أعمال العشر الأواخر من رمضان

منذ 2004-11-01
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين وعلى آله وصحبة الغر الميامين .

أيها الأخوة المسلمون : موضوع حديثنا هذا اليوم عن أعمال العشر الأواخر

للعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة . والعبادة والقيام والذكر ولنتعرف في هذه الدقائق على أهم الأعمال التي كان يحرص عليها الأولون وينبغي علينا الإقتداء بهم في ذلك :

1 ـ فمن أهم هذه الأعمال : { إحياء الليل } فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر ومعنى إحياء الليل : أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر و غيرهما ، وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت : لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى أصبح ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان } فعلى هذا يكون إحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل ، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء في بعض طرق الحديث .

وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لا شك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه

2 ـ ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر : إيقاظ الرجل أهلة للصلاة .

فقد كان من هدية علية الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما في البخاري عن عائشة ، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم ، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك أنه خطأ وتقصير ظاهر .

3 ـ ومن الأعمال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.

4 ـ ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر : الإعتكاف في المساجد التي تصلي فيها فقد كان هدى النبي صلى الله علية وسلم المستمر الإعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله كما في الصحيحين عن عائشة .

وإنما كان يعتكف في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعاً لانشغاله وتفريغاً للياليه وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه ,وكان يحتجز حصيراً يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم .

وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما.

قال الإمام الزهري رحمة الله عليه : { عجباً للمسلمين تركوا الإعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل } .

ومن أسرار الإعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث « ألا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب »

فلما كان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام و الشراب و النكاح فكذلك الإعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التي نفرق أمر القلب ونفسدُ اجتماعه على طاعة الله .

ومما يجدر التنبة علبه هنا أن كثيراً من الناس يعتقد أنه لا يصح له الإعتكاف إلا إذا اعتكف كل أيام العشر ولياليها , وبعضهم يعتقد أنه لابد من لزوم المسجد طيلة النهار والليل وآلا م يصح اعتكافه , وهذا ليس صواباً إذ أن الإعتكاف وإن كانت السنة فيه اعتكاف جميع العشر إلا أنه يصح اعتكاف بعض العشر سواءً نهاراً أو ليلها كما يصح أن يعتكف الإنسان جزءً من الوقت ليلاً أو نهاراً إن كان هناك ما يقطع اعتكافه من المشاغل فإذا ما خرج لا مر مهم أو لوظيفة مثلاً استأنف نية الإعتكاف عند عودته , لأن الإعتكاف في العشر مسنون أما إذا كان الإعتكاف واجباً كأن نذر الإعتكاف مثلاً فأنه يبطل بخروجه من المسجد لغير حاجة الإنسان من غائط وما كان في معناه كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه

فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا

ولا ترض للنفس النفسية بالردى

وفي خلوة الإنسان بالعلم أُنسه

ويسلم دين المرء عند التوحد

ويسلم من قال وقيل ومن أذى

جليس ومن واش بغيظ وحسدِ

وخير مقام قمت فيه وحلية

تحليتها ذكر الإله بمسجد



ومن أهم الأعمال في هذا الشهر وفي العشر الأواخر منة على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ,واعتبار معانية وأمره ونهيه قال تعالى .

{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }

فهذا شهر القرآن , وقد كان النبي صلى الله علية وسلم يدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل علية من القرآن وفي السنة التي توفي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين .

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال « يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما» رواه مسلم

ولقد كان السلف اشد حرصاً على تلاوة القرآن وخاصة في شهر رمضان فقد كان الأسود بن يزيد يختم المصحف في ست ليالي فإذا دخل رمضان ختمه في ثلاث ليال فإذا دخلت العشر ختمه في كل ليلة , وكان الشافعي رحمة الله عليه يختمه في العشر في كل ليلة بين المغرب والعشاء وكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله.

وقد أفاد الحافظ بن رجب رحمه الله أن النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث إنما هو على الوجه المعتاد أما في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها أو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان والعشر منه فلا يكره وعليه عمل السلف  .

نسأل الله الكريم أن يوفقنا إلى طاعته ويستعملنا في مرضاته ويسلك لنا مسلك الصالحين ويحسن لنا الختام ويتقبل منا صالح الأعمال إنه جواد كريم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
  • 28
  • 3
  • 72,905
  • علي

      منذ
    [[أعجبني:]] الحمد لله على قناعة المسلم بعظمة القرآن لأنه أعظم شفاء للقلوب فلنجعله دستورتنا في كل أوقات حياتنا لتدخل عظمته الى قلوبنا والحمد لله تعالى على هذه النعمه
  • نغم محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاكم الله خير الجزاء واعتق رقابكم من النار واثابكمعلى خير اعمالكم
  • سلام

      منذ
    [[أعجبني:]] موضوع مهم في هذه الأيام. اللهم اجعلنا من الفائزين. [[لم يعجبني:]] كيف يمكن ختم القرآن بين المغرب والعشاء، وكيف يحصل التدبر. الوقت بين المغرب والعشاء تقريباً ساعتين، يعني 120 دقيقة، عدد صفحات المصحف تقريباُ 600 صفحة. هذا يعني أن قراءة الصفحة تستغرق 12 ثانية، هذا إذا افترضنا أن القارئ لا يتوقف بل يستمر في القراءة. قراءة الصفحة أخذت مني 60 ثانية وكنت أقرأ بسرعة عالية. عجيب...
  • جمال العمراني

      منذ
    [[أعجبني:]] تذكير الناس بأهمية العشر الأواخر
  • كرم خلف الله

      منذ
    [[أعجبني:]] كل مابالموقع جميل جزاكم الله خيرا وجعلها الله فى ميزان حسناتكم [[لم يعجبني:]] الخط ياريت يكون كبير ومنظم
  • مسلمة

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاكم الله خيرا اللهم اجعلنا من عتقائك من النار
  • S

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وبعد : فجزى الله عنا خيرا صاحب هذه المقالة الطيبة المباركة خير الجزاء و التي ذكرن فيها بالفضائل العظيمة و النفحات الربانية العليلة للعشر الأواخر و هدي النبي صلى الله عليه و سلم فيها ، و أيضا إحياء لسنة أصبح الناس لا يعرفون عنهاولا منها شيئا إلا الإسم ألا و هي سنة الإعتكاف التي للأسف لم تتوفر في كثير من البلدان الإسلامية مع الأسف الشديد الظروف لإحيائها لعدم أو ندرة المساجد التي تفتح أبوابها للمسلمين ليام بهذه الشعيرة العظيمة ،على العموم فإن هذه المقالة التي بين أيدينا قد حوت أهم الآثار و أعظمها فيمايخص العشر الأواخر إلا أنه هناك بعض الملاحظات الخفيفة و الطفيفة سندرجها في مكانها ... [[لم يعجبني:]] أرجو أولا و قبل كل شيء من الإخوةالمباركين الذين يتولون تفريغ هذه المقالات على الموقع أن يتحققوا جيدا و أن يراجعوا نص المقالة قبل إدراجها في الموقع ، هذا فيما يخص الملاحظات الفنيّة أما فيما يخص الملاحظات حول موضوع المقالة فإن الكاتب جزاه الله عنا خيرا لم يتطرّق لأمور أخرى مهمة مثل ثواب تحري ليلة القدر والنصوص الواردة في ذلك و أيضا أجر و ثواب قيام ليلة التاسع و العشرين التي هي كذلك ثبت في فضلها آثار عن حبيبنا المختار عليه أفضل صلاة و أزكى سلام ، هذا و الله تعالى أعلم. و لكم مني و من جلّ المستفيدين من هذا الصرح العظيم الذي جعل الله ذخرا لهذه الأمة أجمل تحية و أزكى باقة شكر سنيّة ، فجزاكم الله عنا و عن الإسلام و المسلمين خيرا والسلام عليكم و رحمته و بركاته .
  • علي دفع الله علي ديدان

      منذ
    [[أعجبني:]] المقالة جيدة و مختصرة و اود ان اسال و اريد الاجابة اذا تفضلتم . انا اعمل بعيدا عن اهلي و لا ازورهم الا في اواخر رمضان , كل هذه الايام اقضيها في صلة الارحام . السؤال: مع توفر النية الصالحة الا يمكن ان تكن هذه من الاعمال التي اتقرب بها الى الله تعالى ؟
  • أبو معاذ

      منذ
    [[أعجبني:]] حسن علي الجملة [[لم يعجبني:]] أنه غير واف ولم يذكر فيه ليلة القدر
  • حبيبة

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاكم الله خير

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً