معوقات الاستقلال الحقيقي في بلاد الربيع العربي

منذ 2012-03-15

تعيش دول الربيع العربي التي شهدت ثورات على أنظمتها البائدة حالة من عدم الاستقرار حيث لم تتشكل بعد الانظمة الجديدة التي من المفترض ان تقود هذه البلاد خلال المرحلة القادمة..جميع هذه الدول تمر بمرحلة انتقالية من خلال سلطة وحكومات مؤقتة ..


تعيش دول الربيع العربي التي شهدت ثورات على أنظمتها البائدة حالة من عدم الاستقرار حيث لم تتشكل بعد الانظمة الجديدة التي من المفترض ان تقود هذه البلاد خلال المرحلة القادمة..جميع هذه الدول تمر بمرحلة انتقالية من خلال سلطة وحكومات مؤقتة استعدادا لانتخاب أنظمة جديدة تعبر عن شعوبها للخروج من الأزمات التي توالت عليها نتيجة استبداد وفساد الانظمة السابقة..


ومع مرور الوقت تظهر في المشهد العديد من الصراعات التي تعطل الوصول لهذا الهدف الذي من اجله قامت الثورات وضحّت هذه الشعوب بارواح الآلاف من أبنائها, وهذه الصراعات لا تقتصر على الداخل بل تمتد للخارج الإقليمي والخارج الدولي؛ حيث أن دول الربيع العربي تمثل أهمية استراتيجية لا يمكن انكارها وبالتالي فإن توجهات الانظمة القادمة فيها تشكل رقما صعبا في المعادلة الإقليمية والدولية..الصراعات الداخلية تبدأ من بقايا الانظمة السابقة التي تسعى لأحد أمرين أو للاثنين معا إن استطاعت الأول: هو التلون لتصبح جزءا من الانظمة القادمة فهي بطبيعتها عديمة المبدأ وما يهمها هو البقاء والمصالح, والثاني: أنها تسعى لإفشال التغيير في محاولة لإعادة النظام القديم أو إعادة استنساخه ..


كما تمر الصراعات الداخلية بالسلطات المؤقتة ـ وهي في معظمها محسوبة على الانظمة السابقة ـ التي تحاول بعضها استغلال الفرصة للاستمرار بشكل أو آخر أو تسليم السلطة لأشخاص قريبين منها للمحافظة على شكل التغيير القادم بحيث لا يبعد كثيرا عن الانظمة السابقة, ولنضرب مثالا على ذلك في مصر حيث يرى المجلس العسكري أن الثورة هي مجرد تغيير لاشخاص ولبعض السياسات وأهم ما فيها هو القضاء على التوريث ولكنه ليس مع التغيير الشامل للاوضاع مما يؤدي إلى الصدامات المتتالية بينه وبين القوى الثورية..


أيضا من الصراعات الداخلية المؤثرة في شكل الانظمة القادمة التيارات المختلفة التي تشارك في العمل السياسي فكل منها يريد نصيب من الكعكة دون النظر لحجم وجوده على الارض حيث يرى العلمانيون "أنهم من دعا إلى الثورة" ـ حسب رأيهم ـ وأن الانتخابات لم تنصفهم وبالتالي يسعون لتعطيل اجراءات نقل السلطة بمطالب فرعية حتى لا تصل إلى أيدي الإسلاميين بينما الإسلاميون ما زالوا في حالة انقسام غير مدركين لخطورة المرحلة..


أما الصراعات الخارجية فتتلخص في محاولة الدول المجاورة للتدخل من أجل الإتيان بأنظمة مناسبة لمصالحها فبعض هذه الانظمة لم تصلها رياح التغيير وهي تخشى من وصول أنظمة ثورية حقيقية للحكم فتؤثر على الاوضاع الداخلية فيها, أضف إلى ذلك أن النظام الجديد تكون له توجهات إقليمية مختلفة مما يثير قلق دول الجوار التي تفضل الانظمة التي اعتادت على التعامل معها وربطت بينهما مصالح مشتركة..


وعلى الصعيد الدولي فالثورات كانت مفاجأة غير سارة لأغلب الدول الكبرى التي كانت تتشدق بالدعوة "للديمقراطية" بينما تدعم "الدكتاتوريات" التي تمارس أبشع أنواع الظلم والتعذيب ضد شعوبها لأنها في النهاية تنفذ ما يطلب منها وتقول نعم ولا حسب الطلب, فهي أسد على شعوبها نعامة مع الغرب؛ لذا فهناك حالة من القلق الدولي حول ماهية الانظمة القادمة خصوصا مع تصاعد التيار الإسلامي والعداء الذي يبديه للتدخل الغربي في قرارات بلاده ومحاولاته للاستغناء عن مساعداته لدعم استقلالها, والغرب لا يجلس متفرجا ولكنه يفتح حوارات مع بعض الاحزاب الاسلامية لجس النبض كما يدعم التيارات العلمانية بملايين الدولارات لكي تقوى على مواجهة التيار الإسلامي أو على الاقل تفلح في تعويقه وتشويهه لعل تكون لها الغلبة في فترة قادمة..


الشعوب العربية تطمح للاستقلال الحقيقي بعد عشرات السنين من الاستقلال الوهمي وهي في ذلك تقابل صعوبات لا تقل عن الصعوبات التي واجهتها لإزالة الانظمة القمعية التي كرست التبعية ومنعت بالحديد والنار كل المحاولات في سبيل القضاء عليها.


خالد مصطفى - 21/4/1433 هـ
 

  • 2
  • 0
  • 2,165

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً