حادثة الإسراء والمعراج....
ثم صعد النبي ﷺ إلي سدرة المنتهي وهو المكان الذي لم يصل إليه أحدا من قبله، ورآي فيها ثمار ليست كالثمار ورآي أربعة أنهار نهرين ظاهرين وهما النيل والفرات
- التصنيفات: السيرة النبوية -
أ - شيرين حسن محرم
الإسراء والمعراج حدثت للنبي ﷺ في ٢٧ من شهر رجب من السنة الثانية عشر للبعثة، وكانت بمثابة تسرية ومناجاة وجبر خاطر للنبي ﷺ ، لِما قابله من حزن علي وفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وعمه أبو طالب، وعلي ما قابله من إيذاء وأسي في قومه وخاصة بعد رحلة الطائف....
فكانت رحلة الإسراء والمعراج عوض من الله لنبيهﷺ ليطمأنه أنه إذا كان هؤلاء القوم قد صدوك فإن الله يُرحب بك في أعلى مكان وأن جميع الانبياء يقتدون بك، وأراد الله أن يُريه آياته في الأرض والسماء فري ما لم يراه احدا من قبله....
الإسراء هي الرحلة الأرضية التي حدثت للنبيﷺ ليلاً حيث أسري به من مكة المكرمة إلي المسجد الأقصي ببيت المقدس مع جبريل عليه السلام فركب دابة البراق وهي دابة أصغر من الفرس وأكبر من الحمار.. وعند وصوله إلي بيت المقدس صور الله له الأنبياء بصورهم لكن الروح لايعلم بها إلا الله وصلي بهم جميعاً، وهنا يأتي سؤال كيف صلي النبي بهم والصلاة لم تكن فرضت بعد؟
فنقول أن النبي ﷺ كان يُصلي ويتعبد وأن الصلاة كانت موجودة ولكنها لم تكن مفروضة وجوباً علي الأمة ولا كم عددها ولا كيفيتها... فكل ذلك فُرض في رحلة المعراج...
والمعراج هي رحلة النبي ﷺمن الأرض إلي السماء..ومر علي السماء الأولي رآي نبي الله آدم عليه السلام، والسماء الثانية رآي نبيا الله يحيي وعيس عليهما السلام، والسماء الثالثة رآي نبي الله يوسف عليه السلام، والسماء الرابعة رآي نبي الله إدريس عليه السلام، والسماء الخامسة رآي نبي الله هارون عليه السلام، والسماء السادسة رآي نبي الله موسي عليه السلام فسلم عليه، السماء السابعة رآي أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام....
وجميعهم أقروا بنبوة سيدنا محمد ﷺ وأنه أخر الأنبياء والمرسلين ، ثم صعد النبي ﷺ فوق السماء السابعة وكلمه الله وفرض عليه وعلي أمته الصلاة خمسين صلاة في اليوم والليلة، فخضع النبي لأمر ربه ثم نزل إلي السماء السادسة فإذا بسيدنا موسي يسأله كم فرض عليك ربك؟ فقال فرض علي الأمة خمسين صلاة، فرد عليه نبي الله موسي أرجع إلي ربك فسأله التخفيف عن أمتك فإنهم لا يطيقون ذلك، فالتفت سيدنا محمد لجبريل يشاوره فوافقه فرجع إلي ربه يسأله التخفيف ففرضها أربعين....
ونزل إلي سيدنا موسي فسأله مرة أخري كم فرض عليك ربك؟ فقال أربعين، فقال له أرجع فسأله التخفيف وهكذا، إلي أن فرضها الله خمس صلوات في اليوم والليلة....
فنزل سيدنا محمد ﷺ إلي سيدنا موسي فقال له أرجع إلي ربك فسأله التخفيف، فرد عليه نبينا لقد رجعت ربي إلي أن استحييت لقد كانوا خمسين وخففها إلي خمسة ولكنها خمسين في الثواب والأجر.... ولهذا كانت الصلاة عماد الدين وأهم ركن بعد الشهادة لكونها فُرضت علي الأمة من فوق سبع سماوات....
ثم صعد النبي ﷺ إلي سدرة المنتهي وهو المكان الذي لم يصل إليه أحدا من قبله، ورآي فيها ثمار ليست كالثمار ورآي أربعة أنهار نهرين ظاهرين وهما النيل والفرات ونهرين باطنين وهما نهرين في الجنة....
ثم رُفع له البيت المعمور وهو البيت المعظم في السماء ويدخل فيه كل يوم سبعون ألف ملك يُصلون ويخرجون ولا يرجعون إليه إلي يوم القيامة، ثم أُعطي للنبي ﷺ إناء به خمر وإناء به لبن وإناء به عسل وأمر بالشرب من واحد منهم فاختار النبي ﷺ اللبن فقيل له هُديت وهُديت أمتك للفطرة...
ثم هبط النبيﷺ إلي الأرض وأكمل نومه وفي الصباح كان جالساً يُفكر بما مر به فإذا بأبي جهل يمر عليه فحكي له النبي أنه أسري به البارحة من مكة لبيت المقدس فتعجب أبو جهل وقال له: ذهبت ورجعت في نفس الليلة؟ قال النبي: نعم... فأخذ أبو جهل يجمع الناس فحدثهم النبي بما مر به في ليلة الإسراء والمعراج، فأخذوا يضحكون ويضربون رؤسهم من شدة الضحك، فقالوا له صِف لنا بيت المقدس وهم يعرفون جيداً أنه لم يذهب إليه قط، فوصف النبي ﷺ بيت المقدس وصفا دقيقاً فصدقه من ذهب إليه منهم، وذهب بعض الناس إلي أبي بكر فقال سمعت ما يقول محمد فهو يزعم أنه ذهب إلي بيت المقدس ورجع في نفس الليلة.... فقال أبي بكر لو كان قال فلقد صدق ولهذا سمي أبي بكر بالصديق....
ولقد حكي لنا القرآن الكريم هذه المعجزة العظيمة في سورة الإسراء فقال تعالي:
{«سِبًحًآنِ آلَذِيَ أسِريَ بًعٌبًدٍهّ لَيَلَآ مًنِ آلَمًسِجّدٍ آلَحًرآمً إلَيَ آلَمًسِجّدٍ آلَآقُصّيَ آلَذِيَ بًرکْنِآ حًوٌلَهّ لَنِريَهّ مًنِ آيَآتٌنِآ إنِهّ هّوٌ آلَسِمًيَعٌ آلَبًصّيَر»} الإسراء (١)....