وساوس التفكير في جنس المحارم
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: موضوعات متنوعة -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من مشكلة كبيرةٍ جدًّا، وهي التفكيرُ في الجنس تجاه أمي مِن غير قصدٍ، أُحاول جاهدًا الابتعاد عن ذلك، لكن للأسف تعود هذه الأفكارُ إلى رأسي، ولا أستطيع التخلُّص منها، أصبتُ باكتئابٍ شديدٍ.
ولا أعرف ماذا أفعل؟
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فمما لا شك فيه - أيها الابن الكريم - أنَّ ما تشعر به هو نوعٌ مِن الوسواس القهري، فأنت تقَع في تلك الأفكار بغير قصدٍ منك؛ فهي - كما يتضح مِن كلامك محض خطراتٍ شيطانيةٍ لا تُؤاخَذ بها - إن شاء الله تعالى؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله تجاوَز لأمتي ما حدَّثَتْ به أنفسها، ما لم يتكلموا، أو يعملوا به».
وبُغضُك لهذه الأفكار وغضبُك منها دليلٌ صريحٌ على معرفتك الحقة أن اشتهاء المحارم منكرٌ شنيعٌ، وانحرافٌ عن الفطرة، وفسادٌ في الأخلاق، وتقوى الله تعالى تثيب المرء إلى رشده، وتكبح جماح نفسه؛ حتى لا تهوي به نفسه والشيطان إلى مهاوي الرذيلة، وتُوردُه مَوارد الهلاك.
أما علاجُ تلك الخطرات فبأمورٍ؛ منها:
أولًا: الحِرصُ على قطْع تلك الخطرات، وسد مَداخل الشيطان، وترْك الاسترسال معها؛ فالاسترسالُ مع هذا الأمر محرمٌ، بل مِن المُوبقات، ففارقٌ بين الخطرة التي تلقى في نفسك رغمًا عنك، فلا تُؤاخَذ بها، وبين الاسترسال معها، والذي يدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كُتِب على ابن آدم نصيبه مِن الزنا، مُدركٌ ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظَر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجلُ زناها الخطا، والقلبُ يهوى ويتمنى، ويصدِّق ذلك الفرْجُ ويُكَذِّبه».
ثانيًا: البُعد عن كل ما يُثير شهوتك، وأخذ نفسك بالحزم، وعدم التهاوُن معها.
ثالثًا: احرصْ على تقوية صلتك بالله، والاعتصام به، والافتقار إليه في رفْع الضُّر، والتضرُّع وصِدْق اللجوء بكثرة الدعاء والإلحاح فيه، مع إحسان الظنِّ بالله؛ فإنه قريبٌ مجيبٌ، واستعِنْ بالله في فعل المأمور، واستعذْ بالله في دفْعِ الضرِّ، وأحسن التوكُّل على الله.
رابعًا: اشغلْ وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك، ومارِسْ بعض الرياضة، واحرصْ على صحبة الأخيار الذين يُعينونك على طاعة الله، ويربطونك بالمساجد، ومجالس العلم والذِّكر.
خامسًا: مِن أعظم ما يعين على ترْك أي محرم - وإن كان خطيرًا - مُراقبة الله الجليل، وأن تعلم أن الله مُطَّلَعٌ على قلبك وسكناتك وحركاتك؛ فنظر الله إليك أسرع من نظرك للحرام، وهو سبحانه يعلم ما تُوسوس به نفسك، فتأمَّلْ قول الله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19].
هذا؛ وقد حذَّر اللهُ عباده المؤمنين من الخيانة، والاسترسال مع الفكر المحرَّم قد يوقع في خيانة الأمانات التي أمرهم الله برعايتها؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58]، فتأمَّلْ هذا المقام يذهب الشرّ عن قلبك - بإذن الله.
وفقك الله لكل خيرٍ.