أشك في خيانة زوجتي مع أحد محارمها

منذ 2014-05-02
السؤال:

أنا متزوج منذ ما يقرب مِن عشرين عامًا، وزوجتي مُتدينةٌ، وجميلةٌ، وجمالُها جَعَلَها محطَّ أنظار مَن حولها مِن أقارب ونساء.

مشكلتي تكمُن في أنني أشكُّ في أنَّ لها علاقةً مع ابن أخيها! فهو يُكْثِرُ الاتصال بها ويُراسلها، وعمره 25 عامًا، غير متزوج، لكنني لم أهتمَّ كثيرًا بذلك، ولم أُعره اهتمامًا؛ لكون زوجتي عمته، وهو مَحْرَمٌ لها، ولعل جمالها يكون سببَ إعجاب ابن أخيها بها!

بدأ الشكُّ الحقيقي بعدما أخبرتْني الخادمة أنَّ زوجتي فتحت الباب لابن أخيها، وقَبَّلَها مِن فمِها، ثم خرَجَا وحدهما، وعادَا بعد ساعتين!

منذ ذلك الحين وأنا أُعاني الألَمَ والشَّكَّ في زوجتي، صارحتُها وقلتُ لها: إنني لا أرتاح لابن أخيك، ولا أريدك أن تذهبي معه إطلاقًا، فاستغربت الموضوعَ، وقالتْ لي: أنا عمته! وحدث خلاف صغير بيني وبينها.

وأنا أعيش الآن في دوَّامَةٍ من الشك، فأخبروني ماذا أفعل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فقد نجحتْ تلك الخادمةُ -أيها الأخ الكريم- في أن تُوقِعَك في الوساوس التي يجب عليك ترْكها جملةً، ولا تلتفت إليها، ولكن لما أصغيتَ لها ازدادتْ، ونسيتَ في خِضَمِّ ذلك -سامحك الله- أنَّ إحسان الظن بالمسلم وحَمْل تصرُّفاته على أحسن محملٍ مِن الواجبات، ويتأكد هذا بين الزوجين لما أُمِرَا به مِن حُسْنِ العشرة، ولما بينهما من رباطٍ وثيقٍ، وميثاقٍ غليظٍ، وتذكَّرْ -أيها الكريم- قول الله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إياكم والظن؛ فإنَّ الظن أكْذَبُ الحديث»؛ (متفق عليه).

والغَيْرَةُ محمودةٌ شرعًا، ولكن يجب أن تنضبطَ بالضوابط الشرعيةِ؛ حتى لا تجاوزَ حدها، ولئلا تنقلبَ إلى ضدها، وقد صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مِن الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله، فأما التي يحبها الله فالغيرةُ في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغَيْرَة في غير ريبةٍ، وإنَّ مِنَ الخيلاء ما يبغض الله، ومنها ما يحب الله، فأما الخُيَلاء التي يحب الله فاختيال الرجل نفسه عند القتال، واختياله عند الصدقة، وأما التي يبغض الله فاختياله في البغي» ))، قال موسى: «والفخر»؛ (رواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي).

والذي يظهر أنك ظلمتَ زوجتك بتلك الشكوك التي ألقتْ بَذْرَتَها الخادمةُ، وسقاها كون زوجتك جميلةً، وأنها محَطُّ أنظار مَن حولها، ولكن نسيتَ أنها متدينةٌ، وعفيفةٌ، وهل يلزم أن تكونَ المرأة الجميلة غير عفيفةٍ؟!

كان يجب عليك أن تكفَّ عن ظُنونك تلك لما رأيتَ تعجُّب زوجتك، واستغرابها كلامك، وعادة المتَّهَمة أن تكونَ ردة فعلها غير هذا، فاسأل نفسك: ما ذنبها أن يكونَ نظَر الخادمة قد اختلط عليها، أو يكون غرَضُها أن توقِعَ بينكما؛ كحال الكثير منهنَّ؛ حسدًا، أو حقدًا، أو غير هذا؛ فلهوى النفوس سريرةٌ لا تعلم، وكم مِن زوجٍ يَغار على زوجته مِن عَمِّها، أو مِن خالها، أو حتى من إخوانها، ويزين له الشيطان هذا الأمر ويُضَخِّمه، ويُصَوِّر له أشياء غير حقيقيةٍ؛ فدَعْ عنك كل هذا، وتذَكَّرْ قولك: إن زوجتك صاحبة دينٍ وخُلُقٍ، ولكي تبعد عنك نزَغات الشيطان، وتحسم مادته، نبِّهْ على زوجتك أن تكونَ حازمةً في تعامُلها مع ابن أخيها، ولا تتَبَسَّط معه كثيرًا، واطلبْ منها أن تقدِّرَ غيرتك تلك؛ نظرًا لشدة حبك لها، والظاهرُ أن زوجتك عاقلةٌ، وستُنَفِّذ ما تطلبه منها.

أمرٌ أخيرٌ أهمس لك به؛ وهو أنَّ كل نعمةٍ أنعم الله بها علينا تستوجب الشكر، والصبر على الابتلاء والامتحان فيها، فالأبناء نعمةٌ، ودائمًا ما يمتحن الأب فيهم، وكذلك الزوجة الجميلة الدَّيِّنة نعمةٌ؛ حتى قيل: "ثلاثةٌ تفرح القلب، وتجم العقل والفؤاد: الزوجة الجميلة، والكفاف مِن الرزق، والأخ المؤنس".

وقال أبو القاسم الحكيم: مَن لم تكن عنده زوجةٌ جميلةٌ، فليس عنده مروءةٌ، ومن لم يكن عنده أولادٌ فليس له فخرٌ مِن الدنيا، ومن لم يكن عنده هذان فليس له غَمٌّ، وقيل: المرأةُ منظرُ الرجل وقُرة عينه، وحسن الصورة أول نعمةٍ تلقاك، والابتلاء فيها هو شدة غيرة الزوج عليها، حتى مِن مَحارِمها، والعذاب بذلك؛ حتى حذَّر بعضُهم من طلب الحسناء فقال:

لا تَطْلُبِ الحُسْنَ إِنَّ الحُسْنَ آفَتُه *** ألَّا يزالَ طوال الدَّهْرِ مَطْلُوبَا

 وَلَنْ تُصادِفَ يَوْمًا لُؤلؤًا حسنًا *** بَيْنَ اللآلئ إلَّا كان مَثْقُوبَا

كل هذا من شدة الغيرة؛ حتى قيل: "إياك والغيرة؛ فإنها مفتاح الطلاق"، والعاقل الذي أراد الله به خيرًا مَن يعمل بحديث النبي الذي ذكرتُه لك.

وفقك الله، وشرح صدرك، وأعاذك مِن نزغات الشيطان.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 5
  • 1
  • 39,501

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً