نفقة الأب على بنته المتزوجة

منذ 2017-10-06

سيدة متزوجةٌ وزوجُها يعمل وراتِبُه قليلٌ جدًّا، مما يجعلها تَقْتَرِضُ مِنْ والدِها، وتعجز عن السَّدِّ في أحيان كثيرةٍ، وتسأل: ماذا أفعل فيما لا أستطيع أن أسددهُ لوالدي لكثرة الالتزامات؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة مُتزوِّجة، وزوجي دخْلُه ضعيفٌ جدًّا، لا يُوَفِّي احتياجاتنا، ووالدي له معاش كبيرٌ، ويعيش معنا، ويحدِّد لي مَبلغًا من المال شهريًّا كمساعدة منه لنا، وأحيانًا لا يكفي ما آخذه؛ فأستأذنه في اقتراض مال آخر فيسمح لي، ومع كثرة الطلبات والالتزامات لا أستطيع أن أسدد ما أخذتُه.

فما رأيكم فيما لا أستطيع أن أسدده لوالدي؟

أفيدوني جزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فأسأل الله أن يُوَسِّعَ عليك، وأن يرزقك وزوجك مِن حيثُ لَم تَحْتَسِبَا.

أوْجَبَ الشارعُ الحكيمُ أيتها الأخت الكريمة على الأب الغنيِّ أن يُنْفِقَ على أولاده المعسرين، وهذا إجماعٌ مِن الأئمة، وكذلك تَجب نفقة سائر الأصول وهم الآباء، والفروع وهم الأبناء مهما علوا أو نزلوا عند الجمهور.

ويتحقَّق الإعسارُ بالنسبة للمنفق عليه لعدم وجود الكفاية؛ كُلاًّ أو جزءًا مع العَجْز عن الكَسْب.

والذي فهمتُه مِن كلامك أن الوالد الكريم عنده فائضٌ من المال تقترضينه منه، وأنت لا تجدين كفايته، ولستِ قادرةً على الكسْبِ، وزَوْجُك دَخْلُه لا يكفي، فيجب عليه وُجُوبًا شَرْعيًّا النفقة عليك، فبَيِّنِي لوالدك أن إعانته أو مساعدته على إكمال النفقات هي واجبٌ عليه، وليس دينًا في ذمتك، فالشارعُ قد أوجب على الأبِ سد حاجة أبنائه عندما يكون الواحدُ منهم مُحْتاجًا، وإن كانوا كبارًا مُتزوجين.

إذا تقرَّر هذا، وكان ما اقترضته من والدك مقدار ما تحتاجين حقيقةً لحاجتك الأصلية من الطعام والشراب والسكن، فلا يَلْزمك شيء من ذلك الدين؛ لأنَّ زوجك مُعسر، فيجب عليه نفقة المعسرين باتفاق العلماء، وهي ما تأخذينها ولا تكفيك، فعاد الأمر لوالدك ما دام مُستطيعًا، وهناك فاضل عن نفقة نفسه.

هذا؛ وممن قال: إن نفقة البنت لا تسقط عن أبيها إن كان زوجها فقيرًا، وأنه مُلْزَمٌ بنفقَتِها - فقهاء المالكية، كما قال الإمام الخرشي المالكي في شرحه على مختصر خليل (4/ 204): "ولا يُسقِطُها تزويجُها مِن فقير؛ يعني: أن نفقةَ الأم لا تَسْقُط عن الولد بسبب تزويجها مِن رجلٍ فقيرٍ أو غني، ثم افتَقَر، فإنَّ وجودَه كالعدم، وكذلك مَن الْتَزَم نفقةَ امرأة لا يُسقِطُها تزْويجُها بفقيرٍ، وأما إن تزوَّجَها غنيٌّ فتَسْقُط نفقتُها عنه ما لم تقمْ قرينةٌ على خلاف ذلك.

تقرير: ومِثْلُ الأم في ذلك البنتُ، ولو قدَرَ الزوجُ على بعض النفقة تَمَّمَ الابنُ أو الأب باقِيَها".

والله أسأل أن يَصُبَّ علينا الرِّزْق صبًّا، وألا يجعل عيشَنا كدًّا.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 22,838

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً