تأمين المأموم خلف الإمام حكمه ووقته
أبو الهيثم محمد درويش
من المسائل التي تكثر الحاجة إلى معرفة تفاصيلها مسألة تأمين المأموم خلف الإمام بعد قراءة الفاتحة.
وقد جمعت بعد أقوال العلماء وفتاويهم في حكم التأمين وموضعه وحكم التقدم أو التأخر على الإمام فيه.
- التصنيفات: فقه الصلاة -
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
من المسائل التي تكثر الحاجة إلى معرفة تفاصيلها مسألة تأمين المأموم خلف الإمام بعد قراءة الفاتحة.
وقد جمعت بعد أقوال العلماء وفتاويهم في حكم التأمين وموضعه وحكم التقدم أو التأخر على الإمام فيه.
حكم التأمين عند الفراغ من قراءة الفاتحة سنة، وليس واجبًا.
وقد اختلف الفقهاء في الجهر به وعدمه في الصلاة على قولين:
1- يسن إخفاؤه (الإسرار به) في جميع الصلوات -جهرية كانت أو سرية-، وبه قال الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك في إحدى الروايتين عنه.
وعللوا ذلك: بأن التأمين دعاء، فاستحب إخفاؤه، كباقي الأدعية.
2- يسن أن يجهر به الإمام والمأموم فيما يجهر فيه بالقراءة، وإخفاؤه فيما يخفى فيه، وبه قال الإمام الشافعي، وأحمد، ومالك في الرواية الأخرى.
واستدلوا على ذلك بما يلي: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "آمين"، ورفع بها صوته. رواه الترمذي، وغيره، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتأمين عند تأمين الإمام، فلو لم يجهر به، لم يُعلِّق عليه، كحالة الإخفاء.
والراجح هو الجهر بالتأمين في الصلوات الجهرية، والإسرار به في الصلوات السرية.
ولعل من المناسب أن نشير إلى معنى التأمين، وبعض فضائله، فنقول:
معنى: آمين: اللهم استجب.
ومن فضائله: أنه يوجب إجابة الدعاء، ومحبة الله لقائله، روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صليتم، فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فقولوا: آمين، يجبكم الله. ومعنى يجبكم: يجب دعاءكم.
وروى أبو داود، والنسائي، وأحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فقولوا: آمين، يجبكم الله.
ومن فضائله أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه» . قال ابن شهاب: «وكان صلى الله عليه وسلم يقول: آمين» . [رواه البخاري، ومسلم] . وفي لفظ: «إذا قال أحدكم: آمين، قالت الملائكة في السماء: آمين، فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه» . [رواه مسلم] .
ومما يدل على مزيته أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين، فأكثروا من قول: آمين» . [رواه ابن ماجه] ، وصححه العراقي، وغيره. قال الإمام المناوي في فيض القدير: ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين) أي: قولكم في الصلاة، وعقب الدعاء: آمين.
كما يستحب أن يختم الدعاء بالتأمين، وأن يكثر منه، فإنه من أسباب الإجابة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم -كما في سنن أبي داود-: إن ختم بآمين، فقد أوجب.
ومما تقدم يعلم سبب قول المسلمين: آمين؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وحث المسلمين عليه.
وقت التأمين:
ويستحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام، لقوله صلى الله عليه وسلم: « إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» . [رواه البخاري] .
قال ابن قدامة في المغني: وإنما قصد به تعريفهم موضع تأمينهم وهو عقب قول الإمام ولا الضالين، لأنه موضع تأمين الإمام؛ ليكون تأمين الإمام والمأمومين في وقت واحد موافقا لتأمين الملائكة. اهـ.
وعليه؛ فإن كان المأمومون يسمعون تأمين الإمام استحب لهم مقارنته في التأمين، أما من لم يسمعه فالتأمين عند الفراغ من الفاتحة لأنه محل تأمين الإمام.
ومقارنة الإمام في التأمين بعد الفاتحة مستثناة من كراهة مقارنة الإمام لأنها مأمور بها كما مر.
وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب قال: وجزم أصحاب الشافعي باستحباب مقارنة الإمام فيه. اهـ.
أما سبق المأموم للإمام بالتأمين فلا يضر، ويحصل به الثواب إن شاء الله تعالى، قال المرداوي في الإنصاف: فأما سبقه له في الأقوال فلا يضر سوى بتكبيرة الإحرام وبالسلام، فإنه يشترط أن يأتي بها بعد إمامه على المذهب، فلو أتى بها معه لم يعتد بها على الصحيح من المذهب مطلقا. اهـ.
و مما يُعاب عند قنوتِ الإمامِ: عجلةُ المأمومِ بالتأمين قبلَ موضعِهِ
عن ابن سيرين قال:
«كان أُبَيٌّ يقومُ للنَّاسِ على عهدِ عمرَ في رمضان، فإذا كان النِّصْفُ جهر بالقنوت بعد الركعة، فإذا تمَّتْ عشرون ليلةً انصرف إلى أهلِهِ، وقام للناس أبو حَلِيْمة معاذٌ القارئ وجهر بالقنوت في العشر الأواخر، حتى كانوا مما يسمعونه يقول: اللهم قَحَطَ المطرُ، فيقولون: آمين، فيقول: ما أسرعَ ما تقولون آمين! دَعُوني حتى أدعو». مصنف عبدالرزاق
المراجع:
مصنف عبد الرزاق
فتاوى الشبكة الإسلامية