زوجي يظلمني ويُفَضِّل زوجته الثانية عليَّ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإنَّ الله تعالى أباح تعدُّد الزوجات للرجل بشروطٍ وضوابط؛ تحقق العدل والمصلحة، ولم يطلق -سبحانه وتعالى- أحكم الحاكمين العنان للزوج أن يميلَ كيفما شاء إلى أيتهما، فأوجب -سبحانه- على الزوج العدل بين الزوجات، وجعله واجبًا متحتمًا، لا يسع الزوج تركه بحالٍ، وجعل -سبحانه- جواز التعدُّد مشروطًا بالعدل؛ فقال -سبحانه-: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]، وقال: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 129].
وعن أبي هريرة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن كانتْ له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشِقُّه مائلٌ" (رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني).
وهذا مما اتفق عليه أئمة الدين، وعلماء المسلمين، فإنهم مجمعون على ما علم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم؛ قال أبو محمد بن حزم -رحمه الله- في المُحَلَّى: "والعدلُ بين الزوجات فرضٌ، وأكثر ذلك في قسمة الليالي". انتهى.
فإنْ أراد زوج السفر، فعليه أن يقرعَ بينك وبين زوجته الأخرى، فأيتهما خرج سهمُها، أخذها معه، إلا أن تتنازل إحداكما لصاحبتها.
جاء في "الشرح الكبير" لابن قُدامة: "وإن أراد إفراد بعضهن بالسفر معه، لم يجزْ، إلا بقرعةٍ". انتهى.
فإن تعدى وسافر بغير قرعةٍ، فإنه يأثم، ويجب عليه أن يقضي لك ما فاتك من ليالٍ قضاها في السفر؛ جاء في "المغني": "لكن إن سافر بإحداهن بغير قرعةٍ، أثم، وقضى للبواقي بعد سفره". انتهى.
فبان بهذا -أيتها الأخت الكريمة- أن ما يصنعه زوجك ظلمٌ وجَوْرٌ لا يجوز، فعليك أن تنصحيه في ذلك برفقٍ ولينٍ، وأظْهِري له شفقتك عليه مِن غضب الله تعالى، وبيِّني له تضررك من هذا الجور في المعاملة، وذكِّريه بحقك عليه، وأن زوجته الثانية كالأولى؛ لها مِن الحقوق ما للأولى، مِثلًا بمثلٍ، وأن عليه أن يتقي الله فيك، فأنت أمانةٌ في عنقه، وبينكما عهد الله وميثاقه الغليظ، وقد شدَّد رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وحرَّج حق المرأة، حيث قال: "اللهم إني أحرِّج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة" (رواه ابن ماجه وأحمد).
وتكلَّفي التلطُّف واللين في الحديث؛ فالكلامُ اللين يجد طريقه نحو القلوب والأفئدة، بخلاف الغلظة والشدة؛ فإنها -غالبًا- ما تأتي بعكس المقصود، واذكري له أن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل الهدي، فكان -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهنَّ خَرَج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأةٍ منهن يومها وليلتها؛ كما في الصحيحين، وحتى في مرض موته كان يقسم لنسائه، على الرغم من مشقَّة ذلك، حتى أذن له أن يطبب عند عائشة.
أصلح الله بالك، وهدى الله زوجك للحق.
- التصنيف:
- المصدر: