خطيبي يجرني للكلام في الجنس، فهل أتركه؟
أنا فتاة مخطوبةٌ، وتصرُّفات خطيبي تحيِّرني، ولا أدري هل أكمل معه أو أتركه؟
خطيبي شابٌّ حنونٌ، وطيبٌ وكريمٌ، ومحبوبٌ، ومُتفانٍ في عمله، واجتماعيٌّ أحيانًا، وأحيانًا أخرى يريد العزلة عن كلِّ الناس، ويقول: إنه يكرَهُهُم، ولا يثق في أحدٍ؛ خاصةً عند مروره بمشكلة.
حساسٌ جدًّا، ويتأثَّر كثيرًا من نقدي له عندما يكون مخطئًا، وعندما يُصيبه أذًى يصبح عنيفًا، ويسبُّ، ويقول كلامًا بذيئًا!
هناك مشاكل بين أمِّه وأبيه أدتْ للطلاق، فتعب وأمه نفسيًّا؛ بسبب الطلاق، وبسبب تخلِّي والدِه عنه!
إذا مرَّ بظروفٍ صعبة في العمل، أو توتَّر، فإنه يلجأ للكلام في الجنس، والخيالات الجنسيَّة، ووصْف العلاقة الحميميَّة، وأشكالها المتعدِّدة التي يرسمها في مخيلتِه، ويقول: إن هذا يريحه!
حاول لَـمْس جَسَدي، وتقبيلي، وقد نهرتُه عن ذلك، وهدَّدتُه بتَرْكه؛ فأعرض عن ذلك، لكن عاد للكلام في الجنس، وقال: إنه رجلٌ، وشهوتُه قويةٌ جدًّا، ولا يوجد غيري ليُعبِّر عما يُريده، وهو يستغل أية فرصة لنكون معًا، ويؤثِّر عليَّ بكلامه، وغزله؛ ليلمس جسدي.
اعترف لي أنه تعرَّف على فتياتٍ كثيراتٍ قبلي، ولم يكنْ هناك بينه وبينهن حُدودٌ في العلاقة؛ فكلُّ شيءٍ كان مباحًا، وأقام علاقاتٍ محرمةً معهن؛ بسبب ما كان يَشعُر به مِن قهرٍ وضيقٍ، لكنه أخبرني أنه تاب عن ذلك، وندم كثيرًا، وهو يريد الآن الاستِقرار.
يطلب منِّي أشياءَ غريبةً عليَّ القيامُ بها عندما نتزوَّج؛ فهو يريد أن أكون كلَّ فترةٍ شخصيةً مختلفةً، أحيانًا جريئةً؛ كالعاهرات - حسب قوله - آسفة على الكلمة - وأحيانًا خجولةً، ومهذبةً، وأُبدِّلُ شكلي مِن فترة إلى أخرى، ويطلب مني أحيانًا أن أكون متشوقة له، ومتكالبة عليه؛ كما فعل معه الفتيات من قبلُ، فهل هذا طبيعي؟
نصحتُه كثيرًا بالتقرُّب إلى الله، والتوبة والتفكير في أمورٍ تشغله عن الجنس، إلى أن يأتي موعدُ زفافنا، والقيام بالرياضة، لكنه قال لي مرة: إنه جرَّب كل شيء، ولا جدوى من ذلك، وقال: إنه يحب الجنس كثيرًا، ويقول: إن هناك صراعًا بداخلِه؛ كما أنه لا يَغُضُّ بصره عن النساء، وقد نصحتُه مرارًا، وتشاجرنا بسبب هذا الموضوع.
أنا أعرف أنه لا يريد أن يخسرني، ويُحاول إسعادي، ويطلب مني أن أكونَ بجانبه، ولا أتركه، وأشعره بالحب والحنان، وأنه معي لا يشعر بالوحدة، لكن تصرُّفاته تؤرِّقني، وتخيفني، وقد تعلقتُ به رغْم كلِّ ذلك، وأشعر بالشفَقة عليه، لكن في المقابل أخاف من خيانته لي بعد الزواج، وعدم تحكُّمه في شهْوتِه!
بالنسبة لعائلتي فهم يحبونه، ويقولون: إن معدنه طيِّبٌ، وسيتغيَّر بعد الزواج، وهو كذلك يحبهم، ويرتاح عندما يأتي إلى بيتنا، ويصبح أمامهم مُهذبًا وخجولًا، لكنه معي يُصبح مختلفًا، فلا تمر محادثةٌ بيننا إلا ويقول كلمة بذيئة، أو كلمة محتواها جنسي، ويضحك كثيرًا من ذلك! أحس أنه شخص آخر، فهل أتركه لحبِّه الشديد للجنس، وعلاقاته السابقة؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فأُحَييكِ - أولًا - على هذا التحليل الدقيق لشخصية خطيبكِ، ولنفسيَّة أمِّه، وعلى سبركِ غَوْر الأمور بهذه الطريقة الجيِّدة، التي تنمُّ عن شخصيَّة مُتوازنة، تتسم بالتعقُّل والفَهم، والذكاء الاجتماعي، وكل هذا يفرض عليكِ وظائفَ وواجباتٍ أكثرَ مما تُناط بالمرأة العادية، ويدفعني أن أشيرَ عليكِ بالاختيار الأصعب والأشق، والحسنِ العاقبةِ إن شاء الله في آنٍ واحد؛ فَعَلَى قدر أهْل العزم تأتي العزائمُ، ولا يخفى عليكِ أن خطيبكِ في حاجةٍ لتضافُر أكثر مِن شخص لمساعدتِه، والصبر عليه، والجهاد معه، واحتساب كلِّ هذا الجهاد عند الله تعالى؛ فاحرِصي على ذلك، واستعِيني بالله، وأكثري من الدُّعاء لكِ وله بالعون من الله والهداية، ولْتصبِري عليْه، محتسبةً الأجْر من الله تعالى، كما قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "فواللهِ، لأن يُهْدى بك رجلٌ واحدٌ خيرٌ لك من حمر النَّعَم" [متَّفق عليه]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَنَّ دلَّ على خيرٍ، فلَهُ مثل أجْرِ فاعلِه"، وقال: "مَن دعا إلى هُدًى، كان له من الأجْر مثلُ أجور من تبعه، لا ينقُصُ ذلك من أجورِهِم شيئًا" [رواهما مسلم].
وتذكَّري - رعاكِ الله - أن العمل على هداية الناس وعلاجهم من أعظم الغايات، التي مِن أجلها أرسل الله الرسل تَتْرَى، منذ فجر البشرية، من نوح عليه السلامُ وصولًا إلى رسولنا محمد بن عبدالله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتأملي ما كتبه أديبُ الإسلام سيد قطب رحمه الله في ظلاله عند تفسير سورة نوح: "هذه السورةُ كلُّها تقصُّ قصة نوح عليه السلام مع قومه؛ وتصف تجربةً من تجارب الدعوة في الأرض، وتمثل دورةً من دورات العلاج الدائم الثابت المتكرر للبشرية، وشوطًا من أشواط المعركة الخالدة بين الخير والشر، والهدى والضلال، والحق والباطل.
هذه التجربةُ تكشف عن صورة من صور البشرية العنيدة الضالة الذاهبة وراء القيادات المضلِّلة، المستكبرة عن الحق، المعرضة عن دلائل الهدى، وموحيات الإيمان، المعروضة أمامها في الأنفس والآفاق، المرقومة في كتاب الكون المفتوح، وكتاب النفس المكنون.
وهي - في الوقت ذاته - تكشف عن صورةٍ من صور الرحمة الإلهية، تتجلَّى في رعاية الله لهذا الكائن الإنساني، وعنايته بأن يهتدي، تتجلى هذه العناية في إرسال الرسل تَتْرَى إلى هذه البشرية العنيدة الضالة، الذاهبة وراء القيادات المضللة المستكبرة عن الحق والهدى.
ثم هي - بعد هذا وذلك - تَعرِض صورةً من صور الجهد المُضني، والعناء المُرهق، والصبر الجميل، والإصرار الكريم من جانب الرسل صلوات الله عليهم لهداية هذه البشرية الضالة العنيدة العصية الجامحة، وهم لا مصلحة لهم في القضية، ولا أجرَ يتقاضونه من المهتدين على الهداية، ولا مكافأةَ ولا جُعلَ يحصلونه على حصول الإيمان! كالمكافأة، أو النفقة التي تتقاضاها المدارس والجامعات والمعاهد والمعلمون في زماننا هذا وفي كل زمان في صورة نفقات للتعليم.
هذه الصُّورة التي يَعرِضها نوحٌ عليه السلام على ربِّه، وهو يُقدِّمُ له حسابَه الأخيرَ بعد ألفِ سنة إلا خمسين عامًا قضاها في هذا الجهد المُضني، والعناء المرهق، مع قومه المعاندين الذاهبين وراء قيادة ضالَّة مُضللة ذات سلطان ومال وعزوة، ولمدة طويلة.. وإن الإنسان ليأخذه الدهشةُ والعَجَبُ، كما تغمرُه الرَّوعةُ والخُشوع، وهو يستعرض بهذه المناسبة ذلك الجهدَ الموصولَ من الرسل عليهم صلوات الله وسلامه لهداية البشرية الضالَّة المعاندة، ويتدبَّر إرادةَ اللهِ المستقرةِ على إرسال هؤلاء الرسل واحدًا بعدَ واحدٍ لهذه البشريَّة المُعرضة العنيدة.
وقد يَعِنُّ للإنسان أن يسأل: تُرى تساوي الحصيلةُ هذا الجهدَ الطويلَ، وتلك التضحياتِ النبيلة، من لدُن نوحٍ عليه السلام إلى محمد عليه الصلاة والسلام ثمَّ ما كان بينهما، وما تلاهما مِن جُهُود المؤمنين بدعوة الله وتضحيَّاتهم الضخام؟
تُرى هل تساوي هذا الجهد الذي وصفه نوحٌ في هذه السورة، وفي غيرها من سور القرآن، وقد استغرق عُمُرًا طويلًا بالغَ الطول، لم يكتفِ قومُه فيه بالإعراض، بل أتبعوه بالسُّخرية والاتهام؛ وهو يتلقَّاهما بالصبر، والحُسنى، والأدب الجميل، والبيان المنير؟
ثم تلك الجهودُ الموصولةُ منذ ذلك التاريخ، وتلك التضحياتُ النبيلةُ التي لم تنقطعْ على مدار التاريخ؛ من رسُلٍ يُستهزَأُ بهم، أو يُحرقون بالنار، أو يُنشرون بالمنشار، أو يَهجُرون الأهل والديار، حتى تجيء الرسالةُ الأخيرةُ، فيَجهَد فيها محمد صلى الله عليه وسلم ذلك الجُهدَ المشهودَ المعروفَ، هو والمؤمنون معه، ثم تتوالَى الجهودُ المضنيةُ، والتضحيات المذهلة، من القائمين على دعوته في كل أرض، وفي كل جيل؟
تُرَى تُساوي الحصيلة كلَّ هذه الجهود، وكل هذه التضحيات، وكل هذا الجهاد المرير الشاق؟ ثم تُرى هذه البشرية كلُّها تساوي تلك العناية الكريمة من الله، المتجلية في استقرار إرادته سبحانه على إرسال الرسل تَتْرَى بعد العناد والإعراض والإصرار والاستكبار، من هذا الخلق الهزيل الصغير المسمى بالإنسان؟!
والجواب بعد التدبُّر: أن نعم، وبلا جدال!
إنَّ استقرار حقيقة الإيمان بالله في الأرض يُساوي كلَّ هذا الجهدِ، وكلَّ هذا الصبرِ، وكلَّ هذه المشقة، وكلَّ هذه التضحياتِ النبيلة المطردة من الرسل وأتباعهم الصادقين في كل جيلٍ!
ولعلَّ استقرارَ هذه الحقيقة أكبرُ مِن وُجود الإنسان ذاتِه، بل أكبرُ من الأرض وما عليها، بل أكثرُ من هذا الكونِ الهائلِ الذي لا تبلغُ الأرضُ أن تكون فيه هباءةً ضائعةً لا تكاد تُحَسُّ أو تُرَى!
وقد شاءتْ إرادةُ الله أن يخلق هذا الكائن الإنساني بخصائصَ معينةٍ، تَجعَلُ استقرار هذه الحقيقة في ضميره وفي نظام حياته موكولًا إلى الجهد الإنساني ذاتِه بعون الله وتوفيقه، ولسنا نعلم لم خلق الله هذا الكائن بهذه الخصائص، ووكلَه إلى إدراكه وجُهده وإرادته في تحقيق حقيقة الإيمان في ذاته، وفي نظام حياته، ولم يَجبله على الإيمان والطاعة لا يعرف غيرهما؛ كالملائكة أو يمحِّضه للشر والمعصية لا يعرف غيرهما؛ كإبليس.
لسنا نعلم سرَّ هذا، ولكننا نؤمن بأن هنالك حكمةً تتعلق بنظام الوجود كلِّه في خلق هذا الكائن بهذه الخصائص!
وإذًا فلا بد مِن جُهدٍ بشريٍّ لإقراره حقيقةَ الإيمان في عالم الإنسان؛ هذا الجهد اختار الله له صفوةً من عباده هم الأنبياء والرسل، وثلة مختارة من أتباعهم هم المؤمنون الصادقون، اختارهم لإقرار هذه الحقيقة في الأرض؛ لأنها تُساوي كلَّ ما يَبذُلون فيها من جهودٍ مضنيةٍ مريرةٍ، وتضحياتٍ شاقةٍ نبيلةٍ" اهـ. موضع الغرض منه مختصرًا، وأنصحُك بمراجعة جميع كلامه عند تفسير سورة نوح؛ لعله يكونُ زادًا تتسلحين فيه في معركةٍ مع النفس الشاردة.
واعلمي أختي الفاضلة أنَّ الإنسانَ يَمُرُّ بِمراحلَ مُختلفةٍ، وأحوالٍ مُتنوِّعة، والنَّفس البشرية لها إقبالٌ وإدبارٌ؛ فتارةً تكون في سُمُوٍّ وإشراق، وتارة تكون في دُنُوٍّ وإملاق، حسب المعطيات، والتي من أهمها البيئة المحيطة والصحبة، فهذِه حالُ البَشَر، قلَّما ترى شخصًا يعيشُ على وتيرةٍ واحدةٍ من الخير أوِ الشَّرِّ، فهذا أمرٌ طبيعيٌّ، بشرط أن نتمسك بالواجبات، وأصولِ الدين، والبُعد عن المُحرَّمات، فإذا وصل إلى تَرْكِ الواجبات، وفِعْلِ المُحرَّمات، فالأمر خطيرٌ؛ كما قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنَّ لكل عملٍ شِرَّةً، ولكلِّ شِرَّةٍ فترة، فمَنْ كانتْ فترتُه إلى سُنَّتِي فقد اهتدى، ومن كانت إلى غيْرِ ذلك فقد هلك" [رواه البيهقيُّ، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه وهو صحيح].
هذا؛ ومن أشد ما تستعينين به في معركة إصلاح خطيبك مراعاة الآتي:
- فتح عينيه لما خلقه اللهُ له، وما أعدَّه تعالى للمتَّقين من الجنان، وما أَعَدَّ لغيرهم من النيران، فالجهلُ بِذلك أو تَجاهُله، أو نسيانُه، أو الاستهانة بعذاب الله عزَّ وجلَّ في الدنيا والآخرة يُميت أحاسيس الرغبة، ويُضعِف الهمَّة، بخلاف من وَضَعَ رضا الله ثم الثَّوابَ نُصْبَ عينيْه، فإنه ينَهضُ للعبادة، ويَجِدُ فيها، وكذلك من وضع العِقاب نُصْبَ عينيْه، صان نفسَه من الوقوع في المعاصي.
- التنبيهُ على خُطورةِ طولِ الأملِ؛ فإنه قاتلُ الهِمم، ومُفتِّرُ القُوى، قرينُ التَّسويفِ والتَّأجيلِ، وحبيبُ الخاملين الهامِلِين، وعدوُّ الأتقياء النابِهين.
ويكفي طول الأمَل مذمَّة الله له؛ حيثُ قال تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 3].
قال عليٌّ رضي الله عنه: "أخْوَفُ ما أخافُ عليْكُم: اتِّباعُ الهوى، وطولُ الأمل، فأمَّا اتِّباعُ الهوى، فيصدُّ عن الحقِّ، وأمَّا طولُ الأمل، فيُنسِي الآخِرة".
- تعاوني أنتِ وأسرتكِ في توفير صحبةٍ طيبةٍ؛ بدلًا من الصحبة السيئة؛ فكم هَدَمت الصحبةُ السيئةُ من خير في النفوس؛ كما يقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسُّوءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ، ونَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذيَك، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يحرق ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً".
احذري أن تسايريه في أي شيء محرمٍ؛ فهذا من أعظم السبُل للهداية ولقَبُولها، ولا تنسي أنه ما زال أجنبيًّا عنكِ.
- أَحضِري له بعضَ الكتيِّبات أو المواد الصوتية التي تتكلم عن معرفةِ الله حقَّ معرِفته، وعظمته في النُّفوس؛ فإنَّ مَن عرف الله تعالى بأسمائِه وصفاته، لم تَجرؤْ نفسُه على التقصير في عبادته، أوِ الوقوع في معصيته، بخلاف من جَهِلَ بِرقابة الله عليْه، أو لم يستَشْعِرها في سَكَناتِه وحركاتِه، فقد نَزَعَ عن نفسِه لبوسَ الحياء من الخالق سبحانه، ومَن لَم يستَحِ فلْيَصْنع ما يشاء، فلا عَجَبَ بعد هذا إذا فَتَر أو قصَّر، ومن أعظمِ ما صَنَّفَ في هذا كتاب: "مدارج السالكين" لابن قيِّم الجوزية.
- نبِّهيه إلى مُحاسبة نفسه باستمرار؛ فكل من لَم يَجعل عَلَى نفسِه حسيبًا، فتكثُر عثراتُه، وتتضاعف زلاتُه؛ كما قال الحسنُ البصري رحمه الله: "إنَّ العبدَ لا يزالُ بِخيرٍ ما كان له واعظٌ من نفسه، وكانتِ المُحاسبةُ هِمَّتَه"، ويقول ميمونُ بنُ مِهْران: "لا يكونُ العبد تقيًّا حتَّى يكونَ لنفسِه أشد مُحاسبة من الشَّريك لشريكِه"، ولهذا قيل: "النَّفسُ كالشَّريك الخوَّان، إن لَم تُحاسِبْه ذهب بِمالك".
- نبِّهيه أن من شُروط التوبة الصادقة: قطْع كل الأسباب الَّتي أوقعته فيها، ومجاهدة النفس في عدم تذكُّرها.
- أكثري من الدعاء له بالهداية؛ فالعبدُ لا يَملِكُ هداية نفسِه ولا غيره إلا بتوفيق الله عزَّ وجلَّ، وأحسني استغلال تعلقه بك وبأسرتك بما يعود عليه بالخير.
ونسألُ الله العظيمَ أن يطهِّرَ قلبه، وأن يصرفَ قلبه إلى طاعته، وأن يرزُقَنا وإيَّاه الصلاح، والاستِقامة، والثبات.
- التصنيف:
- المصدر: