مكانة صلاة الجمعة في الإسلام وأحكامها وآدابها في القرآن والسنة

منذ يوم

فيومُ الجُمُعَةِ يومُ عبادةٍ، وهوَ في الأيامِ كَشهرِ رمَضانَ في الشهورِ، وساعةُ الإجابةِ فيهِ كَليلَةِ القَدْرِ في رمضانَ، ولهذا مَن صَحَّ لهُ يومُ جُمُعَتِهِ وسَلِمَ سَلِمَتْ لهُ سائرُ جُمْعَتِهِ.

إِنَّ الحمدَ للهِ نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.

 

أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى واحْمَدُوه على هدايتكم لخيرِ يومٍ طَلَعَت عليه الشمس، قال صلى الله عليه وسلم: «أَضَلَّ اللهُ عنِ الجُمُعَةِ مَن كانَ قبلَنَا، فكانَ لليهُودِ يومُ السبتِ، وكانَ للنصارى يومُ الأحدِ، فجاءَ اللهُ بنا فهَدَانا اللهُ ليومِ الجُمُعَةِ» (الحديثُ رواه مسلم).

 

قال ابنُ القيِّم: (إنهُ اليومُ الذي يُستَحَبُّ أنْ يُتفرَّغَ فيهِ للعبادةِ، ولهُ على سائرِ الأيامِ مَزِيَّةٌ بأنواعٍ من العباداتِ واجبةٍ ومُسْتحبَّةٍ.. فيومُ الجُمُعَةِ يومُ عبادةٍ، وهوَ في الأيامِ كَشهرِ رمَضانَ في الشهورِ، وساعةُ الإجابةِ فيهِ كَليلَةِ القَدْرِ في رمضانَ، ولهذا مَن صَحَّ لهُ يومُ جُمُعَتِهِ وسَلِمَ سَلِمَتْ لهُ سائرُ جُمْعَتِهِ) (انتهى)، والحديثُ عن يومِ الجُمُعَةِ وصَلاةِ الجُمُعَةِ وخُطْبَتِها عبرَ المسائلِ الآتية:

أولاً: يومُ الجُمُعَةِ يُسمَّى في الجاهليةِ يومَ العَرُوبةِ، وسُمِّي بالجُمُعَةِ لأنَّ خلْقَ آدم جُمِعَ فيهِ، قال صلى الله عليه وسلم: «بِهِ جُمِعَ أَبُوكَ أَو أَبُوكُمْ» (رواه ابنُ خزيمةَ بسندٍ حَسَنٍ)،ولأنَّ الصحابةَ بالمدينةِ اجتمَعُوا قبلَ هجرةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وصلَّى بهم مُصْعَبُ بنُ عمير، وسَمَّوْهَا جُمُعَة، وقد فُرضِتْ بمكَّةَ ولم يَتمكَّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مِن فعلها.

 

ثانياً: مِنْ خَصَائصِ يومِ الجُمُعَةِ: أنهُ يومُ عيدٍ فيَحْرُمُ صَوْمُهُ مُنفرِداً، ويُستحبُّ صِيامُهُ مَعَ صيام يومٍ قبلَهُ أو بعْدَهُ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «لا يَصُمْ أَحَدُكُم يومَ الجُمُعَةِ إلاَّ أنْ يَصُومَ قبلَهُ أو يَصُومَ بعدَهُ» (رواه البخاري ومسلم)، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «خَمْسٌ مَنْ عَمِلَهُنَّ في يومٍ كَتَبَهُ اللهُ منْ أهلِ الجنَّةِ: مَنْ صامَ يومَ الجُمُعَةِ وراحَ إلى الجُمُعَةِ وشَهِدَ جَنازةً وأَعتَقَ رَقَبَةً» رواه أبو يعلى وصحَّحه الألباني، و (عنْ عبدِ اللهِ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَصُومُ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ، وقَلَّمَا كانَ يُفْطِرُ يومَ الجُمُعَةِ) (رواه الترمذيُّ وصحَّحهُ ابنُ عبد البرِّ).

 

ومِن خصائصهِا: كراهةُ تخصيص ليلَتِها بالقيام: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «لا تَخْتَصُّوا ليلَةَ الْجُمُعَةِ بقيامٍ من بينِ الليالي» (رواه مسلم).

 

ومِن خصائصها: قراءة سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر: فعن أبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يَقْرَأُ في الصُّبْحِ يومَ الجُمُعَةِ: بـ {ألم تَنزيلُ} في الركعةِ الأُولى، وفي الثانيةِ:  {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}   (رواه مسلم).

 

ومن خصائصها: فضلُ الْمَشي إليها مُبكِّراً، وغُسْلُ الْجَنابةِ يومَها، ومَسُّ الطِّيبِ والسِّواكِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنابةِ ثمَّ راحَ فكأنما قَرَّبَ بَدَنةً، ومَن راحَ في الساعةِ الثانيةِ فكأنما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن راحَ في الساعةِ الثالثةِ فكأنما قَرَّبَ كَبْشاً أَقْرَنَ، ومَن راحَ في الساعةِ الرابعةِ فكأنما قَرَّبَ دَجاجةً، ومَن راحَ في الساعةِ الخامسةِ فكأنما قَرَّبَ بَيْضَةً، فإذا خَرَجَ الإمامُ حَضَرَتِ الملائكةُ يَستمعُونَ الذِّكرَ» (رواه البخاري ومسلم)،

وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إذا كانَ يومُ الجُمُعَةِ كانَ على كُلِّ بابٍ من أبوابِ المسجدِ ملائكةٌ يَكتُبُونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، فإذا جَلَسَ الإمامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وجاءُوا يَستمعُونَ الذِّكْرَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثلِ الذي يُهْدِي البَدَنَةَ، ثم كالذي يُهدي بَقَرةً، ثم كالذي يُهدي الكَبْشَ، ثم كالذي يُهدي الدَّجاجةَ، ثم كالذي يُهدي البَيْضَةَ» (رواه مسلم)، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «لا يَغتَسِلُ رجُلٌ يومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما استطاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بيْتِهِ، ثمَّ يَخرُجُ فلا يُفَرِّقُ بينَ اثنينِ، ثمَّ يُصلِّي ما كُتِبَ لهُ، ثمَّ يُنْصِتُ إذا تَكلَّمَ الإمامُ، إلاَّ غُفِرَ لهُ ما بينهُ وبينَ الجُمُعَةِ الأُخرى» (رواه البخاري)، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «غُسْلُ يومِ الجُمُعَةِ على كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وسِواكٌ، ويَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ ما قَدَرَ عليهِ» (رواه مسلم).

 

و(عن عَلْقَمَةَ قالَ: خرَجْتُ معَ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ يومَ الجُمُعَةِ، فوَجَدَ ثلاثةً قدْ سَبَقُوهُ، فقالَ: رابعُ أرْبَعَةٍ وما رابعُ أربَعَةٍ منَ اللهِ ببَعيدٍ، إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «إنَّ الناسَ يَجلسُونَ في يومِ الزِّيارةِ في رَوْضَةٍ من رِياضِ الجنَّةِ، كُلُّ امرِئٍ في حَدِّ سُوقِ الجنَّةِ، ويَجْلِسُ أدناهُم يومَ القيامةِ، صَحَّ يومَ القيامةِ، على قَدْرِ رَوَاحِهِم إلى الجُمُعَاتِ، الأوَّلُ ثمَّ الثاني ثم الثالثُ ثم الرابعُ»، ومَا رابعُ أربَعَةٍ ببعيدٍ) (رواهُ ابنُ أبي عاصمٍ وحَسَّنَهُ البوصيري).

 

ومِن فضائلِ الْمَشْيِ إلى الْجُمُعَةِ والاغتسالِ: قوله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ واغْتَسَلَ يومَ الجُمُعَةِ، وبَكَّرَ وابْتَكَرَ، ومَشَى ولم يَرْكَبْ، فَدَنا من الإمامِ، واسْتَمَعَ ولم يَلْغُ، كان لهُ بكُلِّ خُطْوَةٍأَجْرُ سَنَةٍ، صِيَامِها وقيامِها» (رواه أحمد وصحَّحه ابن خزيمة)، قال السخاوي: (لا أَعْلَمُ حديثاً كَثيرَ الثوابِ مَعَ قِلَّةِ العَمَلِ أَصحَّ من حديثِ «مَن بَكَّرَ وابتَكَرَ») انتهى، وقال المباركفوري: (قالَ بعضُ الأئمَّةِ: لم نَسْمَعْ في الشريعةِ حديثاً صحيحاً مُشْتَمِلاً على مِثلِ هذا الثوابِ) (انتهى).

 

ومِن خصائصهِ: أنه سَيِّدُ الأيامِ وأعظَمُهُ عندَ اللهِ تعالى، وأنَّ فيهِ ساعة إجابة: قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّ يومَ الجُمُعَةِ سَيِّدُ الأيامِ وأعْظَمُها عندَ اللهِ، وهُوَ أعظَمُ عندَ اللهِ من يومِ الأضحَى ويومِ الفِطْرِ، فيهِ خَمْسُ خِلالٍ: خَلَقَ اللهُ فيهِ آدَمَ، وأَهْبَطَ اللهُ فيهِ آدَمَ إلى الأرضِ، وفيهِ تَوَفَّى اللهُ آدَمَ، وفيهِ ساعةٌ لا يَسْأَلُ اللهَ فيها العَبْدُ شيئاً إلاَّ أَعْطَاهُ ما لم يَسأَلْ حَرَاماً، وفيهِ تَقُومُ الساعةُ، ما مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، ولا سَمَاءٍ ولا أرْضٍ، ولا رِياحٍ ولا جِبالٍ ولا بَحْرٍ، إلاَّ وهُنَّ يُشْفِقْنَ من يومِ الجُمُعَةِ» (رواهُ ابنُ ماجهَ وحَسَّنهُ العراقي).

 

ومِن خصائصها: عِظَمُ منزلةِ أهلِها يومَ القيامةِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «تُحشَرُ الأيامُ يومَ القيامةِ على هيأَتِها، وتُحشَرُ الجُمُعَةُ زَهْراءَ مُنيرَةً، أَهلُها يَحُفُّونَ بها كالعَرُوسِ تُهْدَى إلى خِدْرِها، تُضيءُ لهم يَمْشُونَ في ضَوْئِها، ألوانُهُم كالثلْجِ بَياضاً، وريحُهُم كالْمِسْكِ، يَخُوضُونَ في جِبالِ الكافورِ، يَنظُرُ إليهمُ الثقَلانِ، لا يَطْرُفُونَ تَعجُّباً حتى يَدخلونَ الجنةَ، لا يُخالطُهُم أحَدٌ إلاَّ المؤذِّنونَ المُحْتَسبُون» (رواه الطبراني وصحَّحه القرطبي).

 

ومن خصائصها: إكثارُ الصلاةِ والسلامِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ الجمعةِ وليلتِها، قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّ مِن أَفْضَلِ أيامِكُمْ يومَ الجُمُعَةِ، فأَكْثِرُوا علَيَّ من الصلاةِ فيهِ، فإنَّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» (رواه أبو داود وصحَّحه ابنُ خزيمة).

 

ومِن خصائصها: قراءةُ سورةِ الكهفِ في يومها وليلتها، قال أبو سعيدٍ الْخُدْرِيِّ: (مَنْ قَرَأَ ‌سُورَةَ ‌الكَهْفِ ‌يَوْمَ ‌الْجُمُعَةِ، ‌أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ ما بَيْنَهُ وبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (رواه أبو عُبيدٍ وحسَّنه ابنُ حَجَر)، وقالَ أيضاً: (مَنْ قَرَأَ سُورَةَ ‌الكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فيما بَيْنَهُ وبينَ البَيْتِ العَتِيقِ) (رواه الدَّارميُّ وصحَّحهُ ابنُ باز).

 

ومن خصائصها: أن الصحابةَ على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانوا يُؤخِّرون الغَدَاءَ والقيلولةَ يومَ الجُمُعةِ إلى ما بعدَ الصلاةِ، قال سهلُ بنُ سعدٍ: (ما كُنَّا نَقِيلُ ولا نَتَغَدَّى إلاَّ بعدَ الجُمُعَةِ) (متفقٌ عليه).

 

ومِن خصائص الجمعة: أنه لا سُنَّةَ راتبة قبلَها، فإذا دَخَلْتَّ فيُسنُّ لكَ أن تُصلِّي تحيةَ المسجد، ثمَّ تُصلِّي ما كُتبَ لكَ، وأما السُّنةُ بعدَ الجمعةِ فهيَ أربعُ رَكَعَاتٍ في المسجدِ أو ركعتينِ في البيتِ، قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إذا صَلَّى أحدُكُمُ الجُمُعَةَ فلْيُصَلِّ بعدَها أرْبَعاً»، وقال ابنُ عمر: (فكانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يُصلِّي بعدَ الجُمُعَةِ حتَّى يَنْصَرِفَ فيُصَلِّي ركْعَتَيْنِ في بَيْتِهِ) (رواهما مسلم).

 

ثالثاً: مِن آدابِ حُضورِكَ للجُمُعَةِ: أنْ تَجْلِسَ حيثُ وَجَدْتَّ المكان: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ أخاهُ يومَ الجُمُعَةِ ثُمَّ لْيُخَالِفْ إلى مَقْعَدِهِ فَيَقْعُدَ فيهِ، ولكنْ يَقُولُ: افْسَحُوا» (رواه مسلم).

 

ومِن الآداب: ألاَّ تَتَخَطَّى رِقَابَ الناسِ ولا تُفرِّق بينهم: (جاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ الناسِ يومَ الجُمُعَةِ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَخْطُبُ، فقالَ لهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ» (رواه أبو داود وصحَّحه ابنُ الملقِّن).

 

ومن الآداب: أنْ تُنصِتَ للخُطبةِ وألاَّ تتحدَّثَ إلاَّ بالإشارةِ عندَ الحاجةِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إذا قُلْتَ لصَاحِبِكَ يومَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، والإمامُ يَخْطُبُ فقَدْ لَغَوْتَ» (رواه البخاري ومسلم)، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «ومَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا» (رواه مسلم).

 

ومن الآداب: أن تتحوَّلَ إذا نَعِسْتَ من مكانِكَ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إذا نَعَسَ أحَدُكُمْ يومَ الجُمُعَةِ فلْيَتَحَوَّلْ مِنْ مَجْلِسِهِ ذلكَ» (رواه الترمذي وصحَّحه).

 

ومن أحكام الجُمُعةِ: خُطُورةُ التخلُّفِ عنها، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لقدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ رَجُلاً يُصَلِّي بالناسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ على رِجالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ) رواه مسلم.

 

قال ابن القيم: (أَجْمَعَ المسلمُونَ على أنَّ الجُمُعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ) (انتهى).

 

ومِن أحكامها: ألاَّ تُسافِرَ يومَ الجُمُعَةِ بعدَ النداءِ الثاني، قال ابنُ حزمٍ: (واتفَقُوا أن السَّفَرَ حَرَامٌ على مَنْ تلْزَمُهُ الجُمُعَةُ إذا نُودِيَ لَهَا) (انتهى).

 

ومِن أحكامِها: تحريمُ البيعِ والشراءِ بعدَ النداءِ الثاني للجُمُعَةِ، لقولِ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9].

 

ومِن أحكامها: أنَّ من لَم يُدْرِكْ ركعةً منها فيجبُ أن يُصليها أربعاً: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ ركْعَةً منَ الصلاةِ فقدْ أَدْرَكَ الصلاةَ» (متفقٌ عليهِ).

 

واشتَرَطَ بعضُ الفقهاءِ لصحَّةِ الجُمُعَةِ إدراكُ شيءٍ من الخُطْبَةِ، وقالوا: فإنْ لَمْ يُدرك شيئاً منها صلَّى أربعاً، قال النوويُّ: (وقالَ عَطَاءٌ وطاوُسٌ ومُجاهِدٌ ومَكْحُولٌ: مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الخُطْبَةَ صَلَّى أَرْبَعاً، وحكَى أصحابُنا مِثْلَهُ عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضيَ اللهُ عنهُ) (انتهى).

 

عباد الله: مَعَ هذه الفضائل العظيمة إلاَّ أنكم تُلاحظون ضَعْفَ اهتمامِ كثيرٍ منَّا بالتبكيرِ لصلاةِ الجمعةِ، وقد كان العلماءُ والصالحونَ يُبكِّرونَ لصلاةِ الجُمُعَةِ بعدَ طُلوعِ الشمسِ، بلْ كانَ بعضُهُم يَمْكُثُ في المسجدِ بعدَ صلاةِ الفجرِ حتى يُصلِّي الْجُمُعَة.

 

رَزَقَنا الله وأبنائنا الْمُحافظةَ والتبكيرَ إلى الجُمُعَةِ والجَمَاعاتِ إنه سميعٌ مجيب.

_____________________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

  • 0
  • 0
  • 141

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً