الإخلاص
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
الإخلاص موضوع في غاية الأهمية كي ُتقبل أعمالنا عند الله عز وجل.
قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام :162].
فالإخلاص روح العمل، فعمل لا إخلاص فيه كجسد لا روح فيه، فهو بمنزلة الروح من الجسد.
فهدف كل إنسان مسلم أن يعمل صالحا ً ويدخل الجنة، إذا ً لابد له من الإخلاص كي ُيقبل عمله ويفوز بالجنة قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك:2]، ولم يقل سبحانه أكثر إنما قال أحسن، فالعبرة بالنوع وليس الكم وقد ذكر المفسرين في قوله سبحانه أحسنُ عملا أي: ما كان خالصًا صوابًا.
لذلك ذكر العلماء شرطين لقبول العمل وهما:
1- الإخلاص (وذلك بأن يقصد بالعمل وجه الله سبحانه).
2- والمتابعة (بأن يكون العمل موافقاً للكتاب والسنة وليس بدعة).
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ً ليس عليه أمرنا فهو رد» (رواه البخاري).
وقد عرف العلماء الإخلاص لغة ً: بالشيئ الخالص إذا صفي من الشوائب التي يمكن أن تشوبه فسمي َ خالصاً.
أما شرعا ً: فهناك عدة أقوال لأهل العلم فمنهم من قال:
- إفراد الله بالقصد في الطاعة.
- ومنهم من قال: تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين وإعجاب الفاعل بنفسه.
- ومنهم من قال: استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن.
- ومنهم من قال: أن لاتطلب على عملك شاهدا ً غير الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» (رواه مسلم) وفي رواية النقي.
ومعنى النقي: الخالي من الحسد والحقد، ومعنى الخفي: الذي ُيخفي حسناته كما يخفي سيئاته.
وقد أثر عن ابن المبارك رحمه الله أنه قال: "قل لمن لم ُيخلص لا تتعب".
"فالعمل بلا إخلاص كالمسافر الذي يملأ الجراب ترابا ً فهو ُيتعبه ولا ينفعه".
وقد قال ابن كثير رحمه الله: "تعلموا النية فهي أبلغ من العمل، لأنها تبلغ بصاحبها ما لا يبلغه عمله".
كما قال أحد السلف: وددت لو كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يقعد في تدريس أعمال النيات، فإنه ما أوتي على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: "كل شيئ أظهرته من عملي لا أعده شيئا ً لعجز أمثالنا عن الإخلاص إذا رآه الناس" -وهذا من تواضعه رحمه الله-.
أمثلة على الإخلاص:
1- الإخلاص في النية.
2- الإخلاص في الوضوء.
3- الإخلاص في الترديد مع المؤذن.
4- الإخلاص في الصلاة.
5- الإخلاص في الصيام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام يوما ً في سبيل الله باعد الله وجهه من جهنم سبعين عاماً» (مسند أحمد).
6- الإخلاص في الزكاة والصدقة، قال عليه الصلاة والسلام: «ورجل تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» (رواه البخاري).
7- الإخلاص في التوبة/ قصة الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفسا.
8- الإخلاص في البكاء من خشية الله/ حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله.
9- الإخلاص في الحجاب، فهو ُيلبس لإنه فريضة من الله.
من ثمرات الإخلاص:
1- نصر الأمة.
2- رفع المنزلة في الآخرة.
3- الإنقاذ من الضلال في الدنيا/ كقصة يوسف عليه السلام.
4- سبب في زيادة الهدى.
5- حب أهل السماء والأرض لك.
6- تفريج كروب الدنيا/ كما في حديث الصخرة.
7- طمأنينة القلب والشعور بالسعادة، قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].
8- التوفيق لمصاحبة أهل الإخلاص.
9- تحمل الصعاب في الدنيا مهما اشتدت.
10- حسن الخاتمة.
11- التنعم في القبر.
12- استجابة الدعاء.
اللهم اجعلنا خالصين مخلصين لك وتوفنا على ذلك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صفاء بنت محمد الخالدي
- درست على الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ( من خلال الأشرطة والكتب ) - حصلت على خمس شهادات في العقيدة والفقه من معهد منارة العلوم الشرعية للدراسة عن بعد - تلقي العديد من المحاضرات والدورس الشرعية في المساجد والدور النسائية
- التصنيف: