أحببت رجلا ثم تركته وأريد مساعدته!
أنا فتاةٌ في منتصف العشرينيات مِن عمري، تقدَّم لخطبتي رجلٌ في بداية الأربعينيات، كان يُقيم في دولةٍ أجنبيَّةٍ، وتزوَّج مِن امرأة مسيحيةٍ مِن أجل الحصول على الجنسية، ولم يحدثْ طلاقٌ بينهما! رفضتُ في البداية الخطبة، لكنه اتَّصل بي بعد ذلك، وبدأتْ بيننا علاقة حبٍّ، أحببتُه بالرغم مِن العيوب الموجودة فيه!
بعد هذا الحبِّ الحادث بيننا، وبعد أن تأكَّدَ مِنْ حبِّي له، أصبح يتهرَّب مِن الزواج والخطبة الرسْميَّة؛ بحجة أنه سيُسافر! بدأ مع الوقت يطلُب مني أشياء غريبة سيئة؛ كالذهاب معه للبيت؛ بحجة رؤية أثاث البيت، والقُبَل، لكنني رفضتُ!
ألحَّ عليَّ كثيرًا في طلباته هذه، فقررتُ أن أتركه؛ فهو يتلاعب بي كي يصل إلى شيءٍ ما، وأحيانًا أخرى أشعر بإعجابِه وحبِّه لي، لم أستطعْ فهمه.
في هذه المدة تقدَّم لخطبتي شخصٌ مِن أقاربنا، فقمتُ بصلاة الاستخارة، ثم وافقتُ على قريبي؛ كي أُحَصِّنَ نفسي، وأبتعدَ عنه، لكني ما زلتُ أحبه، ولا أستطيع نسيانه!
كما أنني أتألم لحاله؛ فبالرغم مِن كِبَر سنِّه، فإنه يتهرَّب من الزواج، ويميل إلى الحرام، فقد أخبرني أن أمه خطبتْ له أكثر مِن 10 فتيات، ولم يقبل أي واحدة!
بعد مُوافقتي على قريبي اتصل بي، فأخبرتُه أنني خُطبتُ، ويجب أن يبتعدَ عني، فأحسستُ بحُرقة في كلامه، وأنه كان يجب أن أصبرَ عليه! فقلت له: عدني بأنك ستتقدم لي، فرفض!
أردتُ أن أُغَيِّره إلى الأحسن؛ فهو يُكَلِّم فتيات عبر الهاتف، ويميل للحرام، وأعلم أن هذا خطأ لأني خُطِبتُ لغيره! أنا الآن في حيرةٍ مِن أمري، أريد مُساعدته، وأريده أن يتزوجَ، ويُغيِّر مِن حياته، لكنني لا أستطيع التحدُّث إليه؛ حتى لا أكونَ خائنةً، انصحوني، ماذا أفعل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فقد أحسنتِ -أيتها الابنة الكريمة- أن أخذتِ نفسك بالشدة، وتغلَّبتِ عليها، وأتممتِ خطبتك مِن قريبك، فكوني بنفس تلك القوة والعزيمة في قطْعِ علاقتك المحرَّمة -نهائيًّا- بهذا الشخص، والتي لا يُقرها شرعٌ ولا عُرفٌ، حتى وإن كان الغرضُ منها نَبِيلاً، فاخلعيه مِن قلبك، وأنا أُدرك صُعوبة أن تتخلَّصَ فتاةٌ مِن مشاعرها القديمة، ولكن مشاعرك محرَّمةٌ وفي الاتجاه الخطأ؛ لذلك يتعين عليك منْعُ نفسك بالقوة والمثابَرة، والصبر الجميل، ومَن يتصبر يُصبره الله؛ كما صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي: مَن يقصد الصبر ويُؤثره يُعان عليه، ويُوفِّقه الله له؛ ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم في الحديث نفسه: " " (صحيح مسلم).
فإن أصابك مِن جرَّاء هذا مَرارةٌ وتأثرٌ، فتذكري أنَّ الأمر منه، والأصعب والأخطر -دنيا ودينًا- هو التمادي والاستمرار في هذا الطريق المُظْلِم، أو الإصرار على السير فيما لا يرضي الله تعالى، وإن ألبسه الشيطانُ لك ثوب الشفقة والرحمة والرغبة في الخير له، والعمل على النجاة به، إلى غير هذا مِن الظنون والأماني التي يُزَيِّنها الشيطانُ لك، وأظن أنه لا يخفى عليك أنَّ هذا الرجل الذي عاش في الغرب، وتطبَّع بقِيَمهم السافلة من الانغماس في شهوات النفس لا يخفى عليك أنه لو كان قد ظفر بك في الحرام، لكان قد تركك الآن، وبَحَث عن غيرك... وهكذا.
والعجيبُ أنك تعلمين أنه يُكَلِّم فتيات عبر الهاتف، وربما لا يقتصر الأمر عند هذا، ثم تقولين: إنك ما زلتِ تُحبِّينه!
فاحذري -رعاكِ الله- إن تَرَكْتِ نفسك لِغَيِّها أن يكونَ قلبك مع رجلٍ، وجسدك عند رجلٍ آخر، فتعيشي مُعَذَّبة بين وخْز الضمير والشعور بالخيانة. فاطوي تلك الصفحة، واحسمي هذه العلاقة، واتركي الخطأ، وتمسكي بالصواب، وتوبي إلى اللهِ توبةً صادقةً، واجتهدي في العودة إلى الله التوابِ الرحيم، واحْرِصي على فِعْل الخير والصواب، واشغلي نفسك بالصلاة وبالطاعة، وتوجَّهي إلى الله -تبارك وتعالى- واسأليه أن يصرفَ عنك الشر، وأن يرضيك بما رزقك، فالسعادةُ لا تُجْلَب بتلك البدايات الخاطئة والعلاقات المحرمة، ولكن الشيطان يجمع الناس على الغفلات، ويُزين لهم تلك العواطف، وما هي إلا شهواتٌ حيوانيةٌ، ولو تأملتِ ما كتبت لأدركت أن ذلك الرجل مِن هذا النوع، بخلاف مَن جاءك بالطريقة الشرعية، وخطبك مِن أهلك؛ فهذا قد بدأ علاقةً صحيحةً، وهو -إن شاء الله- بدايةٌ لزواجٍ شرعي.
وتذكَّري -دائمًا- أن الشارعَ الحكيم قد حدَّ حدودًا، ووضَع ضوابط لاختيار الزوج، فقال -صلى الله عليه وسلم: " "؛ (رواه الترمذيُّ)، ومَن يخادن الفتيات، ويعمل المحرَّمات، فهو ليس ممن يُرتضى دينُه وخُلقُه.
قدَّر الله لك الخير حيث كان، وألْهَمَك رُشدك وأعاذك مِن شرِّ نفسك وشر الشيطان وشركه.
- التصنيف:
- المصدر: