توفيت خالتي ولا زالت ابنتها الكبيرة تكتم حزنها فكيف أساعدها؟
كيف نتعامل مع الحزن الدفين بقلوبنا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفيت خالتي قبل شهر من الآن، ولها ثلاث بنات فقط، أكبرهن تبلغ من العمر(21) سنة، وأصغرهن تبلغ من العمر (17) سنة، تعلق الفتيات بوالدتهن أقوى من تعلقهن بوالدهم، وذلك بحكم ظروف عمله، فهو يعمل في مدينة أخرى، ويزورهم نهاية كل أسبوع، لقد توفيت خالتي إثر حادث مروري أمام منزلها، كانت تصحبها ابنتها الصغيرة، وقد سمعت الأخت الكبرى خبر الوفاة بالمستشفى.
دكتور: المشكلة تكمُن في أن البنت الكبيرة لم تَبكِي أو تتكلم، بل على العكس تماماً، كانت تضحك وتُصَّبِّر الناس، لقد انتهت أيام العزاء، وإلى اليوم لم تُفضفض أو تبكي، أنا خائفة من أن ينعكس حزنها على نفسها، علمًا بأنها شخصية كتومة وغامضة.
أريد مساعدتها، فكيف أبدأ؟ وكيف لي أن أجعلها تتكلم وتُفضفض لي؟ أريد أن أحمل بعض همومها، ما هي الطريقة -يا دكتور-؟ وهل الاهتمام الزائد يؤدي إلى كرهي؟ وما هي حدود التعامل معها؟ علمًا بأنها تتحمل مسؤولية كبيرة تفوق طاقتها وتُتعبها، كل ذلك حتى لا تُشعر والدها وأخواتها بالنقص، فكيف لي أن أجعلها تُفضفض؟ فأنا أريد مساعدتها.
الله يساعدك ساعدني وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يميل بعض الناس إلى شيء من الحساسية في شخصيتهم، ويبدو أن هذه الفتاة واحدة من هؤلاء، حيث تتأثر بالأحداث التي تجري من حولها، إن ما تمرُّ به هذه الفتاة هي حالة من أسى الفقدان بوفاة الخالة، ولابد أن يأخذ الأمر بعض الوقت، إن ما شعرت به، وربما شعر به آخرون في الأسرة لوفاة الخالة، إنما هو انفعال طبيعي وتأثُّر للحدث الكبير.
ولا شك أن الوفاة كانت حادثة صادمة لكم جميعاً، وربما نبشت هذه الصدمة أحزانًا أُخرى دفينة في حياتها الخاصة، والتي ربما لم تصل لدرجة أنها أحداث كبيرة، إلا أنها كلها مؤثرات عاطفية متراكمة، فكانت صدمة وفاة الخالة الصدمة التي حركت الكثير.
وما يعينكم جميعا على التكيف مع هذا الحال وخاصة هذه الفتاة عدة أمور ومنها: الانتباه لهذا الأمر الذي ذكرته حول تراكم الأمور العاطفية، وبهذا المعنى يكون حزنكم هذا صحيّ، حيث يساعدكم على تفريغ الكثير من الشحنات العاطفية، والمشاعر المكبوتة، ولكن ليس غريبًا أن نجد أحد أفراد الأسرة،-وخاصة الذي يتحمل الكثير من مسؤوليات الأسرة وأمورها الحياتية- ليس غريبًا أن يبدو وكأنه لم يتأثر بالحدث أو الوفاة، فقد لا يبكي أو لا ينفعل، وربما هذا ما حدث مع هذه الفتاة.
ومعك كل الحق في محاولة مساعدتها على الفضفضة والتفريغ عما في نفسها، لأن هذا سيُساعدها ويُخفف عنها.
ومن الأمور التي يمكن أن تعينك على تجاوز هذا: أن تحاولوا الحديث عن الخالة، وربما وجود صور لها بين أيدي هذه الفتاة، ولاشك أن المناسبات الخاصة كرمضان والأعياد تعتبر فرصًا طبيعية للتذكر واستعادة ذكريات الماضي، مما يمكن أن يحرك الحزن عند هذه الفتاة فتبدأ بالفضفضة، وهذا الحزن أو الأسى سيأخذ حدّه، ومن ثم يبدأ بالتراجع شيئًا فشيئًا.
وفقك الله ويسّر لكم تجاوز ما أنتم فيه، وإن شاء الله ما هي إلا مرحلة عابرة، وستتجاوزونها، وفي وقت قصير.
- التصنيف:
- المصدر: