هل أخبره بأني كنت متزوجة عرفيا؟

منذ 2016-12-11
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحببتُ شابًّا وحاول التقدُّم لي عدة مرات، لكن والدي كان يرفض، ثم كتبنا ورقة زواج عرفي، وكانت أمي وخالتي تعرفان ذلك، لكني لم أخبرهما بأنه عاشرني أكثر من مرة.

ظلتْ علاقتي به أشهرًا، وبعد مرور عامين تقدَّم لي شابٌّ على قدْرٍ مِن التدين العالي، والأخلاق الحسنة، وخُطِبْتُ له، ولم أخبره بشيء عن الماضي!

هذا الشابٌّ جعلني إنسانةً أخرى؛ علمني الكثير من الأمور الدينية، ولو علم بالماضي سيتركني، فهل إن لم أخبره بالماضي يكون زواجنا صالحًا أو باطلاً؟

وما الوسيلةُ التي أُكَفِّر بها عن هذا الذنب.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فالحمدُ لله الذي مَنَّ عليك بالتوبة والندم على ما وقعت فيه من أفعالٍ مشينةٍ؛ فالتوبةُ الصادقةُ تمحو الذنب مهما عَظُم؛ قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].

ولكن التوبة النصوح التي يغفر الله بها الذنب هي ما استوفتْ شُرُوطها مِن النَّدَم على فِعْل الذنب، والعزم الجازم على عدم العود أبدًا، والإقلاع في الحال عن الذنب، وتركه نهائيًّا.

فاستري على نفسك، ولا تُخبري أحدًا بذنبك الذي ارتكبته؛ سواءٌ كان خطيبك أو غيره؛ ومَن تحدث بذنبه فقد ارتكب ذنبًا آخر، وهتَك ستر الله تعالى الذي ستره به.

كما صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « مَن ابْتُلي بشيءٍ من هذه القاذورات، فليستترْ بستر الله؛ فإنه مِن يُبد لنا صفحته نُقِم عليه كتاب الله»؛ رواه مالكٌ في الموطأ.

وروى أحمد عن عبدالله بن مسعود، قال: جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله، إني أخذتُ امرأةً في البستان، ففعلت بها كل شيءٍ غير أني لم أجامعها، قبّلتها، ولزمتها، ولم أفعل غير ذلك، فافعلْ بي ما شئت، فلم يقلْ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه، قال فأتبعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصره، فقال: «ردُّوه عليَّ»، فردوه عليه، فقرأ عليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]، فقال معاذ بن جبلٍ: أَلَهُ وحده، أم للناس كافةً يا نبي الله؟، فقال: «بل للناس كافةً».

وروى مسلمٌ عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يستر الله على عبدٍ في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة».

ولذلك فإخبارُ المرأة بماضيها، وما فعلتْه من المعاصي لا يجوز شرعًا، ولا يُقبل طبعًا وفطرةً؛ لأنه معصيةٌ بين العبد وربه، وقد ستره الله تعالى والإخبار بذلك كشفٌ لستْر الله، وتهوينٌ من المعصية؛ حتى يتجرأ عليها الآخرون، ونوعٌ من إشاعة الفحشاء.

وقد أراد رجلٌ مِن أهل المدينة أن يزوج موليته، وقد سبق لها أن زنتْ، ولكنها تابت توبةً نصوحًا، وقرأت القرآن، فخاف لورعه أن يكون مدلسًا إذا لم يخبر بذلك، فنهاه عمر - رضي الله عنه - وقال له: "لو أفشيتَ عليها لعاقبتك".

أما ما تسمينه أنت زواجًا عرفيًّا، فهو - كما يظهر من كلامك - اتفاقٌ بينك وبين ذلك الرجل على أن تزوجيه نفسك، وتكتبا بذلك ورقةً، ثم يعاشرك بعد ذلك معاشرة الأزواج، فهذا ليس زواجًا، وإنما هو محض زنًا - عياذًا بالله - لعدم توفر شروط النكاح الصحيح فيه، والتي من أهمها: وجود الولي، والشاهدين، وعلى هذا فزواجُك من الخاطب الجديد زواجٌ صحيحٌ ما دام أنه وقَع مُستوفيًا لشروط النكاح الصحيح، واستري على نفسك، وتناسي ماضيك تمامًا، واسْعَدي مع زوجك، وأسعديه بطاعتك له، وتحببك إليه، والبحث عما يسعده ويرضيه، وحولي حياته معك إلى جنةٍ تزينها أفنان الطاعة وأغصانها.

وفقنا الله وإياك وزوجك وجميع المسلمين إلى ما يُحِبُّه ويَرْضاه.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 1
  • 40,034

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً