همسة تربوية (2)
على فرض أنك ترين (حرمة) ارتداء هذه الأشياء؛ ودون الخوض في جدل فقهي؛ فأنت ذات حرية في اعتقادك؛ هو ليس مكلفًا بعدُ لكي تشعرينه بتأنيب الضمير لأنه لم ينفذ ذلك، هو طفل مثل جميع الأطفال
أريد أن يرتدي ولدي ذو الأربع سنوات قميصًا أبيضً إلى منتصف الساق!
جميع الأطفال يرتدون الملابس البراقة الجميلة الملونة؛ سراويل وقمصان... إلخ.
فما المشكلة؟! ولماذا أدفع ولدي ليكون (محرومًا) من ارتداء ما يجعله (مثل) جميع أقرانه، لماذا أدفعه لشعور بالنقص؟!
على فرض أنك ترين (حرمة) ارتداء هذه الأشياء؛ ودون الخوض في جدل فقهي؛ فأنت ذات حرية في اعتقادك؛ هو ليس مكلفًا بعدُ لكي تشعرنه بتأنيب الضمير لأنه لم ينفذ ذلك، هو طفل مثل جميع الأطفال.
يمكنني أن أحببه في هذا الرداء بأن أجعله شيئًا ثمينًا جدًا، مخصصًا لأيام العيد، والذهاب للمسجد مع الوالد، ويرتديه بكامل رغبته، بل بالطلب والرجاء،
أما أن أنفق من وقتي للحوار معه في أهمية ارتداء هذا الزي، فكم من توجيه أولى منه؟!
في هذه الحالة سيكون عدد توجيهاتك اليومية تفوق الحصر، وبالتالي تركيزك على ما لم يفترضه الله عليه بعد، وعدم التدرج في ذلك، حالة من اثنتين:
1- أن تكثري عليه؛ حتى يمل ويعاند، فلا أنت حصلت هذا الأمر، ولا حصلت السلوكيات الأساسية، الواجب تعلمها في هذه السن.
2- أن تتركي ما هو أهم وأولى في هذه السن الصغيرة؛ من تعليم السلوكيات الأساسية؛ التي لم يتعلمها بعدُ من الأساس.
تذكري أن الطفل لا زال ورقة بيضاء؛ قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل:78].
فإذا كان الله عز وجل إذ شرع لنا افترض علينا الأمور تدريجيًا، وحبب إلينا الفرائض، ثم النوافل، ثم الازدياد منها؛ فكيف إذا رأيت رجلًا يرتدى القميص الأبيض؛ وهو أصلًا لا يُصلي؟! هل هذا ممدوح أم مذموم؟! ولو سألتِهِ لقال لك: "سُنة عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قال الله تعالى في الحديث القدسي: «وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه» (صحيح البخاري؛ برقم:6502).
فلنتعلم فقه ما نبدأ به مع أطفالنا، ولنراع أعمارهم، وفتن زمانهم.
____________________
تم النشر