تسلط القرين يفقدني الخشوع في الصلاة
فتاة توفِّيَتْ جدتها، ومِن بعدها وهي تشكو مِن حُدُوث حالات غريبة لها؛ فتشعر بثقلٍ في الجسَد، وضيقٍ في التنفس، ودوارٍ، خاصَّة أثناء الصلاة، مما يجعلها تُسْرِع في إنهاء الصلاة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاةٌ مُلتزمة بالصلاة، وأحاول أن أخشعَ فيها، وأسعى إلى فِعل الطاعات، إلى أن أصابني شيءٌ لا أعلم ما هو!
إحساس غريبٌ أشعر به فجأةً يَمنعني مِن إتمام العمل؛ أشعُر أنَّ جسمي ثقيل، وكأني لا أستطيع الحركة، كما أشعُر بِضيقٍ في التنفُّس، وأحيانًا أشعُر بدوار، خاصة أثناء الصلاة، مما يجعلني أسرع لإنهاء الصلاة، ولا أركِّز فيها.
حدَث هذا معي منذ وفاة جدتي، ثم اختفى، ثم عاد بشدة أثناء وُجودي في الغربة.
أرجو أن تُساعدوني على التخلُّص مِن هذا الشعور، وجزاكم الله خيرًا.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فأيتها الأخت الكريمة، شَفاك الله وعافاك، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يَشفيك.
ما تشعرين به مِن أعراضٍ غريبة عليك هي عرَض مِن أعراض تسلُّط قرين الجِنِّ عليك، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان يَجري مِن الإنسان مجرى الدم»، وكذلك روى مسلم عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم مِن أحدٍ إلا وقد وكل به قرينه مِن الجِنِّ»، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: «وإياي، إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسْلَم، فلا يأمرني إلا بخيرٍ».
فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم هو مَن عَصَمَهُ الله وسلَّمَهُ مِن أذى الشيطان في جسمِه وخاطره ولسانه، أما غيرُه مِن عموم بني آدم فيتسلَّط عليهم الشياطين؛ طالحيهم وصالحيهم، فلا ينجو منهم إلا مَن توكَّل على اللَّه تعالى، فيحفظه مِن كيدهم؛ كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36]، و {يَعْشُ}: أي: يُعرض ويصُدّ.
وفي تلك النصوص وغيرها الكثير تحذيرٌ مِن فتنة القرين، ومِن وسوسته وإغوائه، ولا يخفى عليك أنَّ إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا أنه معنا قرين لحِكَمٍ جَلِيَّةٍ، أظْهَرُها أن نحترزَ منه، ونَلْتَجِئ إلى الله في دفْعِه.
وقد ذكرتِ سلمك الله أنَّ ما تشعرين به مِن أعراض قد بدأ معك منذ وفاة جدتك، ثم عاودك وأنت في الغربة، وهكذا تسلُّط القرين على الإنسان بالأعراض التي تصيبك يكون غالبًا بعد أزمةٍ نفسيةٍ، أو مشكلة، أو غير ذلك مما يهز الإنسان هزةً شديدة، تجعَل الشيطانَ يتسلَّط أكثر وأكثر، والله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.
أما العلاجُ الناجعُ لحالتك فيكون باستعمال الرقية الشرعية، والمُواظَبة على قراءة القرآن الكريم بتدبُّر، والمحافَظة على أذكار الصباح والمساء، والإكثار مِن ذِكْرِ الله عزَّ وجل، والالتجاء إليه سبحانه، والتضرُّع إليه بالدُّعاء، وأداء الفَرائض.
أما الرقية فأكْثِري من قراءة سورة (ق) و(الدخان)، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: 38]، {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: 36 - 38]، اقرئيها جميعًا على كوبٍ مِن الماء مرة أو مرتين يوميًّا، مع بقية الرقية التي ذكرناها على موقعنا في استشارة: رقية النفس وتجديد الهمة للعمل.
كرِّري ذلك لعدد مِن الأيام، وستشعرين بتحسُّن إن شاء الله تعالى، ثم واظبي بعد ذلك على قراءة سورة (ق).
أعاذنا الله وجميع المسلمين من نزغات الشياطين.
- التصنيف:
- المصدر: