صالح للاستعمال القلبي
قال فيها المؤلف: لقد كانت أعواما في غاية الثراء
كم من مقالات كُتبت وكم من تصريحات أطلقت وكم من كلمات اشتهرت وملأت الدنيا ضجيجا وعراكا على إثرها ثم هدأت الأمور ونسي الناس ما حدث ومرت العاصفة إلى حين..
ثم تتفجر بعده من جديد ويقع الناس معها في نفس الأخطاء ونفس ردود الأفعال التي كانت في العاصفة السابقة ولا يلتفتون إلا لذلك الحدث الذي تحت أقدامهم
ودون أن تشعر تجد نفسك محاصر داخل أسوار المحدودية الآنية وتنظر من حولك فلا ترى إلا جدران صندوق صرت أنت وقلمك حبيسا بداخله
صندوق معتم به فتحات لا ترى من خلالها إلا ما يراد لك أن تراه ولا تخرج منه إلا نتاجا قصير الصلاحية رغم إثاريته إلا أنه يفقد طعمه وصلاحيته للاستعمال الآدمي والفكري بمجرد حدوث عاصفة جديدة
وبعد انقضاء تلك الأعوام والأحداث أعدت النظر في كل ما كتبت فوجدت كثيرا منها لم ينته تاريخ صلاحيته
وجدت العديد من الأفكار والتنظيرات والخواطر والأطروحات المطلقة لم تزل بعد صالحة للاستعمال القلبي
ستجد بين يديك في هذا الكتاب تأملات وخطرات ونظرات
ستجد كلمات ومقالات ومنطلقات يغلب عليها طابع يخاطب القلب ويحاول أن يزيل عنه ما لحق به من ران الواقع
ويخاطب النفس ويعالج بعض آفاتها التي أظهرتها الشدائد والمتغيرات
ويخاطب الفطرة والروح ويلفت الانتباه إلى خطورة المآل الديني والأخلاقي لما جرى في تلك الأعوام الحافلة
ستجد هنا تنهيدات حزينة وزفرات مهمومة
وستجد ابتسامات متفائلة وآمال طامحة
هذه الوريقات التي بين يديك تحمل عصارة شرعية لأعوام ثرية امتلأت بالسعادة والحزن والخوف والأمل
ربما قد لا يجمعها إلا شيء واحد فقط؛ أنها لم تزل صالحة
صالحة للاستعمال الآدمي
- التصنيف:
- المصدر: