هل أموال العمولة التي آخذها حلال؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه المعاملات -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل في شركة خاصة، ومرتبي لا يكفيني، وعملي هو بيعُ خدمات للعملاء، وأنا المسؤولُ عن بيع وشراء هذه الخدمات للشركة، والشركةُ لا تكسب من هذه الخدمات أي شيء، ولا تخسر أيضًا، بل هي دعاية فقط!
فيأتي العميلُ ويشتري الخدمة مني بسعر الشركة العالمية، وقدرها مثلًا: 100 دولار، وأُحَوِّل أنا الـ 100 دولار للشركة.
تعرفتُ على أحد الأشخاص فأعطاني خَصْمًا كبيرًا على الخدمات، بما يُقارب نصف ثمن الخدمة؛ أي: 50 دولارًا، وأبيعها أنا بـ 100 دولار، وآخذ 50 دولارًا لي كعمولة، و50 دولارًا للشركة!
فهل الأموال التي آخذها (50 دولارًا) حرام أو حلال؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإن كان الأمرُ كما تقول أيها الأخ الكريم، فأنت تعمل وكيلًا عن تلك الشركة بالأجر الذي تأخذه منها في صورة راتب شهريٍّ، ومِن ثم فلا يجوز لك أن تتربَّحَ مِن وظيفتك غير الراتب المتفق عليه، ولكن يُمكنك أن تخبرَ الشركة بقيمة الخَصْم الذي تحصُل عليه؛ فإن أجازوا لك أخْذ الفارق (50 دولارًا) فهو حلالٌ لك، أما إن لم يأذنوا لك في الأخذ، أو لم تستأذنهم فيه؛ فلا يحلُّ لك أخْذُه.
والدليلُ على ما ذكرته لك ما أخرجه البخاريُّ في باب هدايا العمال، عن أبي حميد الساعدي، أنه أخبره: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عاملًا، فجاءه العاملُ حين فرغ مِن عمله، فقال: يا رسول الله، هذا لكم، وهذا أُهْدِيَ لي، فقال له: "أفلا قعدتَ في بيت أبيك وأمك، فنظرتَ أَيُهْدَى لك أم لا؟"، ثم قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة، فتشهَّد وأثنى على الله بما هو أهلُه، ثم قال: "أما بعدُ، فما بال العامل نستعمله، فيأتينا فيقول: هذا مِن عملكم، وهذا أُهْدِيَ لي؟ أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر: هل يهدى له أم لا؟ فوالذي نفس محمدٍ بيده، لا يغل أحدُكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنُقه، إن كان بعيرًا جاء به له رغاء، وإن كانتْ بقرةً جاء بها لها خوار، وإن كانتْ شاة جاء بها تَيْعَر، فقد بلغتُ"»؛ ورواه مسلمٌ، باب تحريم هدايا العمال، وروى أحمدُ في المسند عن أبي حميد الساعدي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هدايا العمال غُلول»؛ أي: مِن الخيانةِ وعدم الأمانةِ.
والغُلول: هو الأخْذُ مِن الغنيمة قبل قسمتها، ومثل الغنيمة الأموال العامة التي تعتبر ملكًا للأمة، إذا أخذ منها ما لا يستحقُّ.
رزقنا الله وإياك رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه.