خلاف بين معلمة وأسرة

منذ 2017-09-24

معلمة حصل حوار بينها وبين ولي أمر أحد طلابها، ورأت زوجته الحوار، وقطعت التواصُل بينها وبين المعلمة، وهي تريد أن تثبت براءتها، لكن الزوجة ترفض أن ترد على اتصالاتها.

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا معلمة ولديّ نشاطات في المجال الخيري، أعرف ولي أمر لديه ثلاثة أبناء يدرسون عندي، وهم جيراني، والرجلُ في قمة الأدب، وهو مهتمٌّ بتدريس أولاده، ولديَّ رقْمُ هاتفه، وزوجته تعلم هذا، وأنا أعرفها جيدًا.

أرسلتْ لي رسالةً تُخبرني فيها بعدم الاتِّصال بها مرةً أخرى، وهدَّدتني بإخبار أهلي عن أمور لا أعلمها!

اتصلتُ بزوجها، وأخبرتُه بما حصل من الزوجة، فأخبرني: بأنها وجدتْ رسالةً منك على هاتفي تسألين فيها عن الأولاد، وَوَجَدَتْ ردي عليك حينها!

وهذا قد حصل عندما غاب الأولاد، ووجدتُ هاتفَها مغلقًا، فاضطررتُ لإرسال الرسالة على زوجها لمعرفة الأمر، ولم تكن لي أي نية أو غاية أخرى غير ذلك.

المشكلة أن الزوجة الآن غاضبة مني، ولا تَرُدُّ على الهاتف، وأخرجت الأولاد من المسجد، ولا تريد أن تتواصَل معي لا برسالة أو بالهاتف.

أفيدوني كيف أتصرَّف وأوَضِّح لها الأمر؟

أنا حزينة لما حصَل، وأريد أن أثبت لها براءتي

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإن مَنْ يتأمَّل رسالتك أيتها الأخت الكريمة يُدرك الحكمةَ الشرعية البالغة مِن مَنْع تعامُل الرجل مع المرأة، إلا إذا دعت الضرورةُ أو الحاجة، وأنه متى كانتْ هناك وسيلةٌ أخرى غير التعامُل المباشر وجَب المصيرُ إليها، فليكنْ في تلك المشكلة موعظةٌ لك في المستقبل.

وليس معنى كلامي أنك وقعتِ في أمر مُحَرَّمٍ، أو أنك قد تعدَّيْتِ حدودَ الشرع، كلاَّ، فأنا لم أقصدْ هذا، فالمرأةُ لها أن تُكَلِّم الرجال إن دعتِ الحاجةُ لذلك، ولكن ما أريد أن أقوله: إن الشارعَ الحكيمَ سَدَّ على الإنسان جميعَ المنافذ التي تُفضي إلى الاختلاط؛ سدًّا للذريعة، ومِن ثَمَّ حرَّم أشياء هي في نفسها مباحة؛ كالخلوة بالأجنبية، أو سفر المرأة بغير محرَم؛ لما قد تُفضي إليه من مفسدةٍ، وهذه المحنةُ التي تَمُرِّين بها، وإن كان الصبرُ فيها اضطراريًّا بمنزلة الأمراض والمكاره، إلا أن في الصبر عليها أجرًا، وخبرات حياتية ومهنية تتعلمينها؛ منها: عدم التواصُل مع الرجال، وإن كان القصدُ حسنًا؛ حتى لا تُفاجئي بزوجة شديدة الغيرة كتلك التي تتحدثين عنها، فتحملَ فِعلك على أسوأ محامله، وتُؤْذَيْ منها.

أما ما يجب عليك فِعْلُه، فالذي يظهر أن شدة غيرة تلك المرأة لن تجعلها تصغي لسماع شيء إلى أن تهدأ ثورتها، غير أنه يجب عليك الذَّبُّ عن نفسك ببيان الحق، كما فعل الكريمُ بن الكريم بن الكريم بن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، لَمَّا قالت امرأة العزيز: {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يوسف: 25]، فقال عليه السلام:  {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} [يوسف: 26]؛ أي: طلبتْ مني الفاحشةَ فأبيتُ وفررتُ.

والله تعالى جعل للحقِّ والصدق علامات وأمارات تدُلُّ عليه، يعلمها العبادُ، وقد لا يعلمونها، وأنت ما أرسلتِ تلك الرسالة إلا بقصد حسنٍ، والله تعالى يقول: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 91]، فبإحسانك فيما تفعلينه مع الأبناء مِن حقوقٍ أسقطتِ توجه اللوم إليك، والعبدُ إذا أحْسَن فيما يقدر عليه، سقط عنه ما لا يقدر عليه، وتلك سنةُ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم؛ أعني: عدم اللوم على مَن أراد الإحسان وإن أخطأ الوسيلة أو في الفعل، كما فعل مع أبي بكرة، لما ركع قبل أن يصلَ إلى الصف، فقال له صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصًا ولا تَعُدْ»، ولم يَلُمْهُ أو يُعَنِّفْه لما ما ظهَر منه من حِرْصٍ على الخير.

فرَّج الله كربك وكُروب المسلمين.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 19,442

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً