صديقتي ترفض النصيحة فهل أهجرها؟

منذ 2017-10-12

فتاة تشكو مِن صديقتها المتعلقة عاطفيًّا برجل أجنبي لا يريد الزواج منها، وهي تخاف عليها أن تقعَ في علاقة محرَّمة، وقد نصحها كثيراً لكنها لا تتغير، وتسأل: إذا توقَّفْتُ عن مساعدتي لها فهل أعدُّ صديقةً غير وفية وغير متعاونة؟

السؤال:

 السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

جزاكم الله خيرًا على ما تُقَدِّمون لنا من خبرات، فقد استفدتُ من استشاراتكم.

مشكلتي أن لديَّ صديقة تكبرني، وكلتانا غير متزوجة، أخبرتْني صديقتي أنها مصابة بسحر، وأن الجنِّي يُعَطِّلها عن الزواج، ويُبعد الرجال عنها؛ فقد كانت مخطوبة مرتين، وفسخت خطبتها بسبب إحساسها أن خطيبَها يخونها، فيَدْفعها ذلك للبحث والتحرِّي، فتكتشف أنه يَخونها بالفعل!

أما خطيبُها الأول فاكتشفتْ أنه يَخونها، وضبطتْه مُتلبِّسًا مع فتاةٍ أخرى، وأما خطيبها الثاني فاكتشفتْ أنه متزوِّج، وهي على علاقة عاطفية برجل منذ سنوات، وأخْبَرَها منذ البداية أنه لا يَنوي الزواج بها، لكنها لا تستطيع مُفارقته.

ترقي نفسها، لكن لا أرى تغيرًا في حالها، وأنا تعبتْ من حالتها للأسباب التالية:

• حالتُها مُرتبطة بالوسواس، فهي دائمًا تشكُّ في صديقاتها وأنهنَّ يُحاولْنَ سلبَ حبيبها منها، حتى أنا لم أسلمْ من هذا الوسواس؛ حتى إنها طلَبَتْ أن أقسم بالله أني لا أكلِّم حبيبها، مع أني كنتُ على علاقة برجل أحببتُه، واتفقنا على التعارف لمدة 3 أو 4 أشهر لا أكثر؛ حتى نتفق على الزواج، لكن الأمرَ لم يتمَّ، وانقطعت العلاقةُ، والحمد لله ندمتُ، وتبتُ إلى الله.

• حاولتُ مساعدتها بالنصائح النفسية والدينية؛ حتى إنني طبعتُ مُؤَخَّرًا إحدى الاستشارات وطلبتُ منها قراءتها والاستفادة منها، لكن كل محاولاتي باءتْ بالفَشَل، وحاولتُ أن أخبِرَها بأنه لن يتزوَّجها، لكنها مُصِرَّة على علاقتها؛ بحجة أنها تحبه، وأنني لا أفهمها.

• أتحدَّث معها يوميًّا لأجعلها تبتعد عن هذا الرجل، فأجدها تُذَكِّرني بعلاقتي بالرجل الذي تركتُه، وتضعني معها في مُقارنة، فطلبتُ منها ألا تأتي بسيرة ذلك الرجل؛ لأني أريد أن أنساه، ولا أريد أن أقعَ في الحرام مرةً أخرى.

• تعبتُ منها، ولم أعُدْ أستطيع مساعدتها أو نُصحها؛ لأني أتعذَّب مِن حديثها، وأرى نفسي أتعب بدون فائدة، فهي لا تُحاول إصلاح نفسها، مع أنها تدَّعي ذلك، لكنها لا تبذُل أي مجهود.

• أصبحتُ أتفادى الرد على مكالماتها، وإن فعلتُ فيكون في آخر الليل؛ حتى لا أطيل، ولأخبرها أنني مُتعَبَة وعندي عمل في الصباح!

سؤالي: إذا توقَّفْتُ عن مساعدتي لها فهل أعدُّ صديقة غير وفية وغير متعاونة؟ مع أنني اليوم لا أملك لها سوى الدعاء، فهذا أقل الإيمان.

وجزاكم الله خيرًا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فرسالتك أيتها الأخت الكريمة مما تثير الحزن في النفوس على أحوال المسلمين، على ما وصل إليه الحالُ بسبب البُعد عن الله تعالى، والحمد لله الذي مَنَّ عليك بالتوبة، وعدم التمادي في ذلك الطريق المظلِم.

أما صديقتُك فحالُها حال كثيرين ممن بنى أمره على ألا يقفَ عن ذنب، ولا يقدمَ خوفًا، ولا يدَع لله شهوة وهو فَرِحٌ مَسرور يَضحك ظهرًا لبطن؛ إذ ظفر بالذنب، فهذا الذي يخاف عليه أن يُحالَ بينه وبين التوبة، ولا يُوَفَّق لها، فإنه مِن معاصيه وقبائحه على نقد عاجل يتقاضاه سلفًا وتعجيلاً، ومن توبته وإيابه ورجوعه إلى الله على دين مؤجل إلى انقضاء الأجل، وإنما كان هذا الضرْبُ مِن الناس يُحال بينهم وبين التوبة غالبًا لأن النُّزوع عن اللَّذَّات والشهوات إلى مخالفة الطبع والنفس والاستمرار على ذلك شديدٌ على النفس، صعبٌ عليها، أثقل مِن الجبال، ولا سيما إذا انضاف إلى ذلك ضعفُ البصيرة وقلة النصيب من الإيمان، فنفسُه لا تُطوع له أن يبيعَ نقدًا بنسيئة، ولا عاجلاً بآجل؛ قاله ابن القيم في مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 284).

أما ما يجب عليك فِعْلُه تجاهها فهو: هَجْرُها في الله؛ فقد شرَع الله لنا هجْر أصحاب المعاصي إن كان يترتَّب عليه مصلحة، لأني أخشى عليك الفتنة في الدين، والوُقوع فيما حرَّم الله عز وجل، وقد اتفق العلماءُ على هذا؛ قال ابن حجر في "فتح الباري" (17 / 245): "قال ابن عبد البر: أجْمَعُوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث، إلا لمن خاف مِن مكالمته ما يفسد عليه دينه، أو يدخل منه على نفسه أو دنياه مَضَرَّة، فإن كان كذلك جاز، وَرُبَّ هَجْرٍ جميلٍ خيرٌ من مُخالَطة مُؤذية". اهـ.

فإن كنتِ لا تخافين على نفسك الفتنة، فلا تَهْجُريها، وابذلي إليها ما في استطاعتك من النُّصح، وبَيِّني لها خطورة المعاصي وفضْلَ التوبة، وأن التائب مِن الذنب كمَن لا ذنب له.

فإن لمستِ منها أو غلب على ظنك أنَّ هَجْرَها أنفع مِن وصْلِها، أو لم تُجْدِ معها النصيحةُ، وَرَجَوْتِ أن يؤثرَ فيها الهجرُ، فإنها تُهجَر.

لأنَّ في الهجر تعزيرًا وردعًا لها؛ لعلها تتوب.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 0
  • 33,171
  • ismail

      منذ
    <a>السلام عليكم</a> <style> a{ color:red; } </style>

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً