التعامل مع الأب كي يحافظ على الصلاة في المسجد
- التصنيفات: فقه الصلاة - دعوة المسلمين - الحث على الطاعات - الأدب مع الوالدين -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أكبر إخوتي، وأنا ملتزمة والحمد لله، وأسرتي ملتزمة أيضاً، وأبي عمره 47 عامًا وهو ملتزم ويصلي الصلوات مع السنن، لكن في البيت وليس في المسجد، وهو مهندس وينشغل كثيراً، فصلاة الظهر مثلاً وبحسب طبيعة عمله يضطر لتأجيلها مدة ساعة أو أكثر ريثما يعود للمنزل، وعندما يأتي من العمل أسأله هل أديت الصلاة؟ فيقول أنا ذاهب لأتوضأ وأصلّي، فأقول له لماذا لم تصل في المسجد يا أبي؟ فيقول لي: إن شاء الله، الله كريم.
أنا بالطبع لست أعارض هذه الإجابة، فهي صحيحة مائة بالمائة، ولكنه لا يصلي في المسجد مع أنه يعرف أنه يحرم ترك الصلاة في المسجد لغير عذر، وأنا دائمًا أكرر على مسامع أبي حديث حبيبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (لا بارك الله في عمل يؤخر عن الصلاة)**.
أرجوكم ساعدوني فأنا أحاول مع أبي لكن دون جدوى.
** لم يثبت هذا النص كونه حديث ولكن معناه صحيح ووارد في القرآن الكريم {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون:4ـ5].
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله السداد والثبات، وأن ينفع بك بلاده والعباد.
فإن من تمام توفيق الله أن يصلح له أكبر الأولاد، ليكون الصلاح للبيت عنوانًا
بإذن الله، وعلى درب الوالد يسير الوِلدان، وهنيئًا لأسرة يحرص أفرادها على السجود للرحمن.
وكم نحن سعداء بفتاة تحرِّض أهل بيتها على طاعة الله، ونسأل الله أن يُكثر في أُمتنا من أمثالك، ومرحبًا بك في موقعك مع الآباء والإخوان.
ولا شك أن الصلاة هي فريضة الإسلام العُظمى، التي لا تَسقُط عن الإنسان ما دام فيه نفس يصعد ويهبط، وأرجو أن تشكروا لهذا الوالد مواظبته على الفرائض والسنن، وشجعوه ليؤدي الصلاة حيث يُنادَى لها، فإن الأمر فعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: عن عبدِاللهِ ؛ قال : (من سرَّه أن يلقَى اللهَ غدًا مسلمًا فلْيحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيثُ يُنادَى بهنَّ . فإنَّ اللهَ شرع لنبيِّكم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سَننَ الهُدى وإنهن من سَننِ الهُدى . ولو أنكم صليتُم في بيوتِكم كما يُصلِّي هذا المُتخلِّفُ في بيتِهِلتركتُم سنةَ نبيِّكم . ولو تركتُم سنَّةَ نبيِّكم لضلَلْتُم . وما من رجلٍ يتطهَّرُ فيحسنُ الطُّهورَ ثم يعمدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجدِ إلا كتب اللهُ له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنةً . ويرفعُهُ بها درجةً . ويحطُّ عنه بها سيِّئةً . ولقد رأيتُنا وما يتخلَّفُ عنها إلامنافقٌ ، معلومُ النفاقِ . ولقد كان الرجلُ يُؤتى به يُهادَى بينَ الرَّجُلَينِ حتى يُقامَفي الصَّفِّ)
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى الذي ليس له قائد: « »(صحيح ابن ماجه [651])، بل إن رسولنا عليه صلاة الله وسلامه قال: « » (صحيح أبي داود[548])، ولم يترك النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر إلا لمّا اشتملت عليه البيوت من الذراري -الأطفال والنساء-.
ونحن نتمنى أن تُحاولي معرفة سبب تكاسُل الوالد في الذهاب إلى المسجد، وإذا عٌرف السبب بَطُل العَجب، وسَهّل علينا إصلاح الخلل والعطب، ومنذ متى كان هذا التَخَلُّف عن صلاة الجماعة؟ لأنه ربما كان السبب هو وجود أشخاص لا يرغب في مقابلتهم، أو ربما كان له رأي في إمام المسجد أو ربما كان ممن يستحي من مقابلة الناس، ويخاف من تعليقاتهم وإحراجهم، ولا يَخفى على أمثالك أن هذه كلها ليست أعذاراً، ولكن الشيطان قد يدخل على بعض الناس ليحرمَهم من الخير، وشُغل الشيطان أن يَصٌد عن ذكر الله وعن الصلاة.
ولعل مما يُعينك على إقناع الوالد ودفعه إلى المسجد ما يلي:ـ
1- الدعاء له، فإن الله يجيب من دعاه.
2- انتقاء الألفاظ الجميلة والأوقات المناسبة لمحاورته.
3- الثناء على صلاته ومواظبته وإيجابياته، واتخاذ كل ذلك مدخلاً إلى قلبه.
4- طلب المساعدة من الوالدة وممن يحترمهم من الأعمام والأرحام.
5- ربطه بأهل الخير والمسجد، وحبذا لو زاروه قبل وقت الصلاة وخرجوا من عنده إلى المسجد، فإن ذلك نوع من التشجيع له للذهاب للمسجد.
6- زيادة البر والاحترام له.
7- عرض النصوص الواردة في صلاة الجماعة عليه.
8- بيان الفوائد الاجتماعية لصلاة الجماعة، وأهمية وجود المتعلمين من أمثاله مع الناس.
9- توضيح عقوبة وجريمة من يترك الصلاة في جماعة، ويفضل أن يكون هذا بطريقة غير مباشرة، كشراء شريط عن الموضوع، أو كتاب ووضعه في متناول يده.
10- تشجيع الخطباء على تناول الموضوع في خطبة الجمعة.
11- عدم اليأس من تكرار المحاولات وتذكري أن الهداية من رب الأرض والسماء.
والله الموفق.