وقفات مع الصائمات

منذ 2004-10-16
الحمد لله مقلب الأعوام عام بعد عام , والشهور بعد الشهور والأيام بعد الأيام { يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ } [النور:44] والصلاة والسلام على الهادي البشير , والسراج المنير , وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد :

فمرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام

 

يا حبيباً زارنا في كل عام

قد لقيناك بحب مفعم

 

كل حب في سوى المولى حرام



أختي الصائمة : أطل علينا شهر عظيم , أوله رحمة وأوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار , شهر القرآن والصيام شهر الجهاد والنصر , شهر مضاعفة الحسنات والتوبة والغفران , هو سيد الشهور , فمرحباً به وأهلاً .

أختي الصائمة : في هذه الرسالة وقفات ونصائح , تقبليها من محبة لك , في هذا الشهر الكريم , عل الله أن يتقبل منا ومنك الصيام والقيام إنه جواد كريم .

أولاً : احمدي الله - أختي الصائمة على هذه النعمة العظيمة وهي إدراك شهر رمضان , فشمري عن ساعد العزم واعقدي على التوبة من الآن , وأري الله من نفسك خيراً في هذا الشهر الكريم , فلعلك لا تدركينه في عامك المقبل .


كم كنت تعرف ممن صام من

 

سلف من بين أهل وجيران وإخوان

أفناهم الموت واستبقاك بعدهم

 

حيا فما أقرب القاصي من الداني



ثانياً : لا تكثري من شراء الأطعمة والمأكولات - عند بداية هذا الشهر - كما هو حال كثير من الناس , فشهر رمضان , شهر الصيام , ليس شهر الأكل والشرب واعلمي أنه جعل هناك وجبتان فقط في هذا الشهر , هما وجبتي السحور والإفطار , للتخفيف على العبد , حتى يستطيع أن يقوم بحقوق الله في هذا الشهر من صيام وقيام وتلاوة للقرآن .
وتذكري أن من فوائد الجوع الآتي : صفاء القلب ورقته , كسر الشهوة في النفس , صحة البدن , التفرغ للعبادة , تذكر حال الفقراء والمساكين , شكر النعمة .

ثالثا: اغتنمي هذه الأيام واجعلي هذا الشهر شاهداً لك عند الله يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور , وأري الله من نفسك خيراً , واسألي الله القبول , فإنه علامة على التقوى , قال تعالى { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } [المائدة:27]

رابعاً : لا تجعلي يوم صومك ويوم فطرك سواء فإذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والغيبة والنميمة , وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك .

خامساً : عودي أبنائك على صيام هذا الشهر العظيم , واجعلي بينهم مسابقة لقراءة جزء من القرآن الكريم مع حفظ وجه واحد مع جائزة قيمة لمن يصوم أكثر أيام من غيره .

سادساً: اجعلي نيتك خالصةً لوجه الله الكريم وأنت تقومين بإعداد الإفطار , واحتسبي عند الله تعالى أجر تفطير الصائم وإن كان زوجك وأبنائك وأفراد عائلتك فإن العمل بالنية , لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى » وقوله : « من فطر صائماً كان له مثل أجره ...»

سابعاً: اجعلي لك رفيقاً دائماً وأنت في داخل المطبخ للطهي وإعداد الطعام , ألا وهو : جهاز المذياع , حتى تنتهي من إعداد الإفطار وأنصتي بجميع جوارحك لما يقال فيه من الخير العظيم في إذاعة القرآن الكريم . فهذه الإذاعة المباركة تقدم العلم النافع , وتنتقل بك من روضة إلى روضة , ما بين تلاوة وحديث وفتوى - من عالم -ونصائح وفوائد , يقول سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : ( أنصح جميع المسلمين باستماع برامج إذاعة القران الكريم , لأن فيها نفعاً وخيراً كثير...)

ثامناً: احذري - أختي الصائمة -من العكوف على القنوات الفضائية التي يزيد شرها في هذا الشهر الكريم والتي تبث الأفلام والمسلسلات الهابطة والفوازير الماجنة , حيث تذهب بروحانية الصيام , قال تعالى : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } [الإسراء:36] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع » منها : « وعن عمره فيم أفناه » .

تاسعاً: حاولي جاهدة الانتهاء من إعداد الإفطار قبيل الأذان بربع ساعة , واجعليها لقراءة القرآن والدعاء والاستغفار , فإن للصائم في هذا الوقت دعوة لا ترد . ولا تنسي أولادك وأهل بيتك وجميع المسلمين من صالح دعائك .

عاشراً: عجلي بالإفطار بعد غروب الشمس مباشرة لحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور » [ رواه البخاري ومسلم ] , ولا تغفلي عن البسملة قبل الأكل , وأفطري على تمر إن تيسر ذلك , ثم رددي مع المؤذن ما يقول , واسألي الله الوسيلة والفضيلة لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم .

الحادي عشر : لا تكثري من الأكل , لأنه يثقل البدن ويدعو إلى التكاسل عن العبادة وصلاة التراويح وقيام الليل .

الثاني عشر : بادري إلى مصلاك بعد سماع أذان العشاء , فصلي الفريضة وما كتب الله لك من صلاة التراويح .

الثالث عشر: جاهدي نفسك في هذا الشهر واجعلي لك ساعة من الليل لصلاة التهجد والقيام في وقت هجع فيه الأبناء , وهدأ المنزل من الضوضاء .

ولا بأس بأن تمسكي بالمصحف للقراءة منه , وناجي رب البريات وخالق الأرض والسماوات , وانطرحي بين يديه واسأليه العفو والصفح ومغفرة الذنوب , والثبات على الحق حتى تلقينه , فرب دعوة صادفت باباً من السماء مفتوحاً نال صاحبها سعادة الدارين .

الرابع عشر : اجتنبي - أختي الصائمة - التطيب من طيب تظهر رائحته , إذا كنت ممن يذهب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح , وكذلك الحذر من عدم التستر في اللباس , لأن بعض النساء - هداهن الله - يخرجن إلى صلاة التراويح وهن متبرجات متعطرات , وقد أبدين بعض مفاتنهن .

والمرأة المسلمة مأمورة بالتستر والحجاب الكامل , فما بالك بمن خرجت للصلاة في هذا الشهر الكريم .

الخامس عشر : في العشر الأواخر من رمضان ليلة هي خير من ألف شهر , ألا وهي : ليلة القدر , وقال تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } , وهي في الأوتار كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم , أي ليلة ( 21- 23 25-27 29 ) , ومع ذلك فإن كثير من النساء - هداهن الله - يضيعون هذه الليالي العظيمة في الأسواق , لشراء ملابس العيد أو حلوى العيد , وهذا من الجهل والخطأ , فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله عليه الصلاة والسلام .

السادس عشر: لا تتكاسلي إذا جاءك العذر الشرعي فأنت منهية عن الصيام والصلاة فقط , أما الأعمال الأخرى ( فلست منهية عنها ) , من دعاء وذكر الله , وتسبيح وتهليل واستغفار .
( ملحوظة: قد تحيض البنت وعمرها تسع سنوات, فيجب عليها الصيام عند ذلك , ولا ينتظر إلى أن تبلغ خمس عشرة سنة من عمرها ) .

السابع عشر: إياك من النكوص والعودة إلى المعاصي التي كنت عليها قبل رمضان , فلا تكوني مثل التي { نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً } [النحل:92] , وتذكري ما كنت تعملينه من صيام وصلاة وتلاوة قرآن وإخبات إلى الله , تذكري روحانيات رمضان وكيف كنت تعيشين في سعادة وطمأنينة وعيشة هنيئة , فكيف تريدين العودة إلى حياة الشقاء والضنك , وصدق الله إذ قال : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طـه:124] .

واعلمي - أختي الصائمة - أنك قد تتخطفك يد المنون وأنت قد خنت العهد مع الله , بعد أن أعلنت التوبة إليه , وبكيت بين يديه , فنعوذ بالله من الحور بعد الكور .

الثامن عشر: عليك بالقضاء بعد رمضان حتى تدركي صيام ستة أيام من شوال , لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : « من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر » (البخاري ومسلم).

أخيراً : أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياك ممن تقبل الله منه الصيام والقيام , وأن يجعلنا من عتقائه من النار , وأن لا يجعل هذا العام آخر عهدنا برمضان , إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المصدر: موقع صيد الفوائد
  • 3
  • 0
  • 23,138
  • أم حذامى

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني النصائح التي ضمت المقالة وأسأل الله للأخت خير الجزاء.
  • ابو يوسف

      منذ
    لم يعجبني: جزاكم الله خيرا اريد ان انبه على حديث رمضان اوله رحمة واوسطه مغفرة واخره عتقا من النار فقد قال عنه العلامة الشيخ/ الالبانى رحمه الله انه حديث منكر

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً