طلقني ويريد إعادتي سرا
أنا فتاةٌ سوريةٌ انتقلتُ للعيش في بلد آخر غير بلدي نظرًا لظروف سوريا، ساعدَنا شخصٌ ووقف معنا، وأصبح كأخينا يساعدنا في كل ما نريد.
ثم تقدَّم لخطبتي من والدتي، وعلمتُ منه أنه متزوِّج من زوجة أخرى، لكنه طلب منا ألا تعرف زوجته الأولى بخبر الزواج الثاني، حتى لا تحصلَ مشكلات مع زوجته الأولى.
تم عقد الزواج، وطلب مني بصورةٍ سريةٍ تأخير الإنجاب، فوافقتُ لأني كنتُ أحبه، ولحاجتي للارتباط به.
فوجئتُ بعد الزواج بأنه لا يبيت عندي، ولا يعدل بيني وبين زوجته الأولى، حتى في الأمور المادية، وبالرغم مِن ذلك كنتُ راضيةً؛ لأنه كان يعاملني معاملة حسنةً.
علِمَتْ زوجتُه بزواجِه مني، فقلبت الدنيا رأسًا على عقب، وحصلتْ مشكلات كثيرةٌ جدًّا، حتى إنهم حرموه مِن دخول المنزل ورؤية أولاده، وآذوه في عمله، وبقيتُ أنا معه أواسيه وأصبره، وأساعده في إيجاد حلول للمشكلة.
كان طلبهم الوحيد أن يُطَلِّقني، وأن يتعهَّد بعدم الزواج مرة أخرى، فوافق على طلبهم، وطلَّقني طلقةً واحدةً، وجعلني أسافر إلى أهلي، مع أن الوضع صعب جدًّا!
وافقتُ على ذلك على أمل أن يُعيدني مرة أخرى إليه بعد حل مشكلاته.
هو ضحى بي حفاظًا على بيته الأول، فهل من حقه أن يُطَلِّقني؟ وهل أستحق هذا منه بالرغم مِن أنه لم يرَ مني إلا كل ما يسُره؟ مع أنه أخبرني أنه لم يكن مرتاحًا وسعيدًا إلا بعد أن تزوَّجني.
وللأسف لم أستطعْ إخبار أهلي بأنني مطلقة؛ حتى لا أزيد مآسيهم ومصائبهم، ولا أردي ماذا أفعل؟
ما زلتُ أحبه، فقد كان شهمًا معي، وأعطاني كل حقوقي، وأحسن معاملتي، ولم أرغبْ في الطلاق، والآن يتصل بي ويريدني أن أعود إليه؛ ويخبرني بأنه ما زال يحبني، ولا يستطيع الاستغناء عني، ويريدني أن أعودَ له بنفس الظروف السابقة، بدون علم زوجته.
أخبروني ماذا أفعل؟ هل أعود له في ظل الظروف الأولى، وعلى أن يكون الزواج في السر؟
أشيروا عليَّ، وجزاكم الله خيرًا.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فيحزنني كثيرًا -أيتها الأخت الكريمة- أن أقول لك: لا تعودي لهذا الرجل المحترم ثانيةً، حتى وإن كان يحبك حقًّا، وكان صادقًا غير مخادع، وحتى، وحتى؛ وذلك لسببٍ جوهري وهو ضَعْفُ الرجل عن حمايتك، وخنوعه وخضوعه الشديدان أمام زوجته وأهلها؛ حتى إنه في أول منعطفٍ تركك إرضاءً لها، وكان يمكنه -إن كان حريصًا عليك- أن يفعلَ ما يفعله الكثير من الرجال الذين يتزوجون بعيدًا عن أعين الزوجة الأولى، فلما علمتْ زوجاتهم لم يُسارعوا بالطلاق، وتحملوا تبعات فعلتِهم بقوةٍ ومسؤوليةٍ.
أما مَن يهرب مِن المسؤولية فمَن يضمن لك -أيتها الأخت الكريمة- أنه لا يتركك ثانيةً إن جد الجد، وعلمتْ زوجته، وأخشى -أيضًا- أن يكونَ سبب اتصاله بك هو الشوق إليك، والحاجة الغريزية التي سببها تعوُّده عليك ثم فقده لك، فأخشى إن رجعت إليه واعتدل مزاجه -بعد قضاء وطره وإشباع غرائزه- أن يُضَحِّي بك ثانيةً.
والحاصل -أيتها الكريمة- أن الزواج ميثاقٌ غليظٌ، والبيت المسلم أحاطه اللهُ بسياجٍ قويٍّ مِن الحماية، ونظَّم مؤسسة الأسرة، وضبَط الأمور فيها، ووزَّع الاختصاصات، وحدد الواجبات، كل هذا مِن أجل المحافظة عليها مِن زعازع الأهواء والخلافات، واتقاء عناصر التهديم فيها، وجعل المودة والرحمة، أو الواجب والتجمل أكبر الأسباب التي تؤدِّي إلى تماسك الأسرة وقوتها واستمرارها، فإذا كانت الأسرة ستُبنى على مجرد التعلق القلبي فقط -دون ما ذكرناه مِن تحمُّل المشاق واتخاذ الوسائل للحفاظ عليها- فإنه لا يحكم لها بالبقاء.
فاسألي الرجل، واعرفي منه ما هو التصرُّف إن علمتْ زوجته ثانيةً؟ هل سيهزم مرةً أخرى؟ أو ماذا؟ وكيف تبنين حياتك معه على الاحتمال؟
ولكن إن أخبر زوجته بأنه سيتزوَّجك، وشعرتِ منه الصِّدق في ذلك، فلا بأس -حينئذٍ- في الارتباط به.
وفقك الله لكل خير، ويَسَّر لك الخير حيث كان.
- التصنيف:
- المصدر: