الصحبة السيئة وشذوذ من حولي أفسدني.
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة - مساوئ الأخلاق -
أنا بنت مُؤدَّبة جدًّا، ولا أحبُّ حركاتِ البنات التي فيها شيءٌ مِنْ قِلَّة الأدب، وكنتُ مِن بنات المُصلَّى في مدرستي، ولما كبرتُ اختلطتُ بصديقاتٍ طيبات، لكنَّهن كنَّ يتكلَّمْنَ عن "تشبيك البنات"، وحب البنت للبنت، وهنَّ لا يفعلْنَ ذلك، وإنما يتكلَّمْنَ عنه فقط، وأغلب بنات مدرستنا بينهنَّ عَلاقة مشبوهة، ومن هنا عَرَفتُ هذه الأمور!
ثم أحببتُ بنتًا، وكنت أعطف عليها؛ لأن والدتها مُطَلَّقة، وهي فاقدة الحنان والعاطفة الأسرية.
وأنا أكلِّمها ذات مرة قالتْ لي: "نريد أن نشفشف"، ولم أفهمْ مُرادها أول الأمر، فقلتُ: لا بأس، ولما عَرَفتُ معناها صُعِقتُ!
المهم أني "شفشفت" مرتين، وكان ذلك في ساحة المدرسة، فرأتني بعضُ البنات، وكانتْ صدمة لهنَّ؛ لأنهن يعرفنني ويعرفنَ أخلاقي، وأصبحنَ يتكلَّمنَ عني بسوءٍ، فكلما تعرَّفتُ إلى صديقةٍ يصلُها كلامٌ عني أني قليلة الأدب، وتبعد عني، فتعبتُ نفسيًّا جدًّا، حتى لم أعدْ أهتم بشكلي ومظهري.
ماذا أفعل؟! كيف أستعيدُ ثقتي بنفسي.
قرأتُ رسالتكِ، واستشعرتُ الألم الذي جلبتْه لك صحبةٌ فاسدةٌ؛ فأنتِ فتاةٌ صالحة، مصلِّية، تحملين قلبًا بريئًا ونفسًا طاهرة، وقد قيل في الأمثال: (الصاحبُ ساحِب)، فإما أن تسحبكِ صديقتكِ إلى الخير والجنة، وإما أن تسحبكِ إلى الشرِّ، فتهوي بكِ في جهنم!
هذه الفتاةُ لا يمكن أن تسمَّى صديقة؛ لأنها تحتاج إلى تربيةٍ وعلاج نفسيٍّ، لعل ذلك بسبب نقص عاطفتها وحرمانها مِن أبويها، ولستِ أنتِ مَن يسُدُّ نقص هذه العاطفة، ليس هذا مكانكِ ولا دورك -أشكر لكِ قلبَكِ الرحيم- لكن أين دورُكِ -حبيبتي- كفتاةٍ مسلمة؟ وكيف انسقتِ وراءها؟! وأين ثباتكِ وهُوِيَّتكِ؟! وهل نتنازل عن جوهر أخلاقنا لنُرضِي مَن حولنا؟!
أنتِ فتاةٌ متديِّنة مُهَذَّبة، تستنكرين المنكر؛ لأنه يُغضِب الله، ولأنك تحترمين ذاتكِ، فلا يمكنكِ أن تَضعِيها في موضعٍ لا يَلِيق بها، كلام الناس ونظراتهم تؤثِّر علينا وتُؤذينا أحيانًا، لكن غضب الله أشد إيلامًا للنفس، فبسبب خطيئة قد يَحجُبُ الله عنكِ خيرًا؛ قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]، لكن الله غفور رحيم، وهو أرحم بنا من أنفسنا ومن أمهاتنا ومن الناس أجمعين، وحين تصدق توبتك؛ سيغفر لك، فاستغفريه ثم توبي إليه.
حدِّثي هذه الفتاة عن حُرمة هذه التصرفات، وأنها لا تَليِقُ بالفتاة المسلمة، وأخبريها برأيكِ وموقفك تُجَاه ما صدر منكما، وأنه خطأ ندِمْتِ عليه، ولم تعتادي على مثله، ولا يمكن أن تعودي إليه، وحثِّيها على التوبة والرجوع إلى الله، ومَن اتَّقى الله بحفظ نفسه وجسده رزقه الله الحلال مِن حيثُ لا يدري ولا يحتسب، في الحديث: «
» ومن ترك شيئا لله عوضه خيرا منه.اهتمي بمظهركِ ولباسكِ؛ فالفتاةُ المسلمةُ كما هي جوهر هي مظهر، واهتمي بنقاء جوهركِ بإبعاده عن مكامن المنكر، وخصوصًا الصُّحبة السيئة التي تجلب للمرء الويل والعار.
عُودِي إلى سابق عهدِك من الأخلاق الفاضلة الحميدة، وسوف تعود نظرةُ الناس إليك كما كانتْ، وسوف يَنسُون ما حصل بالتدريج، ما دمتِ عاهدتِ الله وعاهدتِ نفسكِ على تركه، وإن كنتِ مشفقةً حنونًا على هذه الفتاة فتحدِّثي إليها - كما أشرتُ عليكِ - بضرورة ترْكِ هذه الفِعال السيئة، والتوجُّه إلى الله بالتوبة والقلب الصادق، وسوف يغفر الله لكما، ويحقِّق مبتغاكما بالزوج الصالح في مستقبل الأيام، ادعي لها بظهر الغيبِ أن يَهدِيَها الله ويُصلِح أمرها.
أخيرًا، عِيشِي حاضرك، وانسي الماضي بما حمل من سَيِّئ، ولا تجلدي ذاتكِ بتعذيبها على أمرٍ حصل وانتهى، فلا يُفِيد المزيد مِن الألم، بل أحبِّي ذاتكِ كما هي عليه الآن، وكوني حنونًا عليها؛ فهي أَوْلَى بشفقتكِ ورحمتكِ، ولا تجعليها تقع في الحرام من جديد.
ثبَّتكِ الله.
__________
أسماء حما