يوم في حياة مسلمة في رمضان
"اعلم أن الراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال بالفتور، وأن من زرع حصد، ومن جدَّ وَجَدَ"
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
تنظيم الأوقات - وخاصة في مواسم الخيرات - أدْعَى لاغتنامها وعدم إضاعتها؛ ولذلك نضع برنامجًا عمليًّا لاستغلال رمضان، والمقصود من هذا البرنامج بيانُ الكيفية الْمُثْلَى لاغتنام المسلم يومًا من رمضان، مستغلًّا فيه كلَّ ساعة بأداء طاعة، أو نفع للآخرين، يتقرب به إلى ربه عز وجل؛ قال ابن مسعود: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، اقترب فيه أجلي، ولم يَزْدَدْ فيه عملي".
البرنامج العملي:
1- السحور مع استحضار نية التعبُّد لله، وتأدية السنة.
2- تبييت النية في أي جزء من الليل، فيعزم على الصيام بقلبه، ولا يتلفظ به بلسانه.
3- وقت السَّحَر: الاستغفار والدعاء؛ قال تعالى: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18].
4- سُنة الفجر ركعتان؛ قال صلى الله عليه وسلم: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها»[1]، ثم وِرْد قرآن (جزء) حتى وقت الصلاة.
5- صلاة الفجر؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من صلى البردين دخل الجنة»[2].
6- أذكار الصلاة، أذكار الصباح، وِرد القرآن بعد الفجر (ثلاثة أجزاء)، وذِكر الله حتى تطلُعَ الشمس.
7- صلاة الضحى بعد شروق الشمس بثُلث ساعة، مستشعرًا ثواب حجَّة وعمرة تامة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تامة تامة تامة»[3].
8- النوم حتى قبل أذان الظهر بساعة.
9- صلاة الظهر؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من ثابر على ثِنتي عشرة ركعةً من السَّنة، بنى الله له بيتًا في الجنة؛ أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر»[4].
10- ورد القرآن (جزء أو أكثر).
11- قيلولة بعد الظهر (ساعة نوم) يتقوى بها على القيام ليلًا.
12- أعمال المنزل.
13- صلاة العصر، وقبلها أربع ركعات؛ قال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأً، صلى قبل العصر أربعًا»[5].
14- أذكار المساء، ثم ورد القرآن (ثلاثة أجزاء)، مع الانشغال بالذكر والدعاء أثناء تحضير طعام الإفطار.
15- تعجيل الفطر، دعوة مستجابة عند الفطر، ثم صلاة المغرب قبل تناول الطعام.
16- صلاة العشاء والتراويح بخشوع واطمئنان، ولا ينصرف قبل الإمام.
17- نوم حتى وقت التهجد.
18- صلاة التهجد ثم السحور.
- الثبات والاستمرار على هذه الأعمال كل يوم في رمضان: الصلوات الخمس في أول أوقاتها، والسنن الرواتب 12 ركعة في اليوم والليلة، وصلاة الضحى، والانشغال بالذكر والدعاء، وصلاة القيام، وصيانة والجوارح عن المحرمات لا سيما اللسان، وأذكار الصباح والمساء، وصدقة كل يوم، والأذكار الموظفة في أوقاتها (أذكار الدخول والخروج، والسوق، والذهاب للمسجد)، الاستغفار كل يوم 100 مرة فأكثر، وبرنامج منوع (زيارة أقارب، وممارسة الدعوة، وسعي في حوائج المسلمين وخدمتهم، وحضور دروس المسجد).
دعاء الاستفتاح لصلاة الليل:
سألت عائشة أم المؤمنين: ((بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: «اللهم ربَّ جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»[6].
رمضان شهر المنافسة والمسارعة في الطاعات؛ قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].
قال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21].
كل واحد منا يعتبر نفسه مخاطبًا بهذه الآيات، هذا ما يحق فيه التنافس؛ قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]، نترك التنافس على الدنيا، على الأموال والمناصب ومتاع الدنيا الزائل، ولنتنافس على الآخرة، وليكن شعارك: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84]، ولسان حالك: لئن أشهدني الله رمضان القادم، لَيرين ما أصنع.
اعلم أن الراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال بالفتور، وأن من زرع حصد، ومن جدَّ وَجَدَ، فلتكن مع هؤلاء القوم الذين قال عنهم الإمام ابن القيم: "رُفِعَ لهم عَلَمُ الجنة، فشمَّروا إليه، ووضح الطريق المستقيم، فاستقاموا عليه".
• سعيد بن جبير يختم القرآن كل ليلتين.
• الأسود يقوم الليل حتى يخضرَّ ويصفر، وحجَّ ثمانين حجة.
• سعيد بن المسيب يقول: "ما تركت صلاة الجماعة منذ أربعين سنة".
• منصور بن المعتمر صام أربعين سنة وقام ليلها، وكان الليل كله يبكي، فتقول له أمه: "يا بني أقتلت قتيلًا؟! فيقول: نعم، قتلت نفسي".
• لما حضرت أبا بكر بن عياش الوفاةُ، بكت أخته فقال: "لا تبكي، وأشار إلى زاوية في البيت وقال: ختمت في هذه الزاوية ثمانية عشر ألف ختمة".
فاللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك، وحسن طاعتك، والمنافسة على جنتك، اللهم بلغنا رمضان وبارك لنا في أيامه ولياليه، وارزقنا صيامه وقيامه، على الوجه الذي يرضيك عنا، وارزقنا فيه الفوز بالجِنان، والعِتق من النيران، وارزقنا قيام ليلة القدر، اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عنا، اللهم اغفر لنا وارحمنا، وأصلح أحوالنا، وتُبْ علينا وسائر المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[1] صحيح مسلم (725)، من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
[2] صحيح مسلم (635)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
[3] رواه الترمذي عن أنس وحسنه.
[4] صحيح الترمذي (414)، من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
[5] صحيح أبي داود (1271)، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
[6] صحيح مسلم (770).
__________________________________________________
الكاتب: نجلاء جبروني