أكره المزاح حول الزوجة الثانية
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية - الآداب والأخلاق - استشارات تربوية وأسرية -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ 3 سنوات، والحمد الله مرتاحة مع زوجي، لكن زوجي دائم المزاح بقوله: سأتزوج بثانية؛ فهي كلمةٌ لا تُفارق لسانه!
تناقشتُ معه مرات كثيرة في هذا الموضوع، فكان يضحك ويفرح، ويرى أن في ذلك إشعالاً لغيرتي، حاولتُ أن أفهمَه كثيرًا أني أشمئزُّ مِن هذه الطريقة في المزاح، وأشعر بها أني سلعة ولستُ زوجة، لكنه لا يستجيب.
ربما هو يقتدي بوالده فهو مُعَدِّد، أخبروني كيف أتعامل معه؟
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فَهَوِّني عليك - أيتها الأختُ الكريمةُ - فما تذكرينه مع الأسف الشديد حالُ كثيرٍ مِن الرجال؛ إذا رأى زوجته تَثُور مِن ذِكْر شيءٍ معينٍ، أو تَغار مِن مسألة التعدد يُكْثِر مِن ذِكْرِها؛ مُتغافلاً عنْ أنَّ الغيرة مما طُبِعَتْ عليه النساء، وأن حُسْنَ العِشْرة واجبٌ عليه؛ كما قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، والآيةُ الكريمة تَشْمَلُ المعاشَرة القولية والفِعلية، وتوجب على الزوج أن يُصاحِبَ زوجتَه صُحبةً جميلةً، وأن يَكُفَّ أذاه عنها بالقول أو الفعل، وأن يبذلَ الإحسان إليها، ويُحسن معاملتها؛ فالإسلامُ العظيمُ يَنْظُر إلى البيت المسلم بِوَصْفِه سكنًا، وأمنًا، وسلامًا، وينظُر إلى العلاقة بين الزوجين بِوَصْفِها مودةً، ورحمةً، وأنسًا.
فبَيِّني لزوجك بلطفٍ ولينٍ أن ما يفعله يُغضبك، وأن الانشغالَ بشهوة النساء وغيرها مِن شهوات الدنيا - وإن كانتْ مباحةً - يُعَطِّل عن القيام بالمصالح الأخرى الدينية والدنيوية، وغالبًا ما يَجُرُّ صاحبه إلى المنهيِّ عنه، فالمباحُ إنما هو مباحٌ من جهة الجزء، وليس مِن جِهَة الكل، فمَن استَكْثَرَ منه تطرَّق إلى المكروه ووقع فيه، وأيضًا فإن شهوة النساء وغيرها من شهوات الدنيا - مع ما فيها من التنغيص والتكدير - فانيةٌ إلى زوالٍ، وأنَّ مَن أراد اللَّذَّة الكاملة التامة فلْيَطْلُبها في جنةٍ عَرْضُها السموات والأرض أُعَدِّتْ للمتقين، ولا ينال ذلك إلا بالاجتهاد في طاعة الله والقيام بأوامره.
هذا، ونحن وإن كنا نُقَدِّر مَشاعرك وغيرتك على زوجك - أيتها الفاضلة - إلا أنني أنصحك بالاعتدال في الغيرة، وعدم الإفراط فيها؛ فالغيرةُ الزائدةُ قد تُوقعك في بعض المحظورات، واستعيني - في تحقيق ذلك - بتوثيق صلتك بالله عز وجل، والتوكُّل عليه، وتذكَّري قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3]، وكذلك أَحْسِني التبعُّل لزوجك، والقيام بما أوجب الله له مِن حقوقٍ.
أمرٌ آخرُ قد تَغْفُل عنه بعض الزوجات، وهو: الرضا بما قدره الله وأباحه من أحكامٍ؛ كتعدُّد الزوجات، فهو مما أباحه الله تعالى للرجل لحِكَمٍ جليلةٍ، مَن تأمَّل وَجَدها.
فعلى الزوجة المسلمة أن تتقبَّل فكرة الزوجة الثانية، وتُجاهِدَ نفسها في ذلك؛ فالعداءُ لهذا الأمر خطيرٌ؛ فالتعدُّد شرع الله، فأعيذك بالله أن ترفضي شيئًا مما شرعه الله أو تعترضي، وإن كان مباحًا، فهذا شيءٌ عواقِبُه وخيمةٌ.
أخيرًا اصبري على ذِكْر زوجك لرغبته في الزواج، ولا تُظهري له غضبًا مِن ذلك ولا انزِعاجًا، فإذا تكرَّر ذلك منك أدْرَكَ أن ذلك الأمر لا يُثير غيرتك فيقلع عنه، وهذه طريقةٌ مُجَرَّبةٌ.