زوجتى عنيفة للغاية عند الغضب

منذ 2014-04-05
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ في بداية الثلاثينيات من عمري، تزوجتُ منذ 3 سنوات، ورزقني اللهُ بطفلةٍ جميلة. مشكلتي أني كنتُ حاجزًا لشقة في مشروع الشباب، وخطبتُ زوجتي بدون الشقة، ووافق أهلُها على ذلك، ولم أتسلم الشقة حتى قَرُب موعد الزواج، ثم رزقني الله بفُرصة عمل خارج البلاد قبل الزواج، فسافرتُ، وبعد عدة أشهر عُدْتُ، وتزوجتُ في شقةٍ أخرى غير التي كنتُ أحجزها! واتفقتُ مع أهلها على أني سأجهز شقة خلال سنتين!

تسلَّمْتُ الشقة بعد سنة، وكانتْ صغيرةً، وفي الوقت نفسه أعطانا والدُ زوجتي شقة في بيته، وطلب مني تجهيزها، لكني رفضتُ!

بدأتْ زوجتي –بعد رفضي لعَرض أبيها- تتشاجَر معي بطريقةٍ عنيفةٍ جدًّا، وأصبحتْ لا تثِق في كلامي، وتقول: إني خدعتُها، ومرَّت السنتان دون أن أُنَفِّذَ وعدي بأن أوفرَ شقة!

كانتْ مَوجات الشجار والغضب عنيفةً للغاية، لكني أمسكتُ نفسي عن تطليقها، وكنا في سفر وقتها، فأرجعتُها لبيت أهلها، وقاطعتُها، ولم أُرسلْ لها مالًا، حتى وسَّطوا أهلي، وتم الصُّلح، وأرجعتُها.

وعدتُها بشراء شقة بعد عودتنا مِن السفر -وهو ما سأُنَفِّذه فعلًا- وزدتُ مَصروفها، واشتريتُ لها الكثير مِن مُتطلباتها دون موانِع.

بدأت المشاكل مرة أخرى، وبدأتْ تتهمني بالضَّعف والسلبيَّة وقلة الحيلة، وفقدت انتماءها للبيت، وأصبحتْ مُقَصِّرَةً بشدة، وقلَّتِ العلاقة الزوجية لمرة في الشهر، هذا إنْ تَمَّتْ! وأصبحنا نعيش في ضيق مُستمرٍّ.

تُريدني أن أدْفَعَ لها مبلغَ القائمة، ثم تعيش معي؛ لأنها تشعر أني تزوجتُها مجانًا، وأنها ضَحَّتْ مِن أجْلي، ولن تجعلني ألمسها؛ لأني أخذتُ كلَّ شيءٍ مجانًا، وأنَّ ارتباطنا ببعض لا قيمة له، وكلامٌ كثير مستفز!

بدأتْ تطلب الانفصال؛ لأنها تشعر أنها ليستْ مثل البنات، وأني خدعتُها، وأنَّ الطريقَ أمامي طويل لشراء وتأثيث شقة، وأني لم أُنَفِّذ ما اتفقنا عليه، وهي مُصِرَّة جدًّا على الطلاق!

نعم أنا أخطأتُ في بعض التصرفات، لكني لا أريد أن أُطَلِّقها، مِن أجل طفلتنا.

زوجتي هادئة، وتسمع الكلام، وتعجبني، لكنها عنيفةٌ للغاية، وصِداميَّة مِن الدرجة الأولى في حالة الغضب فقط، فقد تخرب كلَّ شيءٍ، وتهدم كلَّ شيء في لحظة، ولا يهمها، وقد جربتُ معها محاولات التهْدِئة، والنُّصح، واللين، وأن أسمعَ كلامها، وأُهَدِّئ من نفسي، لكنها في المقابل تزيد! كذلك جرَّبت العنفَ والصوت العالي، والضرب والهجر والتهديد بالانفصال ومنْع المال عنها.. لكن لا فائدة!

فماذا أفعل معها؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:

أُحِبُّ أن أبدأَ معك -أيها الأخ الكريم- مِن العبارات الإيجابية التي تذْكرها وتراها في زوجتك؛ فذكرتَ أنها هادئة، وتسمع الكلام، وتُعجبك، لكنها عنيفة وصِداميَّة في حالة الغضب فقط، هذا جيدٌ أن ترى فيها تلك الصفات الرائعة، وامتنانك بها، ثم ذكرت أنك مُخطئ في بعض التصرفات، وأنك لا تُريد طلاقها مِن أجل طفلتك الجميلة ذات العامين، وهذا جيدٌ -أيضًا- أن يعترفَ الزوج بأخطائه.

عند تأمُّل تلك العبارات الإيجابية القليلة في رسالتك الطويلة، نُدرك أن الصُّلْحَ بينكما ممكنٌ، بل وميسورٌ، ولكن مع شيءٍ من التوجيه والإرشاد، وسأوجز ذلك في نقاطٍ؛ ليسهل الانتفاع بها:

أولًا: أنت وزوجتك تعيشان بعيدين عن بلدكما، وعن الأهل والأصدقاء، ومما لا شك فيه أنَّ لهذا تأثيرًا سيئًا على حالة الإنسان النفسية والعاطفية، إلى غير ذلك، فكثيرٌ مِن الأزواج والزوجات في الغربة يحدُث بينهما شقاقٌ كبيرٌ، والسببُ هو ألمُ الغُربة؛ فزوجتُك بعيدةٌ عن أمِّها في وقتٍ هي أحوج ما تكون لنُصحها وتوجيهها، وهو وقت أول الزواج، فالبنتُ تنعطف تمامًا في تلك الفترة على الأم، وتعمل وفقًا لمشورتها في كلِّ شيءٍ، وكذلك البُعد عن الصديقات، فليست الغُربة بالبُعد مِن أرضك وسمائك، وإنما هي غربةٌ أيضًا في الأهل والناس!

فتَحَلَّ بالصبر الجميل، واحتسب الأجرَ عند الله تعالى، وتريَّثْ في أمرِك كله، وخاصةً في الحكم على الحياة الزوجية، فأنت وزوجتك يلزمكما أعوامٌ لتحكما حكمًا صحيحًا على حياتكما الزوجية، ولتحذرا أن تتخذَا قرارًا نتيجة لظروفٍ وملابساتٍ آنيةٍ أنتما تعرفانها، فما يحدُث بينك وبين زوجتك ليس سببه عدم وجود المحبة مِن أول الزواج، وإنما لواقعٍ يحياه كل منكما.

ثانيًا: إذا كان الأمرُ كذلك، فابحثْ عن بدائلَ ممكنةٍ مِن واقعك الجديد، فلن تعدم صديقًا أو زميل عملٍ تتبادل معه الزيارات العائلية، فتتعارف الزوجتان، ولا يخفى الأثرُ الطيب لهذا الأمر، ولو أمكنك أن تعرفها على امرأة كبيرة السن؛ لتُفيدَها مِن خبرتها الأسرية؛ لتعوض جزءًا مِن بُعدها عن أمها.

ثالثًا: مما يعين على التفاهم بين الزوجين، وتجاوُز الخلاف النظر إلى الجوانب المضيئة في الحياة الزوجية، والتغاضي عما يُمكن التغاضي عنه من الهفوات والزَّلَّات، وعدم استيفاء كل طرف لحقوقه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً، إنْ كره منها خُلُقًا رضي منها آخر» (صحيح مسلم)، أو قال: «غيره»، وقال: «استوصوا بالنساء خيرًا، فإنَّ المرأة خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإن أعوج شيءٍ في الضِّلَع أعلاه، إن ذهبتَ تُقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا»؛ (متفق عليه).

رابعًا: اطلعَا معًا على بعض الاستشارات الأسرية على شبكتنا، فستنفعكما في الحياة.

خامسًا: ابحثْ عن شخصٍ كبيرٍ مِن أهل العلم، واجعله حكمًا بينكما، ولكن احرصْ على أن تكونَ زوجتك موافقةً على الاختيار.

سادسًا: استعِنْ بالله، واسأله أن يصلحَ لك زوجك، وتقرَّبْ إليه بالأعمال الصالحة، واحذر المعاصي؛ فإنَّ لها شؤمًا يطول الزوجة؛ كما قال الإمام الفضيل بن عياض: "إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلُق زوجتي ودابتي".

أسأل الله أن يصلحَ أحوالكما، وأن يجمعَ بينكما على خيرٍ.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 5
  • 2
  • 56,894

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً