مفهوم النصر يا بني 2

منذ 2025-03-26

لم يهدأ  بال الطفل بعد حديث أمه عن  معني النصر بمفهومه الواسع  ومازال يفكر ………

 

 

 

لم يهدأ  بال الطفل بعد حديث أمه عن  معني النصر بمفهومه الواسع  ومازال يفكر ………

لماذا  إذن كل هذه المعناه والصراعات  من الأصل؟ 

لماذا عيلنا أن نجاهد وندفع ثمنا للنصر ألا يمكن أن يأتي النصر بدون معاناه ؟ 

لماذا لا نعيش جميعا في سلام متحابين  ؟  

ذهب الطفل إلى والدته وأباح لها عما يدور في ذهنه 

قالت الأم : أما زلت تفكر يا صغيري 

قال :نعم 

قالت الأم مبتسمة: ولكن من الواضح أن التفكير هذه المره بشكل أعمق ولكن لا عليك ….سأوضح لك الأمر وأجيب عن تساؤلاتك  ولتكن البداية من أول الحكاية 

 

 خلق الله الإنسان ورزقه العقل وميزه بحرية الإرادة 

و حرية الإرادة   يا بني تعني بشكل مبسط  أن يكون الإنسان لديه القدرة علي اختيار ما يشاء

فعندما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة بشيرا  ونذيرا 

هناك من أختار أن يؤمن به وينصره وهناك من أختار أن يكفر به ويعاديه   قال تعالى {وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالونَ مُختَلِفينَ}   

فالناس في الإختيارات لا يستوون  والله تعالى بعدله لا يجازي من آمن وجاهد كمن كفر وعاند  قال تعالى {﴿أَفَنَجعَلُ المُسلِمينَ كَالمُجرِمينَ﴾ ﴿ما لَكُم كَيفَ تَحكُمونَ﴾

 

و هذا الإختلاف بين الناس  وَلد  حالة من الصراع والتدافع في الدنيا بين الحق والباطل بين الخير والشر  بين الكفر والإيمان 

وهذا من سنن الله في الكون منذ أن خلق الله خليقة إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها  قال تعالى-: { (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)}

 

لذا أوجب الله علينا الجهاد إعلاء لكلمة الله عز وجل 

أولا، ثم لدفع الكفر والشر و جلب الخير والإيمان  ثانيا 

ونحن نؤمن يا صغيري أنه مهما طال هذا الصراع فإن العاقبة تكون للمؤمنين قال تعالى (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) 

أما عن تلك المآسي التي نشاهدها فقد ذكرت لك أن من وراءها خيرا كتير  وكم من منحة جاءت في ثوب محنة 

مثل اتخاذ الشهداء ومجازات الصابرين  والتمييز بين الخبيث والطيب …..  وغيرها  

(ذكرتها في المقال السابق ) 

وعن سؤالك لماذا علينا أن ندفع ثمن هذا النصر من الجهاد والتضحية 

فاعلم يا بنى أن الدنيا جعلها الله دار الاخذ بالاسباب 

فمثلا  اذا أردت النجاح عليك بالمذاكره 

اذا أردت الشفاء عليك بأخذ الدواء والذهاب للطبيب 

اذا اردت الرزق عليك بالسعى والعمل  

كذلك اذا اردت النصر والتمكين عليك بالجهاد والتضحية 

وسبحان الله  نحن البشر لا نشعر بقيمة الأمر إلا إذا بذلنا له  

بمعني اذا آتاك النجاح وأنت  ملقى علي سريرك نائم لا تفعل  شيئا هل تشعر به 

 اجاب الطفل نافيا   

اكملت الأم  قائلة أما اذا بذلت  له الجهد والتعب اصبح له طعما آخر  

كذلك النصر اذا جاهدت وضحيت وصبرت كان النصر له مذاقا آخر  خصوصا لو علمت أن كل ما تقدمه في سبيل الله له أجره وثوابه قال تعالى {﴿ما كانَ لِأَهلِ المَدينَةِ وَمَن حَولَهُم مِنَ الأَعرابِ أَن يَتَخَلَّفوا عَن رَسولِ اللَّهِ وَلا يَرغَبوا بِأَنفُسِهِم عَن نَفسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم لا يُصيبُهُم ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخمَصَةٌ في سَبيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئونَ مَوطِئًا يَغيظُ الكُفّارَ وَلا يَنالونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا إِلّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ﴾ ﴿وَلا يُنفِقونَ نَفَقَةً صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً وَلا يَقطَعونَ وادِيًا إِلّا كُتِبَ لَهُم لِيَجزِيَهُمُ اللَّهُ أَحسَنَ ما كانوا يَعمَلونَ﴾  }

بل كيف اذا علمت أن الجنة وجمالها هي الجزاء الأعظم قال تعالى {﴿إِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَيَقتُلونَ وَيُقتَلونَ وَعدًا عَلَيهِ حَقًّا فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالقُرآنِ وَمَن أَوفى بِعَهدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاستَبشِروا بِبَيعِكُمُ الَّذي بايَعتُم بِهِ وَذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾ }

 فهل فهمت هذا الأمر  يا صغيري 

عليك ايضا ان تفهم أمراً أخر قد لا يكون ظاهرا لك 

الأمور وما يحدث فيها تظهر لنا عظمة الله عز وجل وحكمته وآثار أسماءه وصفاته التي يجب أن نتعبد بها 

قول لي كيف ذلك 

اذا كانت الدنيا كلها خير وسلام ونعيم 

فكيف لك أن تشعر بأثار اسم الله المغيث الذي يغيث المكروبين 

كيف لك أن تشعر  بأثار اسم الله المعين والنصير الذي ينصرك ويعنيك في أشد الأزمات 

كيف لك أن تشعر باسم الله اللطيف الذي ينزل خفايا لطفه علي عباده  في المحن 

كيف لك أن يشعر بأثار اسم الله الشافي دون أن تمرض فيشفيك 

كيف  لك تشعر بأثر اسم الله العدل دون ان ترى هلاك الظالمين بعينك  

فكل شئ يحدث لنا وحولنا يعرفنا بالله عز وجل لنعبده سبحانه حق عبادته فقد يحتاج الأمر قليلا من التدبر والتفكر 

في مجريات الأمور في واسماء الله وصفاته 

وأمر آخر يجب أن تعلمه هو أن الدنيا دار بلاء واختبار وفيها من الكدر والشقاء والنقص ما الله به عليم قال تعالى { ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ﴾ }

 وقال تعالى { ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم حَتّى نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم وَالصّابِرينَ )  }

فهي لست دار السلام والغنى والمتعة بل أنت فيها مختبرا بكل شئ حتي بالمال والصحة والعافية قال تعالى { ﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ﴾  }

فالله تختبر عباده بما يصلحهم فمنا من يُخبر بالنعيم  هل يشكره ويؤدي حق الله فيه ومنا من يُخبر بالمرض هل يرضى به ويلجأ إلى الله ومنا من تختبر بالفقر هل يحمد الله و يتعفف عن الحرام  

وفي النهاية اقول لك يا صغيري لا تفكر كثيرا وتدبر آيات الله في الاحداث والافاق واعمل لدار السلام الحقيقه فهذا ما انفع  لك  وهو ما وعدنا الله به جعلني الله واياكم من اهلها. 

ودمتم طيبين 

كتبه داليا رفيق 

 

 

  • 1
  • 0
  • 138

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً