كيف أتعامل مع نساء العائلة؟

منذ 2016-11-21
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لديَّ مشكلةٌ في التعامُل مع نساء العائلة؛ إذ يتقَرَّبْنَ إلي بشكلٍ مُحْرجٍ.

وإذا اجتمعْنَ معي في ضِيافةٍ أو على طعامٍ، أجدهنَّ يكْشِفْنَ عن حجابهنَّ.

ومنهنَّ مَن تأتي وتجلس أمامي..

فأشيروا عليَّ كيف أتصرف في هذه الحال؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:

فما تذْكُره أيها الابنُ الكريم مِن تساهلٍ واختلاطٍ منتشرٌ بصُوَرٍ مختلفةٍ في مجتمعاتنا الإسلامية، حتى صار هو المعروف عند أكثر الناس يَتَوارثُونه بينهم، وأصبح الالتزامُ بتعاليم الإسلام هو الغريب، والله المستعان!

والسببُ في ذلك جَهْلُ أكثرِ المسلمين بالضوابط الشرعية في التعامُل مع النساء؛ مِن غَضّ البصَر، والتزامِ المرأة بالحجاب الشرعي، والكلامِ بالمعروف، وعدم الخلْوَة، والبُعد عن الخلْطَة، وعدم تعدِّي حُدود الله، إلى غير ذلك مما جاء به الدينُ الإسلاميُّ.

فاحْمَد اللهَ - أيها الابنُ الكريمُ - أنْ مَنَّ عليك بمعرفة الحقِّ واتباعه، وكَرَّه إليك المعاصي؛ فالخيرُ كل الخير في اتِّباع دينه، وطاعةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى وإن ثقُل ذلك على النفس، واسْتَوْحَشتْ مِن مخالفة الناس وما اعتادُوا.

أما ما يلحقك مِن لَوْمٍ أو عقابٍ أو غير ذلك، فاحْتَسِبْه عند الله تعالى، وهي بِدَوْرِها ستنتهي بمُرُور الأيام، وسيعرف الأهلُ الأقارب عنك أنك مُلْتَزِمٌ بِشَرْعِ الله تعالى، فيبتعدون عنك، ولا تلْتَفِتْ لبنيات الطريق؛ فالعاقلُ مَن جعل رضوانَ الله غايتَه، وليس رضا الناس، ثم إنَّ قلوب بني آدم كلها بين إصبعين مِن أصابع الرحمن، كقلبٍ واحدٍ، يَصْرِفُه حيث يشاء، كما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند مسلم.

فثباتُ المسلمِ على دينه أحرى أن يجلبَ تقدير الناس، وليس مُداهَنة الناس وإرضاءهم وتضييع دينه، وقد نبَّهَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك، فقال: «مَن الْتَمَسَ رضاء الله بسخط الناس؛ كفاه الله مؤنة الناس، ومَن التمس رضاء الناس بسخط الله، وكَلَهُ الله إلى الناس»؛ رواه الترمذيُّ وصحَّحه الألبانيُّ.

واستَعِنْ بالصبر والأعمال الصالحة، وسلْ نفسَك بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]؛ لما صَبَرُوا وثبتوا على الحق، ألْقَى اللهُ لهم القَبُول في الأرض، وأعقبهم مَحَبَّةَ الناس واحترامَهُم.

وفي الختام أُبَشِّرُك بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال: «سبعةٌ يُظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشابٌّ نشأ بعبادة الله، ورجل قلبُه مُعَلَّقٌ بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفَرَّقَا عليه، ورجلٌ دعتْهُ امرأةٌ ذات منصب وجمالٍ، فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم يمينُه ما تُنفق شماله، ورجل ذكر الله خاليًا، ففاضتْ عيناه»، وأنت في بدايات الشباب، فهنيئًا لك طاعة الله.

ولكن ضَعْ نصْبَ عينيك أننا في زمانٍ الصابرُ فيه على دينه كالقابض على الجمْر، كما صحَّ عن الصادق المَصْدوق، ولذلك بشَّر الصابرين في نفس الحديث: «للعامل فيهنَّ مثلُ أجْر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم»، قال عبدالله بن المبارك: وزادني غير عتبة - قيل: "يا رسول الله، أجر خمسين رجلاً منا أو منهم؟" قال: «بل أجْرُ خمسين رجلاً منكم»، فثِقْ بالله وأنه معك، وأنك سوف تنال بصبرِكِ وتقواك كل خير.

وأسأل الله أن يَرْزُقَنا وإياك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وشُكر نعمته، وحسن عبادته، وقلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، آمين.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 1
  • 19,927

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً