مشكلتي مع والد زوجي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لديَّ صديقةٌ تعاني مِن مشكلة مع والد زوجها، فهو يُغازلها، وينظُر إليها نظرات لا ترتاح إليها، وهي تتجنَّب الجلوس معه إذا كان وحده، وتخاف أن تخبر زوجها وأهلها، مع أنه لا يرفض لها طلبًا، ويدللها بصورة مريبة.
فأخبرونا مأجورين كيف تتصرف معه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فإنا لله وإنا إليه راجعون؛ فلا يخفى على أكثر المسلمين أنَّ والدَ الزوج محرمٌ لزوجة ابنه، وحرمتُها عليه على التأبيد؛ كما قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23].
فوالدُ الزوج مِن محارم المرأة، والذي كان يُؤمَّل منه الذَّبُّ عن عِرْضِها، وشرَفها، ويحميها من أهل الفجور؛ لأنه بمثابة أبيها، فكيف يتصور عاقلٌ أن يهتِك أبٌ عِرض ابنته؟! إلا إذا كان رجلاً ناقصَ الدين، منتكِسَ الفطرةِ، يَصْدُق عليه قولُ الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنعْ ما شئت»؛ رواه أحمد والبخاري.
فما تذكرينه - أيتها الأخت الكريمة - مِن مُراوَدَة ذلك الرجل لزوجة ابنه ليَفْجُرَ بها - من الذنوب الكبيرة؛ فهو مع كونه قبيحًا مذمومًا، فهو أيضًا من الخيانة والغدر، الذي قال فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، يُرفع لكل غادرٍ لواءٌ، فقيل: هذه غدرةُ فلان بن فلانٍ»؛ متفقٌ عليه، واللفظُ لمسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما.
أما ما يجب على هذه المرأة فعله:
أولًا: فهو نصح والد زوجها بطريقةٍ مباشرةٍ أن يتقيَ الله، ويتداركَ نفسه بالتوبة قبل أن يحلَّ به الأجل وهو مقيمٌ على أقبح الذنوب والآثام، وأن تحذره بصرامةٍ وبطريقة شديدةٍ أنه لو تكرَّر منه هذا الأمر، فستُخبر زوجها وأهلها، وستفضحه أمام الجميع، فإنِ ارْتَدَعَ - كما هو الحاصلُ في مِثْل هذه الأحوال - فبها ونِعْمَت، ولتسترْ عليه ما دام قد كفَّ شره، وإلا أخبرتْ زوجها؛ لأن إصراره وعدم اعتباره للعواقب والتي منها فضيحته أمام الناس - دليلٌ على أنه لا خيرَ فيه، وأنه ضعيفُ الديانة، وأن الفساد متأصلٌ في نفسه؛ فيخشى منه أن يصيبها منه مكروهٌ أو يفجر بها!
ثانيًا: يجب على تلك المرأة - حتى وإن تاب هذا الرجل - أن تُعامِلَهُ معاملةَ الرجال الأجانب، فلا تَظْهر أمامه إلا بحجابها الشرعي، ولا تختلي به، وأن تَحْذَرَهُ غايةَ الحذَر؛ لأن مُغازلته لها دليلٌ على عدم وجود النفرة النفسية عنده - التي تكون عند المحارِم - تجاه النساء.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
- التصنيف:
- المصدر: