زوجي لا مشاعر لديه ولا أحاسيس!
إنّ الرومانسية ليست كل شيء في الحياة الزوجية، فالعلاقة التي تجمع بين الزوجين عبارة عن حياة كريمة متكاملة الجوانب، والرومانسية هي المودة الرحمة في أجلّ صورها.
أنا متزوجة منذ 24 سنة، وكانت الـ10 السنوات الأولى قمة في الرومنسية من ناحيتي، وكنت أتجاهل عصبية زوجي، وكلما كان في البيت كنت في حضنه وحوله، ولما يخرج ويرجع يجدني ألبس وأتزين له، وكنت أفعل ذلك لأن أولادي صغار، وخائفة أن يتركنا؛ لأنه جاف عاطفيًا جدًا، لكني أنا التي "أتدلع" والفلوس يعطيني في العيد فقط، وبقية ملابسي من أخواتي، لكنه في مصروف البيت والأكل لا يقصر، وفي الفراش أيضًا، وكنت أقنع نفسي بأنه يحبني بهذه الطريقة، فلا أبحث عن كلام الحب أو التعبير بطريقة أخرى، لكن توالت السنين واستهلكت طاقتي، ولم أجد ردودًا حلوة لتعاملي سوى أنه يهتم بأولادنا كثيرًا، لكن منذ 4 شهور أحسست أني لا أريده؛ فأصبحت باردة معه، لدرجة أنه سافر لمدة يومين ورجع فلم أدوعه ولم أستقبله، وكان ينظر لي وهو مكسور، لكن هذه حقيقة مشاعري التي أخفيتها منذ سنين بدأت تظهر.
الآن هو مسافر لمدة 6 أسابيع للدراسة، ولم يخبرني، وقال للأولاد؛ يريدني أن أعرف منهم، وقبل سفره كان ودودًا ويريد أن يقول شيئًا لكني لم أعطه فرصة، أو هو ما استطاع أن يقول، وبعدما سافر بيومين أرسلت له رسالة أخبره بأمور البيت، فرد بشكل عادي، وبعد يومين أرسلت له "تصبح على خير.." وكلامًا حلوًا، فلم يرد. لكنه في الصباح أرس لي أنه كان نائمًا، وأرسل لي ورودًا، ثم أرسلت له فلم يجب، فاتصلت عليه فأجابني وكان سعيدًا باتصالي، وكان يؤكد لي أنه مسافر للدراسة فقط؛ لأنه قبل 3 سنين كان يهددني أن يتزوج أخرى، المهم لم أعد أكلمه حتى يوم العيد، وعايدته، وكل شيء كان جيدًا، بعدها لم أكلمه ولم يكملنا، ثم عاد فاتصل يسأل عن البيت وإذا كنا محتاجين فلوسًا، وقلت لا، عندنا ما يكفينا، لكني اليوم أرسلت له وقلت له: أنت لما سافرت كأنك كنت زعلانًا مني، هل ما زلت حبيبتك؟ فلم يرد. أرسلت له أخرى، وقلت: أعرف أنك تحبني، لكنك مستح أن تقول. فاتضح أنه غضب؛ لأن الرسائل كلها في جوال ولدي الكبير -21سنة- ورد علي: أنت بقرة وحمقاء، أحسن لك أن تسكتي؛ لأنك بذلك على الأقل لن تبيني صفاتك التافهة!
ماذا أفعل؟ كرهته وكرهت الكلام معه، ليس عنده أسلوب، وأشعر أني أعيش مع إنسان لا مشاعر لديه ولا أحاسيس!!
الأخت الفاضلة: ساره، حفظها الله.
إنّ المشاعر والعلاقة العاطفية بين الزوجين تتأثّر وتتبدل بحسب الظروف التي يمرّ بها الزوجان، فوجود الأطفال والانشغال أكثر بظروف الحياة ومتغيراتها يؤثر بلا شك في ذلك، وقولك أنّك عشت أجمل عشر سنوات رومانسيّة، فهذا للصراحة إنجاز عظيم، بغض النظر عن الجهة المبادرة في ذلك.
أختي سارة:
إنّ الرومانسية ليست كل شيء في الحياة الزوجية، فالعلاقة التي تجمع بين الزوجين عبارة عن حياة كريمة متكاملة الجوانب، والرومانسية هي المودة الرحمة في أجلّ صورها، وذلك بفضل العشرة الزوجية التي تلعب دورًا في إذكاء المشاعر بين الزوجين، فالرومانسية لا تأتي فقط من إيقاد الشموع، وإهداء الورود، وقول الكلمات الرومانسيّة، وخاصّة أنّ الرجل بطبيعته يميل إلى كتمان المشاعر في أغلب الأحيان، ولا يعني ذلك أنه قاس أو أنّه يفتقر إلى الإحساس، بالعكس قد يكون الرجل أحيانًا أكثر تأثّرًا من المرأة، إلاّ أنّه قد يعبّر عن تأثره بطريقة تبدو معاكسة لما يشعر به، أو أنه قد يلتزم الصمت، فزوجك يا أختي العزيزة هومن تلك الفئة من الرجال، كما أنّ سماته الشخصية تجنح إلى الناحية العملية، عكس شخصيّتك الرومانسية، فأنت ذكرت أنك دائمًا المبادرة في تقديم لزوجك الكثير من مظاهر الرومانسية لسنوات طويلة، ولكن ردّ فعل زوجك لم تكن على قدر توقعاتك وآمالك، فأصابك الإحباط والحزن.
أختي العزيزة، يجب أن تدركي أن الرومانسية لن تحصلي عليها بالمطالبة بها، إنّما هو شيء أنت تحدثينه في حياتك بطريقة تناسب عمرك الزوجي وعلاقتك الزوجية، وبكل هدوء وروية وواقعية، فالمسألةُ تتطلّب منك شيئًا من والتعقّل والحكمة، فالرجل له طبيعة عمليّة، وليس من السهل تغييرها، فهو لا يمكنه أن يشحن نفسه بالمشاعر التي هي فعليًّا لا تشغل عنده إلا حيّزًا ضيّقًا، فالرجل عادة يعبر عن حبّه بأفعاله أكثر من الأقوال، وذلك من خلال تحمّله للمسؤوليّة والاهتمام والاحترام والانفاق، وخاصّة بعد مرحلة معيّنة من الزواج، فكيف إذا كان بعد كلّ هذه السنوات الطويلة؟
أختي العزيزة، أنصحك أن:
لا تضخّمي الأمور ولا تعطيها أكبر من حجمها، فأنت بخير بإذن الله، وحياتك الزوجيّة بخير، ولكن عليك أن تتفهّمي طبيعة زوجك، وطبيعة كل مرحلة تعيشينها، وأن تسعدي بحياتك وأولادك.
أن تتغاضي عن بعض ما قد يصدر من زوجك، حتى وإن كان مزعجًا، ولا تركّزي على سلوكه السلبي معك؛ مِن أجل الحفاظ على صفاء العلاقة، وهدوء النفس واستقرار العائلة، وأن تتفهَّمي وجهة نظره، وحاولي أن تبني جسورًا من الصداقة بينكما، تقرّبي إليه وشاركيه اهتماماته ولكن دون مبالغة، ولا تضييق أو حصار؛ حتى لا يدعوه ذلك إلى النفور، مارسي معه بعض نشاطاته، تحدّثي معه عن أمور الأولاد وخاصّة أنهم أصبحوا شبابًا.
أن تشغلي نفسك وفراغك، وذلك من خلال تطوير نفسك وتزويدها بالمعرفة، والاهتمام ببيتك مملكتك، بأولادك والتقرّب منهم، والتواصل مع الصديقات الصالحات، وممارسة الرياضة.
أن تركزّي على إيجابيّات زوجك وليس على سلبيّاته؛ فهو بفضل من الله رجل لا يقرب الحرام والمعاصي، كما أرجو منك أن لا تركّزي فقط عليه، فتخسريه بتضييق الخناق، وأن لا تهمليه فيكسر، خاصّة بعد معاملتك الخاصّة التي تعوّد عليها منك، ولكن توازني في محبّتك له، وفي إغداق المشاعر.
احرصي على أن تكون خصوصياتكما بعيدة عن الأولاد؛ فهذا يسبب الإحراج لزوجك؛ فيؤدّي بالتالي إلى ظهور المشاكل بينكما.
ختامًا أختي الغالية: أذكرك أنّه لا يوجد في الحياة زوج كامل؛ لذلك فإن الحصول على زوجٍ مثالي وخالٍ من العيوب هو من المستحيلات؛ لأنّ البشر جميعًا لا يخلون من العيوب وغير معصومين من الأخطاء؛ لذلك فإنّه ينبغي عليك النظر إلى زوجك بعين الرضا والحمد؛ ليبارك الله تعالى لها فيه وفي أسرتك -حماها المولى لك-.
لك دعائي وتقديري.
المستشار: أ. باسمة شحادة