سوء ظن الناس بي .. واتهامي بلا ذنب

منذ 2014-04-02
السؤال:

أنا شابٌّ مِن أسرة محافظةٍ وعائلةٍ متدينةٍ، بعد وفاة الوالد تحملتُ المسؤولية، ورفضتُ مُواصلة الجامعة، والتحقتُ بإحدى شركات الشحن وتوزيع المواد الغذائية، رفَض بعض أقاربي عملي، وحدثتْ مشكلاتٌ بيننا أدتْ إلى أنهم ظنُّوني مجنونًا، وبعض مَن اختلفتُ معهم روَّجُوا أني (شاذٌّ جنسيًّا)، حتى وصل الأمر إلى أنَّ أطفال الحي طاردوني داخل المصلى!

في عملي اتُّهِمْتُ بالعمالة، ومارسوا عليَّ تضييقًا، حتى وصل الأمر من كثرة التضييقات إلى أني أُفَكِّر في الانتحار.

في الوقت الحاضر أصبحتُ أفكرُ بجدية في أن أذهَبَ لكنيسةٍ، وأنتقل للنصارى، ليس قناعة بدينهم، لكن بسبب المضايقات والتُّهم السيئة. مشيتُ إلى أحد الأقسام، وقلت في نفسي: السجن أرحمُ بي مِن مجتمعٍ حاقدٍ عليَّ حتى في الصلاة! حتى إنَّ أحدَهم قال: لو تستطيع الذهابَ لإسرائيل لفعلتَ! فقلتُ له: واللهِ، أنتم اليهود!

أنا منبوذٌ بذنبٍ لم أرتكبْه، ولم أرتكبْ فاحشةً في حياتي، وأغلبُ الناس يكرهونني.

فماذا أفعل؟

 

 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:

فهَوِّنْ عليك -أيها الأخ الكريم- فيما ذكرته، وما تشعر به هو مِن الابتلاء الذي يُمتحن به المؤمنُ في الدنيا؛ قال -جل وعلا-: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]، وقال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2، 3]، وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].

فغيِّر نظرتك لما أنت فيه مِن ابتلاءٍ، وانظُرْ إليه على أنه يقع بتقدير الله -جل وعلا- لحِكَمٍ جليلةٍ، فيبتلي الله العبد ليُمَحِّصه من الذنوب؛ قال تعالى مبينًا هذه الحقيقة الجامعة: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 179]، وذكَر -جل وعلا- أنه لا بد أن يَميز الخبيث مِن الطيب، وأن يبتلي العباد لتظهر معادنهم ظهور العيان، وإن كان الله -جل وعلا- يعلم الشيء قبل أن يكون، وبعد أن يكون، فهو العليم الحكيم الذي وسع علمه كلَّ شيءٍ.

واعلمْ أنَّ ما أصابك مِن شَرٍّ ففي طياته الخيرُ الكثير، وإن كان محزنًا؛ كما قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، وقد وصف النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حالَ المؤمن بهذا فقال: «عجَبًا لأمر المؤمن؛ إنَّ أمره كله له خيرٌ، وليس ذلك إلا للمؤمن؛ إنْ أصابته سراء شكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضرَّاء صبر، فكان خيرًا له»؛ (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم؛ فمَن رضي فله الرضا، ومَن سخط فله السخط»؛ (رواه الترمذي) .
وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن يُرد الله به خيرًا يصب منه» (رواه البخاري)؛ أي: يبتليه بالمصائب؛ ليطهرَه مِن الذنوب في الدنيا، فيلقى الله تعالى نقيًّا.

فانظرْ -رعاك الله- إلى الابتلاء، إنه منحةٌ مِن الله -جل وعلا- يمنحها لك؛ لأنَّ فيه الخيرَ الكثير، وكل ما يقربك إلى الله فهو خيرٌ، قال -صلى الله عليه وسلم-: «ما يصيب المسلم من نصبٍ - أي: من تعب - ولا وصبٍ - أي: مرضٍ - ولا هَمٍّ، ولا حزنٍ، ولا أذًى، ولا غَم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه»؛ (متفقٌ عليه).

قال شيخُ الإسلام ابن القيِّم في "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" (2/ 175- 176): "ومن رحمته: أن نَغَّصَ عليهم الدنيا وكدرها؛ لئلا يسكنوا إليها، ولا يطمئنوا إليها، ويرغبوا في النعيم المقيم في داره وجواره، فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان، فمنعهم ليعطيهم، وابتلاهم ليعافيهم، وأماتهم ليحييهم. ومن رحمته بهم أن حذَّرهم نفسه؛ لئلا يغتروا به، فيعاملوه بما لا تحسن معاملته به؛ كما قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 30].

قال غيرُ واحدٍ من السلَف: مِن رأفته بالعباد حذرهم نفسه؛ لئلا يغتروا به...، وإن ابتلاء المؤمن كالدواء له؛ يستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه أهلكته، أو نقصت ثوابه، وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء، ويستعد به لتمام الأجر، وعلو المنزلة، ومعلومٌ أنَّ وجود هذا خيرٌ للمؤمن من عدمه؛ كما قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده، لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له، لا يقضي الله للمؤمن إلا كان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» (رواه أحمد وصحَّحه الألباني)، ولفظه عند مسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير».

فهذا الابتلاء والامتحانُ مِن تمام نصره وعزه وعافيته؛ ولهذا كان أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأقرب إليهم، فالأقرب، يُبْتَلى المرءُ حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلابةٌ، شدَّد عليه البلاء، وإن كان في دينه رقةٌ، خفَّف عنه، ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على وجه الأرض، وليس عليه خطيئةٌ.

الأصل السابع: أنَّ ما يُصيب المؤمن في هذه الدار من إدالة عدوه عليه، وغلبته له، وأذاه له في بعض الأحيان -أمرٌ لازمٌ لا بد منه، وهو كالحر الشديد، والبرد الشديد، والأمراض، والهموم، والغموم، فهذا أمرٌ لازمٌ للطبيعة والنشأة الإنسانية في هذه الدار، حتى للأطفال والبهائم؛ لما اقتضتْه حكمة أحكم الحاكمين، فلو تجرد الخير في هذا العالم عن الشر، والنفع عن الضر، واللذة عن الألم، لكان ذلك عالمًا غير هذا، ونشأةً أخرى غير هذه النشأة، وكانت تفوت الحكمة التي مزج لأجلها بين الخير والشر، والألم واللذة، والنافع والضار، وإنما يكون تخليص هذا من هذا، وتمييزه في دارٍ أخرى غير هذه الدار؛ كما قال تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنفال: 37] "... إلى آخر ما قال، فراجعْه كله؛ فإنه هام جدًّا.

وقال -رحمه الله- في "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة" (1/ 299- 301): "وإذا تأملتَ حكمته -سبحانه- فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجل الغايات، وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسرٍ من الابتلاء والامتحان، وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي لا سبيل إلى عبورهم إلى الجنة إلا عليه، وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المنهج في حقهم... فصورته صورة ابتلاءٍ وامتحانٍ، وباطنه فيه الرحمة والنعمة؛ فكم لله من نعمةٍ جسيمةٍ، ومنةٍ عظيمةٍ تجنى من قطوف الابتلاء والامتحان! فتأملْ حال أبينا آدم وما آلتْ إليه محنته من الاصطفاء والاجتباء، والتوبة والهداية ورفعة المنزلة، ولولا تلك المحنةُ التي جرتْ عليه - وهي إخراجه من الجنة وتوابع ذلك - لما وصل إلى ما وصل إليه؛ فكم بين حالته الأولى وحالته الثانية في نهايته، وتأملْ حال أبينا الثاني نوحٍ وما آلتْ إليه محنته وصبره على قومه تلك القرون كلها حتى أقرَّ الله عينه، وأغرق أهل الأرض بدعوته، وجعل العالم بعده من ذريته، وجعله خامس خمسةٍ وهم أولو العزم الذين هم أفضل الرسل، وأمر رسوله ونبيه محمدًا أن يصبر كصبره، وأثنى عليه بالشكر؛ فقال: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: 3]، فوصفه بكمال الصبر والشكر، ثم تأمل حال أبينا الثالث إبراهيم إمام الحنفاء وشيخ الأنبياء وعمود العالم وخليل رب العالمين مِن بني آدم، وتأمل ما آلتْ إليه محنته وصبره، وبذله نفسه لله، وتأمَّلْ كيف آل به بذله لله نفسه، ونصره دينه إلى أن اتخذه الله خليلًا لنفسه، وأمر رسوله وخليله محمدًا أن يتبعَ ملته.

وأُنَبِّهك إلى خصلةٍ واحدةٍ مما أكرمه الله به في محنته بذبح ولده؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- جازاه على تسليمه ولده لأمر الله بأن بارك في نسْله، وكثَّرَه حتى ملأ السهل والجبل؛ فإن الله -تبارك وتعالى- لا يتكرم عليه أحدٌ، وهو أكرم الأكرمين، فمَن ترك لوجهه أمرًا، أو فعله لوجهه، بذل الله له أضعاف ما تركه مِن ذلك الأمر أضعافًا مضاعفةً، وجازاه بأضعاف ما فعله لأجله أضعافًا مضاعفةً، فلما أمر إبراهيم بذبح ولده فبادر لأمر الله، ووافق عليه الولد أباه رضاءً منهما وتسليمًا، وعلم الله منهما الصدق والوفاء، فَدَاه بذبحٍ عَظيمٍ، وأعطاهما ما أعطاهما من فَضله، وكان مِن بعض عطاياه أن بَارك في ذريتهما حَتى ملؤوا الأرض؛ فإن المَقصود بالوَلَد إنما هو التناسُل، وتكثير الذرية؛ ولهذا قال إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 100]، وقال: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40]، فغايةُ ما كان يحذر ويخشى مِن ذبح ولده انقطاع نسله، فلما بذل ولده لله، وبذل الولد نفسه، ضاعف الله له النسل، وبارك فيه، وكثر حتى ملؤوا الدنيا، وجعل النبوة والكتاب في ذريته خاصة، وأخرج منهم محمدًا، وقد ذكر أن داود -عليه السلام- أراد أن يعلمَ عدد بني إسرائيل، فأمر بإحضارهم، وبعث لذلك نقباء وعرفاء، وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ عددهم، فمكثوا مدة لا يقدرون على ذلك، فأوحى الله إلى داود: أن قد علمت أني وعدت أباك إبراهيم لما أمرته بذبح ولده فبادر إلى طاعة أمري أن أبارك له في ذريته حتى يصيروا في عدد النجوم، وأجعلهم بحيث لا يحصى عددهم، وقد أردتُ أن يحصى عددٌ قدرت أنه لا يحصى، وذكر باقي الحديث، فجعل من نسله هاتين الأمتين العظيمتين اللتين لا يحصى عددهم الا الله خالقهم ورازقهم، وهم بنو إسرائيل، وبنو إسماعيل، هذا سوى ما أكرمه الله به من رفع الذكر والثناء الجميل على ألسنة جميع الأمم، وفي السموات بين الملائكة؛ فهذا مِن بعض ثمرة معاملته؛ فتبًّا لمن عرفه، ثم عامل غيره، ما أخسر صفقته! وما أعظم حسرته!

ثم تأمَّلْ حال الكليم موسى -عليه السلام- وما آلتْ إليه محنته وفتونه مِن أول ولادته إلى منتهى أمره، حتى كلمه الله تكليمًا، وقرَّبه منه، وكتب له التوراة بيدِه، ورفعه إلى أعلى السموات، واحتمل له ما لا يحتمل لغيره؛ فإنه رمى الألواح على الأرض حتى تكسرت، وأخذ بلحية نبي الله هارون، وجره إليه، ولطم وجه ملك الموت ففقأ عينه، وخاصم ربه ليلة الإسراء في شأن رسول الله، وربه يحبه على ذلك كله، ولا سقط شيء منه من عينه، ولا سقطت منزلته عنده، بل هو الوجيه عند الله القريب، ولولا ما تقدم له من السوابق، وتحمل الشدائد والمِحَن العظام في الله، ومقاساة الأمر الشديد بين فرعون وقومه، ثم بني إسرائيل وما آذوه به، وما صبر عليهم لله، لم يكن ذلك.

ثم تأمل حال المسيح وصبره على قومه، واحتماله في الله، وما تحمله منهم، حتى رفعه الله إليه، وطهَّره من الذين كفروا، وانتقم من أعدائه، وقطعهم في الأرض، ومزقهم كل ممزقٍ، وسلبهم ملكهم وفخرهم إلى آخر الدهر.

فإذا جئت إلى النبي، وتأملت سيرته مع قومه، وصبره في الله، واحتماله ما لم يحتمله نبي قبله، وتلون الأحوال عليه؛ من سلمٍ وخوف، وغنًى وفقرٍ، وأمنٍ وإقامة في وطنه، وظعنٍ عنه وتركه لله، وقتل أحبابه وأوليائه بين يديه، وأذى الكفار له بسائر أنواع الأذى؛ من القول، والفعل، والسحر، والكذب، والافتراء عليه، والبهتان، وهو مع ذلك كله صابرٌ على أمر الله؛ يدعو إلى الله، فلم يؤذَ نبي ما أوذي، ولم يحتمل في الله ما احتمله، ولم يعط نبي ما أعطيه، فرفع الله له ذكره، وقرن اسمه باسمه، وجعله سيدًا للناس كلهم، وجعله أقرب الخلق إليه وسيلةً، وأعظمهم عنده جاهًا، وأسمعهم عنده شفاعةً، وكانت تلك المِحَن والابتلاء عين كرامته، وهي مما زاده الله بها شرَفًا وفضلًا، وساقه بها إلى أعلى المقامات، وهذا حال ورثته من بعده؛ الأمثل فالأمثل، كل له نصيبٌ من المحنة يسوقه الله به إلى كماله؛ بحسب متابعته له، ومن لا نصيب له من ذلك، فحظه من الدنيا حظُّ من خلق لها، وخلقت له، وجعل خلاقه ونصيبه فيها؛ فهو يأكل منها رغدًا، ويتمتع فيها حتى يناله نصيبه من الكتاب، يمتحن أولياء الله وهو في دعةٍ، وخفض عيشٍ، ويخافون وهو آمنٌ، ويحزنون وهو في أهله مسرورٌ، له شأنٌ، ولهم شأنٌ، وهو في وادٍ، وهم في وادٍ، همه ما يقيم به جاهه، ويسلم به ماله، وتسمع به كلمته، لزم من ذلك ما لزم، ورضي من رضي، وسخط من سخط، وهمهم إقامة دين الله، وإعلاء كلمته، وإعزاز أوليائه، وأن تكون الدعوة له وحده، فيكون هو وحده المعبود لا غيره، ورسوله المطاع لا سواه، فلله - سبحانه - من الحكم في ابتلائه أنبياءه ورسله، وعباده المؤمنين ما تتقاصر عقول العالمين عن معرفته، وهل وصل من وصل إلى المقامات المحمودة، والنهايات الفاضلة إلا على جِسر المحنةِ والابتلاء.

كذا المعالي إذا ما رُمتَ تُدْرِكُها °°° فاعْبُرْ إليها على جِسْرٍ مِنَ التَّعَبِ"

اهـ. بتصرف يسير.

فاصبرْ على الأذى، وارضَ بما قسمه الله لك، ولا تلتفتْ لكلام الناس، كما أنصحك أن تعرضَ نفسك على طبيبٍ نفسيٍّ.

وفقك الله لكل خيرٍ.


 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 7
  • 2
  • 41,145

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً