أسهل الكلام بشرح نواقض الإسلام

منذ 2025-01-25

(نواقض الإسلام): النواقض جمع ناقض، والناقض هو المبطل المفسد، تقول: نواقض الوضوء ومبطلات الصلاة ومفسدات الصيام، والمعنى متقارب

 

د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

 

قال الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: اعلم أن نواقض الإسلام عشرة.

بدأ المصنف رحمه الله الرسالة بالبسملة كما في نسخ كثيرة، اقتداءً بالكتاب العزيز وبهدي النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة رسائله.

وقوله: (نواقض الإسلام): النواقض جمع ناقض، والناقض هو المبطل المفسد، تقول: نواقض الوضوء ومبطلات الصلاة ومفسدات الصيام، والمعنى متقارب، ومنه نقض الحبل؛ أي حلّه، والمقصود هنا ذكر مجموعة من الأحكام تفسد إسلام المرء إذا ارتكبها، وأغلب هذه النواقض التي ذكرها الإمام المجدد في جانب الألوهية، وبعضها في جانب الربوبية، والرسالة.

• ولنعلم أن محافظة العبد على إسلامه من أعظم النعم، ولا يحافظ المرء على إسلامه إلا إذا اتقى ضدّه، قال حذيفة رضي الله عنه: كان الناس يسألون عن الخير، وكنت اسأل عن الشر مخافة أن يدركني.

الأول: الشرك في عبادة الله تعالى، قال الله تعالى: {﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾} [النساء: 48] وقال تعالى: { ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾} [المائدة: 72]، ومنه الذبح لغير الله؛ كمن يذبح للجن أو للقبر.

هذا هو الناقض الأول: وهو يخالف شرطًا من شروط لا إله إلا الله: العمل بما دلت عليه، وقد دلت كلمة التوحيد على الالتزام بعبادة الله وحده وترك عبادة غيره، فمن عبد غير الله تعالى فقد كفر.

• والشرك في توحيد الألوهية: هو صرف العبادة لغير الله، والعبادة كالدعاء، والصلاة والنذر، وقد مثّل المصنف بالذبح، فمن ذبح لغير الله فقد أشرك، ومثّل لغير الله بمن يذبح للجن أو القبر، فمن ذبح للجن خوفًا وتعظيمًا، أو ذبح للمقبور تقربًا ومحبةً فقد أشرك.

    • وحكم الشرك كما ذكر المصنف رحمه الله أنه لا يُغفر، ويخلد صاحبه في النار، وقد ذكر رحمه الله الأدلة على ذلك.

      ♦ والشرك قسمان:

      1- شرك أكبر: ومن أمثلته شرك الدعاء (ومنه سائر أنواع شرك الطلب كالاستعانة والاستغاثة)، وشرك الإرادة والقصد (ومنه سائر أنواع شرك النيات)، وشرك المحبة (ومنه محبة الأنداد كمحبة الله تعالى)، وشرك الطاعة (ومنه تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله).

      2- شرك أصغر: وحكمه أنه أعظم خطرًا من الكبائر، لكنه لا يخرج من الملة، ومن أمثلته: شرك الأقوال (كالحلف بغير الله)، وشرك الأفعال (كتعليق الخيط والتمائم)، وشرك النيات (الشرك الخفي) كالرياء.

      الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم كفر إجماعاً.

      هذه العبارة هي نص ّكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى المجلد الأول، وهذا الناقض من أكثر النواقض وقوعاً؛ لذا نبّه عليه المصنف رحمه الله مع كونه داخلاً في الناقض السابق، وهو متعلق بدعاء غير الله؛ طلباً لشفاعتهم عند الله.

        • ومن اتخاذ الوسائط الشركية ما ذكره المصنف في هذا الناقض:

          أ‌- أن يدعوهم؛ كأن يقول: يا محمد أغثني.

          ب‌- أو يسألهم الشفاعة؛ كأن يقول: يا علي اشفع لي، (وفيه تفصيل يأتينا إن شاء الله).

          ت‌- أن يتوكل عليهم؛ كأن يعتمد على رجل صالح في جلب الرزق.

            • وأما سؤال غير الله فعلى قسمين:

              أ‌- من سأل حيًا حاضرًا قادرًا، فهذا من السؤال الجائز.

              ب‌- ومن سأل الأموات أو الغائبين كفر، ومن سأل الحاضرين فيما لا يقدر عليه إلا الله كفر أيضاً.

                • وأما الشفاعة فعلى قسمين: الشفاعة المثبتة وهي ما اجتمع فيها شرطان: إذن الله للشافع، ورضاه عن الشافع والمشفوع له، قال تعالى: {﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾} [النجم: 26]، فإذا انتفى أحد الشرطين فهي شفاعة منفية.

                  الثالث: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم كفر.

                  هذا الناقض يناقض جانب النفي في شهادة التوحيد، قال تعالى: {﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾} [البقرة: 256].

                    • والكفر بالطاغوت يتضمن ثلاثة أمور:

                      1- كفر القلب به: ببغض المشركين، وكراهيتهم، وهذا لا يعذر في تركه أحد.

                      2- كفر اللسان به: بتكفيرهم، والتحذير من شبهاتهم، وبيان باطلهم.

                      3- كفر الجوارح به: بقتالهم، وتكسير معبوداتهم، وهذا والذي قبله بحسب استطاعة العبد.

                      • فمن لم يكفرهم أو شك في كفرهم مع تبين كفرهم له بالكتاب والسنة فهو كافر مثلهم، وشر من ذلك من صحح مذهبهم وحسّنه.

                        ومن أمثلة ذلك:

                          • عدم تكفير غير أهل القبلة؛ كاليهود والنصارى والمجوس.

                          • ومن أُجمع على كفره من أهل القبلة؛ كالقاديانية والبهائية.

                          • ومن الصور العصرية لهذا الناقض: ما يسمى بوحدة الأديان.

                          الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، وأن حكم غيره أحسن من حكمه؛ كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر.

                          هذا الناقض ينافي الانقياد، وتحكيم شرع الله وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾} [آل عمران: 19]، وقال سبحانه: { ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾} [المائدة: 44]، وقال تعالى: {﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾} [المائدة: 47].

                            • ومن حكم بغير شرع الله: إن زعم أنه أحسن، أو مثل حكم الله، أو يجوز الحكم به فهو كافر، وإن حكم بغير حكم الله مع اعتقاده عدم جواز الحكم به فهو فاسق.

                            ومن أمثلة هذا الناقض:

                              • تحكيم القوانين الوضعية.

                              • أو التحاكم إلى أعراف الجاهلية.

                              الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو عمل به كفر.

                              هذا الناقض ينافي شرطًا من شروط الشهادتين، وهو المحبة لما دلت عليه، وهو من النفاق الاعتقادي الأكبر المخرج من الملة بالإجماع؛ كما نقل صاحب الإقناع وغيره.

                                • وشرط التكفير به أن يعلم أن هذا الأمر الذي أبغضه: من الدين، وثابت بالكتاب والسنة.

                                  • ومن أمثلته: كراهية إقامة الحدود، أو الجهاد، أو كون المرأة على النصف من الرجل في الدية والميراث.

                                    • وأما كراهية الفعل لكونه شاقًا عليه فلا يلزم منه كراهية الحكم، كالمرأة التي تكره أن يعدد زوجها عليها مع إقرارها بجواز التعدد، وكذلك فإن ارتكاب المحرم لا يلزم منه كراهية تحريمه؛ خلافاً للخوارج.

                                      السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: {﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾} [التوبة: 65، 66].

                                      دليل هذا الناقض الآية التي ذكرها المصنف، ولها قصة حدثت في غزوة تبوك رواها ابن جرير وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما أن بعض الذي خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء؛ أرغب بطونًا، وأكذب ألسنًا، وأجبن عند اللقاء، ثم جاءوا يعتذرون بأنهم كانوا هازلين؛ فأنزل الله هذه الآيات.

                                      • والسخرية بالصالحين قد تكون سخرية صريحة، وقد تكون بالتلميح والإشارة، كما قال تعالى: {﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ﴾} [المطففين: 29 - 31]، وحكم السخرية بالصالحين على أحد قسمين:

                                      1- سخرية بهم لأجل دينهم، وهذه كفر.

                                      2- سخرية بهم لأجل ذواتهم، وهذه فسق.

                                      • ومن أمثلة هذا الناقض: رمي الدين بالتطرف، أو التعقيد، أو الرجعية، أو الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو الجنة والنار، و منه سبّ الدين.

                                      • ومن جالس المستهزئين بالدين فهو مثلهم إذا أقرّهم على ذلك، قال تعالى: {﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾} [النساء: 140].

                                      السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، و الدليل قوله تعالى: {﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾} [البقرة: 102].

                                      السحر: رقى وعقد وطلاسم يقصد بها إيقاع الضرر بالمسحور في عقله أو قلبه أو بدنه بواسطة التقرب للشياطين، وهو ينافي توحيدي الربوبية والألوهية، ودليل كونه ناقضًا للإسلام الآية التي ذكرها المصنف رحمه الله.

                                      والسحر قسمان:

                                      1- سحر فيه استعانة بالجن؛ وهذا كفر.

                                      2- وسحر باستخدام الأدوية والحركات الخفية؛ وهذا فسق.

                                      • ومن أمثلته الصرف (وهو صرف الإنسان عن ما يهواه)، والعطف (وهو عطف الإنسان إلى ما لا يهواه).

                                      الثامن: مظاهرة المشركين و معاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾} [المائدة: 51].

                                      هذا الناقض ينافي أصل الكفر بالطاغوت، وقد دلت الآية التي ذكرها المصنف على كفر المتولي للكفار والمشركين.

                                      وموالاة المشركين على قسمين:

                                      1- محبة المشركين؛ لدينهم ونصرتهم على الإسلام؛ وهذا كفر.

                                      2- محبة المشركين لدنياهم؛ وهذا فسق.

                                      • ومن أمثلته: حب شعائر الكفار الدينية، أو مساعدة المشركين على المسلمين بالمال أو السلاح أو الرأي.

                                      • وعدم موالاة المشركين لا تمنع من القسط والعدل في التعامل معهم، قال تعالى: {﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾} [الممتحنة: 8]، فمعاملتهم بالتي هي أحسن من باب رد فعلهم بالمثل، أو من باب تأليف قلوبهم للإسلام أمر جائز.

                                      التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر.

                                      هذا الناقض يخالف أصل الرسالة؛ فهو ناقضٌ لشهادة أن محمداً رسول الله؛ أرسله الله للناس كافة، قال تعالى: {﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾} [الأعراف: 158]، وقال تعالى: {﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ﴾} [سبأ: 28].

                                      • ومن أمثلة هذا الناقض: ما يعتقده غلاة الصوفية من بلوغ بعض أوليائهم مرتبة اليقين، وخروجهم عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وسقوط التكاليف عنهم.

                                      ♦ وقد احتج بعض غلاة المتصوفة على ذلك بأن الخضر كان وليًا صالحًا، وقد خرج عن إتباع النبي موسى عليه السلام بما آتاه الله من العلم اللدني، والجواب عن هذه الشبهة من وجهين:

                                      1- أن الخضر لم يكن مأموراً بشريعة موسى، فموسى عليه السلام إنما بُعث إلى قومه فقط.

                                      2- أن الخضر لم يخالف شريعة موسى في حقيقة الأمر، بل قد وافقه موسى عليه السلام لما عرف سبب فعله.

                                      العاشر: الإعراض عن دين الله تعالى لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: {﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾} [السجدة: 22].

                                      هذا الناقض العاشر يخالف شرطًا من شروط لا إله إلا الله؛ وهو شرط العلم، وقد قال تعالى: {﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾} [محمد: 19]، وقال سبحانه: { ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾} [السجدة: 22].

                                        • وضابط الإعراض الذي يكون كفرًا: أن يعرض عن تعلم وعمل ما يدخله في الإسلام؛ كتعلم التوحيد والصلاة، والعمل بهما.

                                          • ومن أمثلته: إعراض المعاندين عن إتباع دين التوحيد بعد وضوح الحجة لهم.

                                            ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والخائف إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً وأكثر ما يكون وقوعاً؛ فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه، وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

                                            وقد تبين مما سبق:

                                              • أن هذه النواقض تشمل الاعتقاد (كما مر بنا في الناقض الخامس)، والقول (كما مر بنا في الناقض السادس)، والفعل (كما مر بنا في الناقض السابع)، والترك (كما مر بنا في الناقض العاشر)، والشك (كما مر بنا في الناقض الثالث).

                                                • وأنه لا يعذر في ارتكاب هذه النواقض الجاد والهازل، والفرق بينهما أن الهازل لا يريد بكلامه وفعله حقيقته؛ بخلاف الجادّ.

                                                  • وأنه لا يعذر الخائف إلا المكره، والفرق بين المكره والخائف أنّ المكره لا اختيار له ولا رضا؛ فإما أن يفعل وإما أن يقع عليه الضرر الشديد، أما الخائف فله اختيار بين الفعل والترك، ومما يوضح هذا الفرق: أن نعلم أنه لا بد من توفر أربعة شروط في الإكراه الذي يُعذر به:

                                                    (1) أن يكون إكراهًا ملجئًا؛ كالقتل أو الضرب الشديد.

                                                    (2) أن يعلم أن المكرِه قادر على إيقاع ما هدد به.

                                                    (3) أن يعلم أو يغلب على ظنه أنه إذا تأخر عن فعل أو قول ما أمر به سيقع عليه الإكراه مباشرة.

                                                    (4) أن يكون قلبه مطمئنًا بالإيمان، فإن الإكراه لا سبيل له على القلب.

                                                    أن النواقض كثيرة، لكن هذه التي ذكرها المصنف:

                                                      1- أكثرها وقوعاً.

                                                      2- وأخطرها.

                                                      3- ومما اتفق عليه العلماء من جميع المذاهب.

                                                      وفي ختام هذا الشرح: لابد أن نعلم أنّ هذه النواقض في تكفير الفعل، وأما الفاعل لها فلا يكفر إلا إذا توفرت فيه شروط التكفير، وانتفت عنه الموانع:

                                                      فمن شروط التكفير:

                                                      1- التكليف (فلا يكفر غير البالغ، أو غير العاقل إذا ارتكب ناقضًا من هذه النواقض).

                                                      2- العلم (ومن أمثلته ما مرّ بنا في الناقض الخامس).

                                                      3- القصد، (ومن أمثلته ما مرّ بنا في الناقض السادس).

                                                      ومن موانع التكفير:

                                                      1- الإكراه (وقد سبق معنا بيانه).

                                                      2- التأويل (أي وجود الشبهة، كما لو خفيت عليه بعض أنواع السحر؛ فظن جوازها).

                                                      3- انغلاق الفكر (كالذي قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك؛ فأخطأ من شدة الفرح)، والله أعلى وأعلم.

                                                      • 0
                                                      • 0
                                                      • 89

                                                      هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

                                                      نعم أقرر لاحقاً