معجبة بشاب.. فماذا أفعل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم جزيل الشكر على هذه الشبكة الأكثر من رائعة، فقد استفدتُ منها كثيرًا مِن خلال تصفحي لها، وأدعو الله لكم بالتوفيق والنجاح، والتقدم الدائم.
أنا فتاةٌ تعرفتُ إلى طبيبٍ كان يعالج أمي، وقد لَمّح لي أكثر مِن مرة أنه معجبٌ بي، لكن لَم أُعِرْهُ انتباهًا؛ لأنني لم أكنْ أُفَكِّر في الارتباط، وكان كل تفكيري موجهًا نحو دراستي، والسبب الأهم أنني أُؤمن بأن الزواج الصحيح هو الزواج القائم على التوافق من الناحية القلبية والفكرية، أما هذا الشاب فلم أجدْهُ ملائمًا لي، إلا من الناحية الفكرية.
هو شخصٌ طيب جدًّا كما يبدو عليه، ومحترم، ومن نفس جنسيتي الأصلية، ونفس الديانة، أما شكله فمَقْبُولٌ إلى حدٍّ ما، لكني لم أشعرْ بأي شيءٍ تجاهه.
مع تكرار الزيارات إلى عيادته رأيت مميزاته، وبدأت أعجب به، لكني لم أشعر بالحب تجاهه، فهل الارتباط بدون مشاعر الحب مقبول؟
وإذا كان الجوابُ: نعم، فكيف أجعله يفهم أني أُبادله نفس مشاعر الإعجاب؟
حاولتُ أن أُعَبِّر له بنفس الطريقة التي عَبَّر لي بها عن مشاعره، لكني فشلتُ لسببين:
الأول: أن أمي تعلم بالموضوع، وتتمنى أن أوافق عليه، ولكن بسبب خجلي منها لم أستطعْ أن أُعَبِّرَ له عن مَشاعري جيدًا؛ فلديَّ حياءٌ نوعًا ما.
والسبب الثاني: أنني عندما حاولتُ أن أنظرَ إليه بنفس طريقة الإعجاب التي نظر بها إليَّ لم أستطعْ؛ لأني لم أشعر بها فعلاً، ولأنه كان قد يَئِس مني، فلم يَعُدْ ينظرُ إليَّ تلك النظرات، ولم تتبقَّ سوى نظراتِ الاحترام ليس غير!
أفكِّر الآن في أن أُرْسِل له رسالةً لأعَبِّر له فيها عن مشاعري، فما الذي يجب أن أقوله له حتى أوصِّل له مشاعري دون المساس بكرامتي؟ وهل مثل ذلك الفعل سيسقطني من نظره، مع ثقتي بأن ردة فعله ستكون إيجابية، لكنني خائفةٌ، فلا أريد أن تتشوه علاقتي به بأي شكل من الأشكال؟
أرجو أن تشيروا عليَّ فأنا حائرة جدًّا، أخبروني ماذا يجب عليَّ أن أفعل؟
وجزاكم الله كل خير.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فقبلَ أن أُجيبَك عن استشارتك - أيتها الأختُ الكريمةُ - أُعَجِّل إليك بنصيحةٍ؛ وهي: أنَّ النظر لشابٍّ أجنبيٍّ والإعجابَ به أمرٌ محرمٌ شرعًا؛ فقد أمر اللهُ كلاًّ من الرجل والمرأة بِغَضِّ البصر؛ فقال سبحانه: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 30، 31]، ولكن تلك هفوةٌ ستتداركينها عاجلاً - بإذن الله تعالى - وتتوبين إلى الله منها لييسرَ لك أمرك.
والعلاجُ الناجعُ لذلك ولغيره مِن المعاصي هو أن تفْزَعي إلى اللهِ تعالى، وأن تسأليه سؤالَ المُضطر أن يكْشِفَ عنك السوء، وأن يُعينك على غضِّ بصرك، وأن يحصِّنك مِن الحرام، فلا بد لك مِن الاستعانة بالله تعالى؛ وقد علَّمَنا الله ذلك في كتابه العزيز فقال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]؛ أي: لا نعبُد سواك، ولا نستعين إلا بك، فأكْثري - رعاك الله - مِن الدعاء المأثور: «يا حيُّ يا قيومُ، برحمتك أستغيث، أصْلِحْ لي شأني كله، ولا تَكِلْني إلى نفسي طرفة عينٍ»، «ربِّ أعني ولا تُعِنْ عليَّ، وانصرني ولا تنصرْ عليَّ، وامكُرْ لي ولا تَمْكُرْ عليَّ، واهدني ويَسِّرِ الهدى إليَّ، وانصرني على مَن بغى عليَّ»، {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه: 25، 26].
تذكَّري - رعاك الله - أنَّ نظَر الله إليك أسرع مِن نظرك إلى هذا الشابِّ أو لغيره، فاستشعارُ رقابة اللهِ واطِّلاعه عليك يُسَهِّل عليك غض بصرك؛ قال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]، وخائنةُ الأعْيُن: هي النظرة الحرام وأمثالها.
وكذلك تذكَّري المفاسدَ التي يجلبُها التساهُل في أمر النظَر، والتي أقلُّها اشتغالُ القلب بغير طاعة الله، وذهاب حلاوة الطاعة، والخشوع في الصلاة؛ ولذلك نَصَحَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنَّ الأولى لك، والآخرة عليك»؛ أي: الأولى لا إثْمَ فيها؛ لأنها عفوٌ من غير قصدٍ، والثانية عليك؛ أي: إثمُها وضررُها عليك.
عن جريرٍ قال: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظرة الفجأة؟ فقال: «اصرفْ بصرك»؛ رواه أحمد.
وكذلك أحذرك من تخيُّل صورة الشاب، واستحضارها في الذهن، لأن هذا يتولَّد منه الحب، ثم العشق... وهكذا!
فاشغلي نفسك بطاعة الله، وبالمباح مِن الأعمال؛ فاللهُ يُحِبُّ مَعالي الأمور، ويكره سَفْسافها؛ كما في الحديث الصحيح، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خيرٌ، احرصْ على ما ينفعك، واستَعِنْ بالله ولا تعجزْ»؛ رواه مسلم.
أما جوابُ رسالتك فلا أُشير عليك بإرسال رسالةٍ، ولا أنصحك بهذا؛ فإنَّ هذه الطريقة غير مأمونة العواقب، ولا تُعرف نتائجها، ولا نعرف مِقْدار صلاح الرجل؛ فالمرأةُ لها أن تعرضَ نفسها على رجلٍ ليتزوجها، ولكن بشرط أن يكونَ صالحًا ليُقَدِّر الأمر، ولا يترتب على ذلك حطٌّ مِن قدْرِها؛ فاحذري - بارك الله فيك - فالسلامةُ غنيمةٌ باردةٌ لا يَعْدِلُها شيءٌ.
نعم، يمكن لأمك أن تلمحَ له أنه لو تقدَّم لخطبتك فسيُرَحَّب به، ويكون موضعَ قبولٍ، وما شابه من كلامٍ يُفهم منه فَتْح الباب له.
ولا يفوتني أنْ أذكرك بأن الشارع الحكيمَ قد حدَّ معايير لاختيار الزوج؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاءَكم مَن تَرْضَوْنَ دينَه وخُلُقَه فزَوِّجوه»؛ فالدينُ والخُلُق شرطان للقَبول عند التقدُّم، فانظري هل هو صاحب خُلُقٍ ودينٍ أو لا؟
قدَّر الله لك الخير حيث كان.
- التصنيف:
- المصدر: