أبي قاطعني وزوجتي وأمي غير متفقتين!
أغلب المشاكل التي تحدث بين الزوجات وأمهات الأزواج سببها السكن في بيت واحد دون أي تفاهم بينهما، والأنسب والأصلح هو أن تسكن الزوجة في بيت مستقل؛ لتنال حريتها، خاصة إن كان الزوج موجودًا.
أنا شاب أبي يمني وأمي مصرية، وقد طلقت أمي عندما كان عمري خمس سنوات، فتركتني وسافرت إلى مصر، وعشت مع أبي في اليمن، وكنت مشتاقًا لأمي كثيرًا، ودرست حتى أكملت دراستي، وسافرت إلى السعودية، واشتغلت في السعودية أربع سنوات، ثم سافرت إلى مصر لكي أرى أمي، وكان أبي غير راض عن الذي حصل، فجلست مع أمي شهرًا واحدًا لظروف العمل في السعودية، ثم سافرت إلى اليمن، وتزوجت، وبعد ثلاثة أشهر رجعت السعودية، وبدأت المعركة: زوجتك فعلت وفعلت. وزوجتي تقول: خالتك التي هي زوجة أبي فعلت وفعلت. فاضطررت أن أجعلها تعيش ببيت أبيها حتى رزقنا الله بمولود، وسافرت إلى اليمن لكي أسافر بها إلى أمي لكي تفرح بالمولود الجديد وزوجة ابنها، وكانت الأمور مستقرة وهادئة، حتى بدأ الولد يكبر وبكبر في هذه المشاكل، فأمي تريده أن ينام عندها، وزوجتي تريد ولدي معها، فحصلت مشاجرات على الولد في الليل عند المنام، وحاولت أمي أن تأخذه بالقوة، وزوجتي لم توافق على أخذ ولدها، فلطمتها أمي وأخذت الولد، وسارعت أمي بإرسال الرسائل دون أن أعرف شيئًا، فقالت: زوجتك بنت غير متربية، تحاول أن تضربني. وهذا غير ممكن، والله أعلم، والآن الزوجة تريد أن تخرج بيت بمفردها، ولا تستطيع العيش مع أمي، ولا أعرف ما الحل! أمي وأبي أغلا الناس.
أبي قاطعنا لمدة سنة، لا يرد على تلفوناتي، وأمي أكلمها بكل جميل ولا تتفق مع زوجتي، ولا زوجتي قابلة للوضع أن تعيش مع أمي؛ لأنها ضربتها. وللعلم: زوجتي يمنية.
فمرحبًا بك أخي الكريم، وردًا على استشارتك أقول:
سفرك لرؤية أمك والبر بها واجب؛ فهو من البر والإحسان الذي أمر الله به، وغضب والدك ليس له مبرر إن كان ذلك هو السبب، ومع هذا فلا تقطع والدك من التواصل وإن لم يرد عليك، واكتب إليه الرسائل التي تستعطفه بها وتذكره بالله تعالى.
بين له أن زيارتك لوالدتك لا تعني بعدك عنه، وإنما هي من باب البر الذي أمر الله به، وكان الواجب عليه أن يشجعك لبرها والتواصل معها.
خصص لوالدك مصاريف شهرية ولا تقطعه؛ فذلك قد يلين قلبه حتى ولو كان مستغنيًا، ووسط عليه بعض إخوانك الموجودين في اليمن إن كان لك إخوة.
وسط أقرب الناس إلى قلب والدك كأحد أعمامك؛ ليكون وسيطًا في تقريب وجهات النظر بينكما، ولينظر إلى الأسباب التي جعلت والدك يقاطعك طيلة هذه المدة.
بقاء زوجتك في مصر لا يعني عدم زيارة والدك، بل ينبغي أن تخصص لوالدك زيارة مفاجئة وترتمي بين يديه مقبلاً ركبته طالبًا رضاه؛ فلعلك تجد قلبًا رحيمًا حنونًا.
أغلب المشاكل التي تحدث بين الزوجات وأمهات الأزواج سببها السكن في بيت واحد دون أي تفاهم بينهما، والأنسب والأصلح هو أن تسكن الزوجة في بيت مستقل؛ لتنال حريتها، خاصة إن كان الزوج موجودًا. أما في مثل حالتك؛ فلا بأس، لكن ينبغي تجنب أسباب الاحتكاك، ومن ذلك موضوع نوم الولد، فأتمنى أن تقنع والدتك بأسلوب حكيم وهادئ أن الولد في مثل هذه السن يحتاج إلى أمه، وحين يستقل بنفسه ويصير غير محتاج لأمه يمكن أن ينام عندها.
ينبغي أن تتفاهم مع زوجتك، وأن عليها أن تقدر الوضع الذي أنت فيه، وإن كان الولد لا يحتاج لأمه بالليل؛ فلا مانع أن ينام يوما معها ويومًا مع جدته.
خذ بخاطر زوجتك، وهدئ من روعها، واعتذر لها عما حصل من أمك، واطلب منها أن تعتذر من والدتك لا لأنها أخطأت، ولكن من باب تهدئة الوضع وإطفاء نار المشكلة، وطاعة لك، وكون أمك امرأة أكبر سنًا منها.
انصح زوجتك أن تتعامل مع أمك كما تتعامل مع أمها، وأن تقترب منها وتعينها وتخدمها، وتستفيد من خبرتها في الحياة، وتستشيرها؛ وستجدها حينئذ من أكبر المحبين لها.
أكرم زوجتك وأحسن إليها؛ كونها في بلد غربة، وابتدئها بالكلام الذي يهدئ من روعها ويطمئنها.
اجتهد في استمالة قلب زوجتك، وأشعرها بحبك؛ كي تكون مصغية لتوجيهاتك.
الحكمة والرفق والتوفيق بين أمك وزوجتك مطلوب، وعليك أن توجه زوجتك بألا تتعامل مع أمك معاملة الند للند، وكلما تفهمت زوجتك تفكير أمك وتعاملت مع نفسيتها؛ كانت أقرب إلى قلبها بإذن الله.
لا تنس التضرع بين يدي الله تعالى بالدعاء وأنت ساجد سائلاً الله تعالى أن يلين قلب والدك، وأن يؤلف بين قلب والدتك وزوجتك، وأكثر من دعاء ذي النون؛ فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له».
أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم، يقول عليه الصلاة والسلام: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا» وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: «إذًا تكفى همك ويغفر ذنبك».
نسعد بتواصلك، ونسأل الله أن يصلح أحوالك كلها، إنه سميع مجيب.
المستشار: د.عقيل المقطري