تراكمت ديوني .. وأخاف من الموت

منذ 2014-04-01
السؤال:

أنا شابٌّ سوريٌّ جامعيٌّ، أعيش ظروفًا شديدةَ الصعوبة، بلا مأوى، ولا عمل، وفي ظروفٍ إنسانيةٍ كارثيةٍ.

منذ أشهُر تَوَلَّدَ لديَّ شعورٌ شديدٌ بالخوف من الموت؛ حيثُ إني أخاف مِن التنقُّل؛ خوفًا مِن أن تصيبني قذيفةٌ، أو رصاصةٌ طائشةٌ، أو أموت لأي سبب آخر.

مع أنني منذ سنوات كنتُ أعشق الشهادة في سبيل الله، وأتمنى الموت في سبيل الله، لكن الآن أخاف بشدةٍ من الموت، علمًا بأن ذنوبي كثيرةٌ، وأنا مَدِينٌ بمبلغٍ مِن المال.

باختصار: أعمالي في هذه الدنيا لا تُبَيِّضُ الوجه في الآخرة؛ خصوصًا فيما يتعلق بالأمور المادية، والتي أعجِزُ تمامًا عن ردها إلى أصحابها.

فكيف أحل هذه المشكلة؟ خصوصًا وأن الموتَ قد يأتي فجأةً، وماذا أفعل لو مت قبل أن أردَّ الحُقُوق إلى أهلها؟

 

 

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإنَّ الخوفَ مِن الموت شيءٌ طبيعيٌّ، ولكن المؤمن يُعالج خوفه بيقينه أنَّ ما قدَّره الله لا مرَدَّ له، وأنه لا يُصيبه إلا ما كتب له، وأنَّ رُوحه ستقبض عند حُلول أجَلِه ولو كان في حصنٍ منيعٍ، ومَن تمنى الشهادةَ صادقًا، فإنه سينال منزلةَ الشهادة - إن شاء الله - ولو لم يُقتلْ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَن سأل الله الشهادة بصدقٍ، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه»؛ (رواه مسلم).

أسأل الله أن يُفَرِّج كربك، وأن يُعَجِّل الخلاص لكم جميعًا.

أما بالنسبة لما عجزتَ عن ردِّه من الديون، فالواجبُ عليك أن تُثبته في وصيةٍ لك؛ خشية أن يُفاجئك الموت قبل سداده؛ فعن ابن عمر أنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما حقُّ امرئٍ مسلمٍ له شيءٌ يوصي فيه يبيت ثلاث ليالٍ إلا ووصيته عنده مكتوبةٌ» (رواه البخاري (2738)، ومسلم (1627))؛ قال عبدالله بن عمر: "ما مرَّتْ عليَّ ليلةٌ منذ سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك إلا وعندي وصيتي".

ولتعلمْ -أيها الحبيب- أن المسلمَ الصادقَ إن عزم على رد الحقوق لأهلها، ثم فاجأه الموت، فإنه يرجى مِن الله تعالى أن يعفوَ ويتجاوزَ عنه، وأن يرضي عنه أصحاب الحقوق يوم القيامة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَن أخذ أموال الناس يُريد أداءها أدى الله عنه، ومَن أخذ يريد إتلافها، أتْلَفَهُ الله» (رواه البخاري (2387)).

قال الحافظ ابن حجرٍ -رحمه الله- في الفتح: "قوله: «أدى الله عنه» في رواية الكُشْمِيهَنِيِّ: «أداها الله عنه»، ولابن ماجه وابن حبان والحاكم مِن حديث ميمونة: «ما من مسلمٍ يدان دينًا يعلم الله أنه يريد أداءه، إلا أداه الله عنه في الدنيا»، وظاهرُه يحيل المسألة المشهورة فيمن مات قبل الوفاء بغير تقصيرٍ منه؛ كأن يعسر مثلًا، أو يفجأه الموت وله مالٌ مخبوءٌ، وكانتْ نيته وفاء دينه، ولم يوف عنه في الدنيا.

ويمكن حمل حديث ميمونة على الغالب, والظاهرُ أنه لا تبعة عليه -والحالة هذه في الآخرة- بحيث يؤخذ مِن حسناته لصاحب الدين، بل يتكفل الله عنه لصاحب الدين؛ كما دلَّ عليه حديثُ الباب، وإن خالف في ذلك ابن عبدالسلام، والله أعلم". انتهى .

فرج الله كرب المسلمين، ونصرهم على أعدائهم.

 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 4,601

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً