حقوق المسلم: عيادة المريض

المريض من أشد الناس حاجةً إلى المواساة، المريض من أشد الناس حاجةً إلى مَن يؤنِسه، إلى من يدعوه إلى الصبر، إلى من يعطيه شحنةً رُوحيةً تُعينه على تحمل المرض.

  • التصنيفات: الآداب والأخلاق - أخلاق إسلامية -

الحمد لله ذي القوة المتين، أحمَده سبحانه وأشكُره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، الصادق الأمين، وبارَك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين؛

أما بعد:

فما زلنا مع حقوق المسلم على المسلم، واليوم ننتقل إلى حقٍّ ثانٍ من حقوق المسلم على المسلم ألا وهو عيادته إذا مرِض.

 

بعض المسلمين لا يعطون قيمةً لهذا الحق، ولا يعرفون قيمة عيادة المريض إلا إذا مرِضوا ومضى يومان وثلاثة وأربعة أيام ولم يأتِهم أحدٌ.

 

المريض من أشد الناس حاجةً إلى المواساة، المريض من أشد الناس حاجةً إلى مَن يؤنِسه، إلى من يدعوه إلى الصبر، إلى من يعطيه شحنةً رُوحيةً تُعينه على تحمل المرض.

 

عيادة المريض سنةٌ مؤكدة، فعلها النبي - صلى الله وعليه وسلم - وداوَم عليها للمسلم والكافر، فقد صحَّ أن النبي - صلى الله وعليه وسلم - عاد عمَّه أبا طالب وهو كافر، وصح كما عند ابن حبان وعبد الرزاق الصنعاني أنه عاد جارًا له يهوديًّا، فجاءه وَقَالَ لَهُ:  «كَيْفَ أَنْتَ يَا فُلَانُ؟» ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ الشَّهَادَتَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ فِي الثَّالِثَةِ: قُلْ مَا قَالَ لَك، فَفَعَل، ثُمَّ مَاتَ، فقال - صلى الله وعليه وسلم -: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْتَقَ بِي نَسَمَةً مِنْ النَّارِ».

 

وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال: «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ وَفُكُّوا الْعَانِي»؛ (رواه البخاري).

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: «خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِز»؛ (أخرجه الشيخان واللفظ لمسلم).

 

المقصود من عيادة المريض: "تعهٌّده، وتفقُّد أحواله، وإيناسه والتلطف به"، فقد يكون في أمسِّ الحاجة إلى شيء، هذا معنى عيادة المريض.

 

ولقد كان من أدب السلف - رضوان الله عليهم - إذا فقدوا أحدًا من إخوانهم سألوا عنه، فإن كان غائبًا دعوا له، وخلفوه خيرًا في أهله، وإن كان حاضرًا زاروه، وإن كان مريضًا عادوه.

 

يقول الأعمش - رحمه الله -: «كنا نقعُد في المجلس، فإذا فقدنا الرجل ثلاثة أيام سألنا عنه، فإن كان مريضًا عدناه»؛ (شعب الإيمان للبيهقي:11/430).

 

في عيادة المريض ثمارٌ وفوائدُ عظيمة:

أولًا: تتجلى الأخوَّة بمعانيها وتظهر الأخلاق وسموها، حين يكون المسلم في حالةٍ من العجز وانقطاعٍ عن مشاركة الأصحاب، حبيس المرض، وقعيد الفراش.

 

ثانيًا: في عيادة المريض إيناسٌ للقلب، وإزالةٌ للوَحشة، وتخفيفٌ من الألم، وتسليةٌ للنفس والأقارب.

 

ثالثًا: في زيارة المريض الجلوس في معية الله عز وجل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله وعليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: «يَا بْنَ آدَمَ، مرِضت فلم تعدني، قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرِض فلم تَعُدْه، أما علِمت أنك لو عُدته لوجدتني عنده»؛ (رواه مسلم)، لوجدت الثواب عنده، لوجدت الراحة عنده، لوجدت الأنوار عنده، لوجدت تجلِّي رب العالمين عنده..

 

المريض لوجدتني عنده؛ لأن المريض منكسر القلب، نفسه رقيقة قريبة من الله عز وجل، ينادي: يا ألله يا ألله، ما لي سواك، مَن يفرِّج همي إلا أنت؟ والله الذي لا إله إلا هو لو كشف الغطاء لرأينا أن المرض مِن نعم الله الكبرى على الإنسان، لعل المرض هو الذي حثَّه على التوبة، لعل المرض هو الذي عرَّفه بعبوديته، وقرَّبه من مولاه، وكفَّر عنه خطاياه..

 

قال يزيد بن ميسرة - رحمه الله -: "إن العبد ليمرَض وماله عند الله من عمل خيرٍ، فيذكره الله سبحانه بعض ما سلف من خطاياه، فيَخرُج من عينه مثل رأس الذباب من الدمع من خشية الله، فيبَعثه الله مطهرًا؛ أي: نقيًّا من الذنوب".

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "مصيبة تُقبل بها على الله خيرٌ لك من نعمة تُنسيك ذكر الله".

 

رابعًا: في عيادة المريض السعادة والنعيم والجنة: فهو في ممشاه إلى المريض يمشي في رياض الجنة, ويتبوأ منها منزلًا, عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله وعليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ»؛ (أخرجه أحمد 5/276(22731)، و"مسلم" 8/12(6643)).

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله وعليه وسلم - قَالَ: «إِذَا عَادَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ أَوْ زَارَهُ، قَالَ اللهُ عز وجل: طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلًا»؛ (أخرجه أحمد 2/326(8308)، و"البخاري" في "الأدب المفرد" 345، و"ابن ماجه" 1443).

 

خامسًا: في عيادة المريض نزول الرحمة والمغفرة:

عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله وعليه وسلم -: «من عاد مريضًا لم يزل يَخوض في الرحمة حتى يرجع، فإذا جلس اغتمَس فيها»؛ (صحيح، موطأ مالك وأحمد والبزار وابن حبان)، وعَنْ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ الْمَكَانَ بَعِيدٌ، وَنَحْنُ يُعْجِبُنَا أَنْ نَعُودَكَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله وعليه وسلم - يَقُولُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا، فَإِنَّمَا يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ، فَإِذَا قَعَدَ عِنْدَ الْمَرِيضِ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ»، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا لِلصَّحِيحِ الَّذِي يَعُودُ الْمَرِيضَ، فَالْمَرِيضُ مَا لَهُ؟ قَالَ: «تُحَطُّ عَنْهُ ذُنُوبُهُ»؛ (أخرجه أحمد 3/174(12813)).

 

سادسًا: في زيارة المريض وعيادته صلاة الملائكة؛ أي: دعاؤها:

فقد أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عن علي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً -أي صباحًا- إِلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ»؛ (حَدِيثٌ حَسَنٌ رواه الترمذي).

 

يا ألله، ما هذا الأجر العظيم على عيادة المريض، إنها رسالة أن الإسلام يهتم بأخوَّتنا ووَحدتنا واجتماعنا واعتصامنا.

 

سابعًا: في عيادة المريض معرفة نعمة الله عليك: حين ترى ما ابتُلي به غيرك وأنت عافاك الله، فتقول: الحمد لله الذي عافاني مما ابتُلي به كثيرٌ من خلقه، وفضَّلني عليهم تفضيلًا.

 

رُوي أن رجلًا جاء إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فقال: يا أم المؤمنين، إن بي داءً فهل عندك دواء؟ قالت: وما داؤك؟ قال القسوة، قالت: (بئس الداءُ داؤك، عُدِ المرضى واشهَد الجنائز، وتوقَّع الموت؛ (ابن الجوزي: بستان الواعظين ورياض السامعين 146).

 

وقال أحد الصالحين: زُر السجن مرة في العمر لتعرِف فضل الله عليك في الحرية، زُر المحكمة مرة في العام لتعرف فضل الله عليك في حسن الخُلق، زُر المستشفى مرة في الشهر لتعرف فضل الله عليك في الصحة والعافية، زُر ربَّك كلَّ آنٍ لتعرف فضله عليك في نعم الحياة.

 

تلك سبعة كاملة ثمار عظيمة، وفوائد جليلة لعيادة المريض، أخوةٌ وأخلاقٌ عالية، إيناس للقلب وإزالةٌ للوحشة، معية الله رب البرية، سعادة ونعيم وخريف في الجنة، خوض في الرحمة واغتماس فيها، صلاة الملائكة ومعرفة فضل الله عليك.

 

هذه الثمار، فما آداب عيادة المريض؟

 

أولًا: اختيار الوقت المناسب:

بعض الناس يتعجل عيادة المريض, فبمجرد سماعه أن فلانًا قد خرج من غرفة العمليات يذهب إليه مباشرة، وقد يكون هذا المريض يحتاج إلى الراحة, فيسبِّب له الناس حرجًا، والتوسط هنا هو المطلوب، فلا نتعجل الزيارة، كما لا نُهمل فيها حتى يفوت موعدها، كما أن عليه أن يختار الوقت المناسب لها، فلا يختار وقتًا قد يكون نائمًا فيه، أو يكون ذلك وقت طعامه.

 

ثانيًا: من الآداب: سؤال المريض عن حاله: ولا يُثقل عليه في السؤال؛ كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله وعليه وسلم - إِذَا مَرَّ سعد بن معاذ رضي الله عنه بعد ما أُصيب، يَقُولُ: كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ وَإِذَا أَصْبَحَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَيُخْبِرُهُ؛ (أخرجه البُخَارِي، في الأدب المفرد1129).

 

ثالثًا: رقية المريض والدعاء له:

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله وعليه وسلم - كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَرِيضِ، قَالَ:  «أَذْهِبِ الْبَأْسَ، رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ، اشْفِ شِفَاءً لاَ يُغادِرُ سَقَمًا»؛ (أخرجه أحمد 3/267(13859)، والنَّسَائِي، في "عمل اليوم والليلة" 1042).

 

وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله وعليه وسلم -أَعُودُهُ وَبِهِ مِنَ الْوَجَعِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِشِدَّةٍ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَشِيِّ وَقَدْ بَرِئَ أَحْسَنَ بُرْءٍ، فَقُلْتُ لَهُ: دَخَلْتُ عَلَيْكَ غُدْوَةً وَبِكَ مِنَ الْوَجَعِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ بِشِدَّةٍ، وَدَخَلْتُ عَلَيْكَ الْعَشِيَّةَ وَقَدْ بَرِئْتَ، فَقَالَ: يا بْنَ الصَّامِتِ إِنَّ جِبْرِيلَ رَقَانِي بِرُقْيَةٍ فبرِئْتُ، أَلاَ أُعَلِّمُكَهَا قُلْتُ بَلَى، قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ حَسَدِ كُلِّ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ، بِسْمِ اللَّهِ يَشْفِيكَ»؛ (أخرجه أحمد 5/323(23139)، و"النَّسَائي" في "عمل اليوم والليلة" 1004).

 

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله وعليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:  «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ، فَيَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلاَّ عُوفي»؛ (أخرجه أحمد 1/239(2137)، والتِّرْمِذِي "2083 و"النَّسائي" في "عمل اليوم والليلة" 1045).

 

ومما يُهدى إلى المريض تذكيرُه بوصية النبي- صلى الله وعليه وسلم - في الاستشفاء، فقد جاء عثمان بن أبي العاص إلى النبي - صلى الله وعليه وسلم - يشكوه وجعًا في جسده، فقال له: ضَعْ يدك على الذي يألَم من جسدك، وقل: بسم الله ثلاثًا، وقل: سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأُحاذر [ (رواه مسلم 14/189) ].

 

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ النبي - صلى الله وعليه وسلم - كان إذا دخل على مريض يعوده قال:  «لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»؛ (أخرجه البخاري 4/246(3616) و"النَّسائي" 7457، وفي عمل اليوم والليلة 1039).

 

رابعًا: من آداب زيارة المريض: تذكير المريض بأجر الصبر على المرض، وجزاء الصابرين الذي وصفه ربُّنا في كتابه الكريم، فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: 175]، وعنْ أَبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِي صلى الله وعليه وسلم - قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمسلِمَ مِنْ نَصَب، وَلاَ وَصَب، وَلاَ هَمٍّ، وَلاَ حَزن، وَلاَ أَذًى، وَلاَ غَمٍّ، حَتى الشوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ اللهِ بِهَا مِنْ خَطَايَاه»؛ (أخرجه أحمد 2/303(8014)، و"البُخَارِي" 7/148(5641 و5642)، و"مسلم" 8/16(6660)).

 

وروي عنُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله وعليه وسلم -: «إِذَا ابْتَلَى اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، قَالَ اللَّهُ لِلْمَلَكِ: اكْتُبْ لَهُ صَالِحَ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، فَإِنْ شَفَاهُ، غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ، وَإِنْ قَبَضَهُ، غَفَرَ لَهُ وَرَحِمَهُ»؛ (أخرجه أحمد 3/148(12531)، و"البُخاري"، في (الأدب المفرد) 501).

 

خامسًا من آداب عيادة المريض: عدم إطالة الزيارة:

بعض الناس يكون ثقيلًا في الزيارة، فيطيل الجلوس عند المريض، وهذا مخالف لهدي الإسلام في عيادة المريض، بل في الزيارة عمومًا، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله وعليه وسلم -: «يَا أَبَا ذَرٍّ، زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا»؛ (رواه الطبراني 10/565 صحيح الترغيب والترهيب 2/350).

 

سادسًا: من آداب العيادة: تقليل السؤال:

بعض الناس يُكثر من سؤال المريض عن حاله، بل يريد منه أن يحكي له قصة مرضه من أولها إلى آخرها، ولا يراعي حالته الصحية وهذا مما يُرهق المريض، بل مما يزيد من علته،

 

سابعًا: من آداب العيادة: أن يُفسح له في الأمل والعافية:

ولا يؤذيه بتذكيره بأن فلانًا قد مات بنفس العلة، دخل رجلٌ على عمر بن عبد العزيز يعوده في مرضه، فسأله عن علته فأخبره، فقال الزائر: إن هذه العلة ما شُفي منها فلان، ومات منها فلان، فقال عمر: إذا عُدت مريضًا فلا تَنع إليه الموتى، وإذا خرجت عنا فلا تَعد إلينا.

 

فمن الآداب أن يُطمعه في الحياة، وينفِّس له في الأجل، إن شاء الله عز وجل يُكرمك وتزوِّج عيالك وتَفرَح فيهم، وتفعل وتفعل.

 

ثامنًا: من آداب العيادة: طلب الدعاء من المريض:

يُستحب طلب الدعاء من المريض؛ لأنه مضطر ودعاؤه أسرع إجابةً من غيره؛ قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].

 

وأخيرًا، فإن على من يعود مريضًا أن يجعل زيارته خالصةً لوجه الله تعالى، فإن الله لا يَقبَل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه سبحانه، وذلك حتى يؤجر من الله على تلك الزيارة، وحتى يَقبل دعاءَه لأخيه.

 

أسأل الله أن يوفِّقني وإياكم لِما يُحب ويرضى، وأن يَهديَنا وإياكم لصالح الأقوال والأعمال والنيات، ولِما اختُلف فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.