حماتي تُفَرِّق بيني وبين زوجتي
أنا شابٌّ في منتصف الثلاثينيات مِن العمر، ضاقتْ بي الدنيا، وأُقفلتْ جميع الأبواب عني، لجأتُ إلى الله - عز وجل - في مُصيبتي، وقد ألْهَمَني الله أن أستخدم الإنترنت لقضاء حاجتي؛ عسى أن يوفقني الله بكم، جزاكم الله خيرًا.
خسرتُ بيتي ومكان عملي بسبب الأوضاع في بلدي، وأنا متزوِّج، وعندي ولدان، ولقد عانيتُ كثيرًا حتى أستطيعَ رعايتهم، فاستطعتُ أن أعملَ في مكانٍ ما براتب ضعيف، وأهلُ الخير ساعدوني، ولكن صار عندي مشكلة وهي سبب اتصالي بكم.
تركتُ زوجتي وأولادي عند أهلِها، ووالدة زوجتي لا تحبني، وعندما ذهبتُ لإحضارها مع أولادي، لم يعطوني زوجتي ولا أولادي، ولم يدَعوني أدخل لأراهم، وحجتهم أني لا أستطيع أن أستأجرَ لهم منزلًا!
عامَلوني بشكلٍ سيئٍ، وحاولتُ أنْ آخذَ أبي معي؛ لنتكلم مع والد زوجتي، ولكن والدة زوجتي أَوْصَتْه بألا يُحَقِّقَ لي أي طلب! وفعلًا عاملوني بسوء جدًّا، ورفضوا إرجاع زوجتي. المشكلةُ أنَّ زوجتي تغيرتْ تمامًا، مع العلم أننا متزوجان ولم يكنْ بيننا أيُّ مشاكل، وبيننا حبٌّ، وكنا راضِيَيْنِ بما أعطانا الله مِن نِعَم، وحتى أهل زوجتي عندما كانوا يأتون عندي، كنتُ أُعاملهم مِثْل أهلي وأكثر!
لا أعرف ماذا أفعل؟ أنا في كل ليلة أبكي وأدعو الله - عز وجل - أن يُرجعَ لي زوجتي وأولادي، وحسبي الله ونعم الوكيل.
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فأسأل الله - أيُّها الأخ الكريم - أن يفرجَ كربكم، ويُعجِّل خلاصكم، ويجمع شمل أسرتك، ويرزقك رزقًا واسعًا، وفي الحقيقة أنا أقدِّرُ ما تشعرُ به مِن محنةٍ زادها تأزمًا المأزِقُ الأُسَرِيُّ الذي تمرُّ به؛ فرَّج الله عنك وعن إخوانك، وحلُّ المشكلات الأُسَرِيَّة قد يكون سهلًا، ولكن يحتاج إلى قدرٍ كبيرٍ من الصبرِ والحكمةِ في التعامل، وحسن تقديرٍ لعواقب أيِّ قرارٍ يمكن أن يُتَّخَذ، فَكَرِّرِ المُحاوَلَةَ مع زوجتك وأهلها عن طريق بعض العقلاء من الأقارب أو غيرهم؛ ليُعْلِمُوهُمْ أنك مُتَمَسِّكٌ بها وبأولادك، إلى غير ذلك من العبارات العاقِلَةِ.
فإن أَصَرَّتْ على مَوْقِفِهَا، فَدَعْهَا فترةً لا تَتَّصِل بها، ولا تُرسل إليها أَحَدًا، وإن طالت المدةُ حتَّى تَسْعَى هي وأهلُها إليك، ساعتها ستستطيع التفاهُم معها؛ فبعض النساءِ يُصلِحُهُنَّ الإهمالُ والتغافل عنهن؛ حتى تَثُوبَ إلى رُشْدِهَا، وتعودَ لعَقْلِها، ولكنْ هذا الدواءُ يحتاج لحكمةٍ وحرصٍ عند استخدامه. واستعنْ بالله، ولا تعجز، ولا تتعجلْ، وعليك بالصبر والاحتمال، وكن حليمًا، وإلا فالجولةُ ستكون لأكثركم صبرًا وتحمُّلًا.
وَحَاوِلْ أن تَصِلَ إليها مباشرةً، وقُم بتوجيهها؛ فأنت مسؤولٌ عنها، ولك حقوقٌ عليها؛ كما قال تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[البقرة: 228]، وقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ على النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء: 34].
وَأَبْلِغْها أنَّ استقرار الحياة الزوجية واستمرارَها غايةٌ مِن الغايات التي حَرَصَ الإسلامُ عليها، وحثَّ الناسُ عليها؛ فعلى كلٍّ مِن الزوجين أن يحافظَ على ما يَضْمَن استمرارها، ويَدْعَمُ استقرارَها، ويُقَوِّي أواصرها؛ فيتغاضَى عن بعض حُقوقه الخاصة، وأن يؤديَ ما يجب عليه؛ فالحياةُ الزوجيةُ حبلٌ متينٌ، وميثاقٌ غليظٌ، لا ينبغي الإخلالُ أو التهاونُ بها ولا إضعافها؛ ولذلك فاصبر قَدْرَ طاقتك، وذكِّرها بالله - عز وجل - وما أَوْجَبَ عليها من طاعة الزوج في المعروف، وراجعْ نفسَكَ رُبَّما يكون عندك أوجه قصورٍ تجاهها، أو شَيْءٌ مِنَ الخَلَلِ نحوَها فتُصْلِحُه؛ لعلَّ الأمورَ تستقيمُ، فَتَرْجِعَ عَنْ نُشُوزِهَا.
وفقكَ الله لكلِّ خيرٍ، وَجَمَعَ شملَكَ قريبًا.
- التصنيف:
- المصدر: