو لعلها صدرت عن نظام وردي كان يرمى الناس بالخزامى وبراميل الورود!! إنه دجل ونفاق عابر للحدود. فهل خفيت على وسائل النفاق العالمي جرائم النشر بالمناشير والقصف بالبراميل والكيماوي وغيرها الكثير، وظهرت فقط جريمة صيدنايا؟! لماذا يحاول الدجالون إقناع الجمهور بأن جرائم صيدنايا كانت "استثناء" وليست سياسة معتمدة لدى سائر الطواغيت؟! لماذا يوهمون الناس أنها كانت "أسرارا تحت أرضية" لم تُكتشف إلا بسقوط الأسد من أعين النظام الدولي؟! وبما إنّ شهية الإعلام مفتوحة هذه الأيام على مآسي الأمة ودموع مراسليه غزيرة؛ فهذا بلاغ إلى جميع وسائل الإعلام المرهفة التي ذرفت دموع النفاق على ضحايا صيدنايا، هل ندلكم على أفرع أخرى لصيدنايا لم تسقط بعد من عين النظام الدولي؟! اذهبوا إلى صيدنايا أفرع لبنان، والأردن، وتركيا، وكلها قريبة؟! ومثلها صيدنايا فرع مصر، وأفرع السعودية والإمارات وبقية دول الخليج، ومثلها أفرع المغرب وتونس وليبيا والجزائر والسودان الجريح. بل اذهبوا إلى أفرع صيدنايا التي تملأ العراق حيث يتعرض فيها أسرى المسلمين لأبشع صور التعذيب والقتل البطيء على أيدي الرافضة الذين صار "عديم الشرع" حارسا لمعابدهم مؤاخيا لحكومتهم الرافضية "الموقرة! في"سوريا الحرة" تماما كما كان عليه الحال في "سوريا الأسد!" بل هل ندلكم على ما هو أقرب إليكم من ذلك كله، اذهبوا إن استطعتم إلى صيدنايا فرع "إدلب! " الذي يُمسي فيه المجاهد أسيرا، ولا يُصبح إلا داخل السجون العسكرية التركية، بعد الاستعانة بمصباح "عدو الدين" للخدمات الأمنية السحرية!! فإن أبيتم هذا وذاك، فاذهبوا إلى أكبر صيدنايا في سوريا، فرع الهول وغويران حيث الأهوال التي تُرتكب جهارا نهارا في أكبر سجون بشرية علنية يقبع فيها آلاف المجاهدين والمهاجرين الأبرار وعوائلهم الأطهار الذين جاهدوا على ثرى الشام منذ الأيام الأولى للثورة وأسقطوا النظام فعليا لولا تدخل طواغيت الشرق والغرب مع "الثوار!" إنّ في كل بلد طاغوت، ولكل طاغوت صيدنايا ولكنه الدجل الإعلامي والنفاق العالمي، إنها شبكات عالمية للاتجار بمعاناة الناس أو الانقلاب عليها بحسب تقلُّب المزاج الدولي! وأضوائه الخضر والزرق!! وللمفارقة، فإنه بينما تتوجه اليوم وسائل الإعلام إلى صيدنايا للتباكي على أسراه؛ كانت ذاتها تتوجه إلى أسرى غويران والهول، لا لتنقل معاناتهم ولا لتتباكى عليهم، وإنما لتتشفّى بمصابهم وتبتزهم وتساومهم على البث الحي!! وتمارس بحقهم أقذر صور الخِسّة الإعلامية! لعلها تظفر بتراجع أو استجداء تسوِّقه للغثاء، فلا تعود إلا خاسئة ذليلة. كانت وسائل الإعلام التي تبكي صيدنايا اليوم تذهب إلى الهول لتمارس التشبيح الإعلامي بحق المؤمنات الصابرات الطاهرات اللواتي دفعن وأزواجهن ضريبة الإيمان والانتصار لإخوانهم الشاميين في جهاد لا يرجون من أحد شكره ولا ذكره. كانت قنوات الدجل تذهب إلى الهول لتقدّم مادة إعلامية تشويهية بحق الأطفال الأسرى! المحتجزين بقرار ورغبة دولية في ظروف قاسية بتهمة "الإرهاب" التي يفرّ منها الخونة اليوم، ويقدّمون لتفاديها كل التنازلات. أسرى الهول وغويران الذين تتنافس الميليشيات الكردية والثورية والتركية على التقرب إلى الصليبيين بإمساك ملفهم وشد وثاقهم!، أسرى الأهوال الذين دأبت الحكومات الصليبية والمرتدة على التحذير من إطلاق سراحهم أو التساهل معهم أو حتى الانشغال عنهم! وهو ما عبّر عنه قبل أيام "سيناتور أمريكي" بقوله: "علينا ضمان عدم إطلاق سراح ما يقرب من ٥٠ ألف سجين من الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا"، محذّرا مُقرًا بأنّ هروبهم "سيكون كابوسا لأمريكا". هذا "الكابوس" لا يطارد أمريكا الصليبية وحدها، بل يطارد أذنابهم المرتدين من الحكومات والميليشيات، ولذلك لا تجد وسائل الإعلام في هذه السجون مادة للاتجار بالمأساة والمعاناة، بل مادة للمزايدة والتشويه والمعاداة ليس للمجاهدين فحسب، بل حتى لنسائهم وأطفالهم، فهؤلاء في عرف القوانين الجاهلية الدولية والثورية "إرهابيون" برتبة أطفال ونساء!! لا تشملهم "الثورة العوراء" ولا "إنسانيتها" الجوفاء. ولكن ما ضرّهم إن لم يشملهم هذا الغثاء؛ إن شملتهم رحمة المولى سبحانه ولطفه وحسن ثوابه، وقد قضى في كتابه: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}، فلن يُضيع عباده الذين هاجروا وجاهدوا وصبروا وأوذوا في سبيله، وسينتقم بعدله من الصليبيين والمرتدين وكل المتورطين في فصول هذه الجريمة التاريخية، بعذاب من عنده أو بأيدينا، فاللهم دبّر لنا فإننا لا نحسن التدبير. ومن مظاهر الدجل الإعلامي الذي رافق سقوط الأسد، تبدُّل سلوك الإعلام الموالي للنظام، حيث أقبل "شبيحة الأسد ثوار" يطبلون للثورة بعد أن كانوا قبل أيام ينبحون عليها، حتى غدا الفرق بين "الثوري" و"الشبيح" إسقاط علم ورفع آخر كلاهما من صنع "سايكس بيكو" فيا لهوان الثورة وهوان إعلامها. من الناحية الشرعية، فإنّ العاملين في وسائل الإعلام النصيرية هم كفار مرتدون محاربون، يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم من المراسلين والمحرِّرين والمصوِّرين و"الممثلين" وكل من له صلة بالمنظومة الإعلامية النصيرية التي عكفت سنوات تناصر الطاغوت وتنافح عنه وتؤيد جرائمه، وإنّ تبديل هؤلاء جلودهم بين ليلة وضحاها من "التشبيح إلى الثورة" يُعد استخفافا بالدماء وإمعانا في الإجرام، وإنّ حكم الإسلام فيهم هو القتل ردَّة جزاء وفاقا لأنهم أولياء وأعوان الطاغوت حكمهم حكمه لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. كما أنّ تصنيفهم إلى إعلاميين "حربيين وغير حربيين" والدعوة إلى محاكمتهم بالقانون هو ضرب من ضروب الجاهلية المتجذّرة، فإنّ القانون هو الذي حماهم وجرأهم على دماء وأعراض المسلمين في عهد "سوريا الأسد، وهو الذي سيكفل حمايتهم في عهد "سوريا الضبع"، وإنّ من عفا عن القتلة والجزارين كسبا لرضى النظام الدولي؛ لن يجرؤ على المساس بمن هم دونهم من الإعلاميين و"الممثلين" الذين رسموا لوحة النظام من قبل! ويرسمون لوحة الثورة من بعد! من خشية النفاق العالي. ◽ المصدر: صحيفة النبأ العدد 474 الخميس 18 جمادى الآخرة 1446هـ المقال الافتتاحي: صيدنايا والنفاق العالمي

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً