ما هي الأيام المعدودات؟
فالمقصود من الآية التي معنا هو التخييرُ بين التعجيل والتأخير ورفعُ الحرج عن الحاجّ
ما هي الأيام المعدودات؟ وما هو المقصود من الذكر في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203].
فهذه الآية الكريمة من سورة البقرة، وهي متعلقة بالحج ومناسكه، والأيام المعدودات هي أيام التشريق الثلاثة بعد يوم عيد الأضحى، وذكرُ الله عامٌّ للحاجّ وغيره، وهو يَشمل التكبيرَ عقب الصلوات الفرائض والتكبيرَ على الأضحية والتكبيرَ عند رمي الجمار؛ فمن المعروف في فقه الشريعة أن هناك تكبيرًا عقب الفرائض، وهو عند الشافعيّ من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق الثلاثة.
ووقت الأضحية عقب صلاة العيد إلى أخر أيام التشريق الثلاثة. ورميُ الجمار في الحجّ يكون يوم العيد، ويسمَّى "رَمْيَ جمرة العقبة" ثم يستمر ثلاثة أيام لمن أراد أن يُتمَّ، فإن تَعجَّلَ رَمْيَ يومَين بعد العيد وتَرَكَ منًى قبل الغروب فلا إثم عليه؛ فإن غرَبَت الشمس عليه وهو في منًى فلا بد أن يَبِيت ويرميَ الجمَرات في اليوم الثالثَ عشرَ من ذي الحجة.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ} [البقرة: 203].
ونفيُ الإثم في التأخرِ، مع أنه أفضلُ وهو السنةُ، للمجانَسة في التعبير، مثل قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}[الشورى: 40] فإن رَدَّ السيئة بمثلها ليس سيئةً. فالمقصود من الآية التي معنا هو التخييرُ بين التعجيل والتأخير ورفعُ الحرج عن الحاجّ، وكان الناس في الجاهلية أحيانًا يؤثِّمون المتعجِّل وأحيانًا يؤثِّمون المتأخِّر فجاء القرآن ينفي المأثَمَ عنهما جميعًا، والمسألة كلها قائمة على تقوى الله سبحانه ومراقبة حدوده والاستعداد ليوم لقائه.
والله أعلم.
الدكتور محمد أحمد سيد المسير.
- التصنيف:
- المصدر: